وجه رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة كلمة بمناسبة الذكرى المزدوجة لتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين والذكرى ال 40 لتأميم المحروقات هذا نصها الكامل ."أخواتي العاملات اخواني العمال أيتها الجزائريات ايها الجزائريون يكتسي يوم 24 فبراير لما يحمله من معان جليلة أهمية خاصة في تاريخ الأمة. فقد شهد من جهة ميلاد الاتحاد العام للعمال الجزائريين بصفته حركة نقابية وطنية انخرطت كلية في معركة استرجاع السيادة الوطنية وشكل من جهة أخرى ابرز حدث في المعركة الرامية الى استرجاع سيادتنا كاملة غير منقوصة على ثرواتنا الوطنية وجعلها محركا لتنميتنا . ومن ثمة يتيح لنا احياء هذا التاريخ الفارق في مسار امتنا التاريخي الفرصة لتجديد تقديرنا وعرفاننا للرجال والنساء الذين وقفوا بفضل شجاعتهم ونكرانهم للذات وتضحياتهم الى تحقيق حلم شعب بأكلمه ببلوغ السيادة السياسية أولا ثم السيادة الاقتصادية. إن احياء ذكرى 24 فبراير تمنحنا سانحة للتذكير بالصلة الوثيقة التي تربط 24 فبراير 1956 و24 فبراير 1971 .فهذان التاريخان يقيمان الدليل على ارادة شعبنا وعزمه على تحقيق سيادته كاملة وعلى تسخير ثرواته الوطنية لخدمة رخائه. من هذا المنطلق فإنني أسعد مرة اخرى بتوجيه صادق التحية بهذه المناسبة الى كافة العمال والعاملات وكافة المواطنين والمواطنات . إخواتي العزيزات اخواني الاعزاء لقد تم تحقيق انجازات هامة خلال العشرية الماضية واتخاذ اجراءات هامة في مجال ضبط الاقتصاد من اجل تأمين توجيه افضل للنشاطات الاقتصادية . شملت هذه الاجراءات بصفة خاصة اعادة رسم السياسة العمومية في مجال ترقية الاستثمار واسهام الدولة في بعث نشاط الاداة الصناعية العمومية ودعم تأهيل المؤسسات الخاصة الجزائرية الى جانب مختلف التشجيعات المقدمة للمؤسسة وللانتاج المحلية . من جهة اخرى اتاح التسيير الرشيد والحذر للموارد الوطنية الحفاظ على مسار النمو والابقاء على مجهود الاستثمار والتنمية بل تعزيزه مع تشكيل مدخرات خارجية استراتيجية تمكن البلاد من التفكير في المستقبل بكل ثقة واطمئنان . لقد استفاد العمال من استئناف النمو سواء من خلال المجهود المبذول لتحسين الظروف المعيشية لكافة الساكنة أو من خلال ارتفاع المداخيل . وبالموازاة مع تحسين المداخيل ترتكز السلطات العمومية على سياسة تحويلات اجتماعية للحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين وتحسينها خاصة من خلال دعم اسعار العديد من المنتجات والخدمات التجارية (الوقود والكهرباء والغاز والسكن والماء والحبوب والحليب ومشتقاته والكراء ...) فضلا عن التحويلات الموجهة للفئات المحرومة من خلال التضامن الوطني . اخواتي العزيزات اخواني الاعزاء يشكل انشاء مناصب الشغل والتقليص من رقعة البطالة هدفا من الأهداف الاستراتيجية للسياسة التنموية الوطنية .