"تقليص مدة انتظار السفن في الموانئ ولا تراجع عن تجميد الموانئ الجافة" اتخذت المديرية العامة للجمارك إجراءات جديدة لمراقبة السلع والبضائع المستورة على مستوى الحدود. وأمرت بالتعجيل في تطبيق تدابير أخرى تقضي بتخفيض مدة انتظار السفن التجارية في عرض البحر. ويقدر الخبراء متوسط تكلفة بقاء السفينة في عرض البحر وعدم تفريغ حمولتها، يتراوح ما بين 8 آلاف و12 ألف دولار يوميا، أي بمعدل يقدر بحوالي 10 آلاف دولار. وتظل الجزائر تتذيل بلدان المغرب العربي في مدة بقاء السفن دون معالجة، إذ تقدّر ما بين 6 و12 يوما، مما استدعى تحرّك السلطات لتدارك الوضع وتحريك المبادلات التجارية لمواجهة تداعيات انهيار المداخيل بسبب الأزمة النفطية. وكشفت مراسلة المديرية العامة التي جاءت في أربع صفحات تحت رقم 1069، أن هذه الخطوة جاءت بعد "تعليمة الوزير الأول عبد المالك سلال رقم 353 المتعلقة بإدراج إصلاحات مستعجلة لتحسين مناخ الأعمال في الجزائر" وتضمنت التعليمة الحكومية منشورا وزاريا مشتركا وقعه وزراء المالية والنقل والتجارة حدد عدة تدابير تقضي بتخفيف إجراءات المراقبة التجارية والجمركية على السلع التي تدخل الحدود من خلال استحداث التصريح الإلكتروني والشباك الوحيد للمتعاملين الاقتصاديين. وأشارت مراسلة المدير العام للجمارك إلى نقطتين أساسيتين تتعلقان بمرور السلع والبضائع على الرواق الأخضر المعفى تماما من أي مراقبة مسبقة للجهات الجمركية والإدارية والتجارية وأخرى تتعلق بدخول البضائع على الرواق البرتقالي والأحمر ويستلزم من خلالها حضور المتعامل أو من يمثله للقيام بالمعاينة المادية للسلع والمنتوجات التي لا يمكن أن تتعدى 48 ساعة في انتظار إجراء التفتيش الجمركي وانتظار نتائج التحليل المخبري التي تأخذ وقتها الطبيعي. ويأتي تحرك الحكومة لاحتواء غضب المتعاملين الوطنيين والأجانب الذين عادة ما اشتكوا من تعقيدات مشددة في مراقبة البضائع تتسبب عادة من اختناق الموانئ بفعل تكّدس السفن في عرض البحر. وكانت شكاوى لمستثمرين في عدّة مجالات استلمتها الوزارة الأولى قد استنكرت بقاء الجزائر من الدول النادرة غير المعتمدة لتكنولوجيات الشباك الوحيد في معالجة تعاملاتها التجارية، حيث يظل مسار الاستثمار في الجزائر يواجه كوابح بالنظر إلى تعدد الفاعلين والجهات المعنية بالمسار، والتي تضفي غموضا كبيرا عليه وتفتح الباب أمام اختلالات وثغرات من خلال قضايا الفساد التي برزت خلال العشرية السابقة، إضافة إلى عزوف المتعاملين الاقتصاديين الأجانب عن الاستثمار في الجزائر، وهو ما عكسته الأرقام الصادرة عن الهيئات الدولية وعلى رأسها منظمة الأممالمتحدة للتنمية والزراعة. وذكرت المديرية العامة للجمارك حسب نص التعليمة، أن "الإجراءات الجديدة من شأنها أن تعمل على تقليص عدد كبير من الخروقات الممارسة على مستوى الاستيراد خاصة في مجال النقل البحري، منوّها بالدور والفائدة التي تعود على الاقتصاد الوطني من خلال تنفيذ محتوى التعليمة وتطبيقها. كما تهدف إلى تقليص الملايير التي تصرف في مجال الجمركة وبقاء البواخر التجاريّة بأرصفة الموانئ. وكانت الحكومة قد قرّرت وقف منح التراخيص بإنشاء الموانئ الجافة التي كانت تستفيد منها شركات الشحن البحري الأجنبية بطريقة غير قانونية وبتواطؤ مع بعض الخواص. وأشار تقرير رسمي إلى أنّ استغلال الموانئ الجافة عبر الولايات ساهم بشكل كبير في بروز ظاهرة التهريب المقنّع للعملة الصعبة على مدار السنوات الماضية وفقا لتحرّيات ميدانية قامت بها عدّة مصالح. وتتحدث الإحصائيات الحكومية عن خسائر مالية جسيمة بلغت أكثر من 6 ملايير دولار سنويا منذ سنة 2009، وبالتالي فإن الدولة تكون قد ضيّعت مبالغ ضخمة تجاوزت 42 مليار دولار في ظرف 7 سنوات. وتسيطر على قطاع الشحن البحري للحاويات والبضائع في الموانئ الجزائرية 4 شركات أجنبية أضحت تفرض منطقها في غياب تشريعات صارمة تحمي الاقتصاد الوطني، حيث لجأت تلك الشركات إلى إلزام المستوردين المحليين بالدفع بالعملة الصعبة في حساباتها خارج البلاد قبل شحن السلع، بعد قرار بنك الجزائر ممارسة قيود قانونية على عمليات تحويل الأرباح إلى الخارج التي تقوم بها شركات الشحن البحري والخدمات الملحقة.