تغير كبير سيطرأ على العلاقات الدولية بفعل الزلزال السياسي الناتج عن انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدةالأمريكية الذي سيحدث تغييرا كبيرا على سياسة بلاده الداخلية والخارجية كالهجرة السرية والتعامل مع المسلمين والاتفاقات الدولية التي تعد أمريكا طرفا فيها ومنها اتفاقية باريس لمكافحة الاحتباس الحراري التي وقعت عليها 195دولة نهاية السنة الماضية في فرنسا وصادقت عليها الولاياتالمتحدةالأمريكيةوالصين بداية سبتمبر الماضي في قمة العشرين بالصين واللتان تساهمان بنسبة 40بالمائة من الإنبعاثات العالمية للغازات الملوثة وكان من المنتظر أن تدخل اتفاقية باريس حيز التنفيذ هذه السنة حيث عملت الصين والإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس باراك أوباما على توفير دعم دولي كبير لدعم هذه الاتفاقية التاريخية لكن مجيئ ترامب للبيت الأبيض وصف بالكارثة من قبل المشاركين في القمة 22بمراكش المغربية وأصيبوا بالإحباط نظرا لموقفه المعادي لها فهو يعتبر التغير المناخي وارتفاع حرارة الأرض مجرد خدعة من الصين للتأثير على الاقتصاد الأمريكي وقد تعهد بالانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ وابطال الكثير من الإجراءات التي اتخذها أوباما لمكافحة تغيير المناخ وقد عين مايرون إيبل المشكك المعروف في قضية تغير المناخ للمساعدة في التخطيط لتولي وكالة حماية البيئة التي وضعت الأنظمة البيئية للإدارة الأمريكية مثل خطة الطاقة البديلة ومعايير كفاءة السيارات والشاحنات. ويظهر التخوف من خلال التصريحات المسجلة حيث دعا الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ترامب لاحترام اتفاق باريس حول المناخ وأكد الأمين العام السابق للأمم المتحدة السيد بان كي مون أن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب لن يعرض اتفاق باريس حول مكافحة الاحتباس الحراري للخطر رغم تصريحاته السابقة المثيرة للقلق وقال أنه متاكد ان ترامب سيتفهم أهمية وخطورة هذه القضية. وقالت وزيرة البيئة الفرنسية ورئيسة منتدى المناخ سيغولين رويال أن ترامب لا يستطيع إلغاء أو منع تطبيق اتفاقية باريس للمناخ التي صادقت عليها 103 دولة تمثل 70 بالمائة من انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري. وقال لورانس توبيان كبير المفاوضين الفرنسيين للمناخ أن ترامب لا يمكنه تحدي العلم وقوانين الطبيعة التي تبقى ثابتة ولا تتغير بسبب الانتخابات الأمريكية. ويبدو أن الصين المنافس القوي لأمريكا وشريكها في اكبر نسبة من التلوث على استعداد لتولي قيادة دول العالم لمكافحة الاحتباس الحراري خلفا للولايات المتحدةالأمريكية في حالة انسحابها من اتفاقية باريس فقد صرح زاو جي نائب مدير المركز الوطني الصيني لإستراتيجية تغير المناخ والمفاوض الرئيسي في محادثات المناخ أن اتخاذ إجراء فعلي لمكافحة المناخ سوف يحسن صورة الصين دوليا وقال إن تخلي ترامب عن جهود تنفيذ اتفاق باريس فمن المرجح أن يزداد نفوذ ومكانة وقوة الصين في العالم وقد دعا البيان الختامي لقمة مراكش (كوب22) إلى التزام سياسي على أعلى مستوى لمواجهة التغير المناخي باعتباره أولوية مستعجلة وان اتفاقية باريس أصبحت حقيقة واقعية وان درجة حرارة المناخ آخذة في الارتفاع بوتيرة مقلقة وغير مسبوقة وتعين اتخاذ تدابير انية لمواجهتها ويدعو إلى تضامن اكبر مع الدول عرضة لآثار التغير المناخي وتعزيز قدراتها على التكيف والصمود. من العجيب أن الصين عارضت لسنوات محاولات الحد من انبعاث الغازات وطالبت ان تتاح لها فرصة عادلة للنمو الاقتصادي والصناعي كتلك التي نالتها الدول الصناعية من قبل والادعاء أن ظاهرة الاحتباس الحراري مجرد خدعة صينية لا يثبت لأن العلماء وخبراء المناخ في الغرب هم الذين اكتشفوه وتحدثوا عنه وحذروا من عواقبه الوخيمة على الطبيعة والبشر وقد امتنعت الصين في البداية عن اتخاذ إجراءات للحد منه قبل أن تقتنع بذلك وتصبح من الداعين لمحاربته ولا شك أن ضغوطا دولية وداخلية ستمارس على الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة دونالد ترامب من أجل تليين مواقفها والالتزام بالتعاون الدولي لحل القضايا الملحة التي تحدق بدول وشعوب العالم وفي مقدمتها قضية الاحتباس الحراري الذي سيؤدي إلى إغراق العديد من الجزر في المحيطات منها جزر المالديف الجميلة وانتشار المجاعة والأوبئة في مناطق أخرى خاصة في أفريقيا ففي الصومال يسود الجفاف الذي يعاني منه حوالي مليوني شخص (2مليون شخص) كما كشف عنه هذا الأسبوع علما أن قمة المناخ في فرنسا السنة الماضية وقمة مراكش التي نظمت الأسبوع الماضي لم تقتصرا على معالجة ارتفاع الحرارة ومحاولة تخفيضها بل تطرقت إلى مختلف جوانب التنمية المستدامة ومحاربة الفقر بمساعدة الدول الفقيرة ماليا ونقل التكنولوجيا إليها والبحث عن المصادر البديلة للطاقة للحصول على الطاقة النظيفة ولهذا من المستبعد أن تنعزل الولاياتالمتحدة عن المجتمع الدولي.