فبفضل الجهود المبذولة من خلال البرامج الاستثمارية العمومية الهامة وانشاء مناصب الشغل من قبل المؤسسات وبفضل مختلف الاجراءات المتوخية تسهيل الادماج المهني للشباب طلاب الشغل لأول مرة وآليات التشجيع على انشاء المؤسسات المصغرة من قبل الشباب طلاب الشغل لأول مرة والعاطلين اصبحت البطالة التي قاربت سنة 1999 نسبة 30 % لا تتجاوز 10 % سنة 2010 . لهذا الغرض تم اتخاذ جملة من الاجراءات التي تمكن الاقتصاد من ان يحل محل الآليات العمومية في انشاء المناصب والمؤسسة الجزائرية من أن تسهم على نحو افضل في انشاء مناصب الشغل. من هذا الباب تم تعزيز آليات ومصادر تمويل المؤسسة من خلال انشاء صندوق وطني للاستثمار قادر على تعبئة ما يفوق 1500 مليار دج موجهة للقروض . من جهة اخرى تم انشاء صندوق استثمار محلي على مستوى كل ولاية تسيره البنوك من اجل تسهيل تعبئة رأس مال المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تحظى بعناية خاصة من قبل السلطات العمومية . بالفعل تم بذل جهود هامة لفائدة هذه الفئة من المؤسسات خاصة من خلال انجاز مراكز التسهيل ومحاضن المؤسسات ومن خلال تعزيز آليات ضمان القروض واحداث آليات جديدة لتمويل وتنفيذ برنامج وطني للتأهيل سيشمل 20.000 مؤسسة صغيرة ومتوسطة خلال الفترة 2010-2014 أما فيما يخص اعادة تأهيل المؤسسة العمومية فتجدر الإشارة الى أن سياسة إنعاش الصناعة الوطنية المنتهجة وفقا لما يمليه المنطق الاقتصادي ستسمح بتجهيز المؤسسات بوسائل معتبرة واعطائها فسحة لتحديث نشاطها واعادة احيائه يدعمها في ذلك الطلب العمومي الذي سيشكل قاطرة الانعاش واعادة تأهيل الصناعة الوطنية. كل هذه الاجراءات تندرج في مسعى شامل يتوخى تعزيز وتحديث وتنويع الاقتصاد الوطني حتى يتساوق والظروف الدولية من جهة ويتحرر من التبعية للمحروقات ويعيد تأهيل المؤسسات من جهة اخرى . اخواتي العزيزات اخواني الاعزاء ستتواصل بكل عزم محاربة البطالة وبالاخص بطالة الشباب وفي هذا المنظور حددت هدفا لهذه الخماسية يتمثل في انشاء 3 ملايين منصب شغل نصفها سيتولد من النمو الاقتصادي بفضل الاستثمارات الضخمة التي سيتم ضخها خلال هذه الفترة ونصفها الآخر ستحدثه الآليات العمومية لترقية التشغيل . اخواتي العزيزات اخواني الاعزاء لقد مكن تنفيذ برنامج 2005 - 2009 الفارط البلاد من قطع اشواط هامة باتجاه الرقي الاقتصادي والاجتماعي ودعم النتائج المحققة بفعل تنفيذ برنامج 2001- 2004 الذي مكننا من ولوج مرحلة نمو مستدام في سياق اقتصادي كلي تم تطهيره . أن البرنامج التنموي الخماسي الذي انطلق سنة 2010 سيعزز اكثر مسار النمو الاقتصادي مع ايلاء اهمية خاصة لتحسين ظروف معيشة المواطنين ومؤشرات التنمية البشرية وهو ما يستوعب ما يقارب نصف الاستثمارات العمومية خلال هذه الفترة أي ما يعادل 10.122 مليار دج . في هذا المنظور سنسهر بوجه اخص على تنظيم توزيع عادل للمداخيل ولثمار التنمية بالتزامن مع بلورة سياسة تضامن وطنية أكثر مواءمة وأكثر تكيفا مع احتياجات الفئات الأكثر ضعفا والأشد حرمانا . اخواتي العزيزات اخواني الاعزاء أن الدولة العازمة كل العزم على حماية الاقتصاد الوطني تضع محاربة الفساد والممارسات الطفيلية والغش في صميم نشاطها .وان الاطر القانونية وآليات الحماية تم وضعها لهذا الغرض وستواصل الدولة تسخير الوسائل اللازمة لتعزيز ودعم هيئات الرقابة. من أجل هذا اتخذت الدولة خلال سنة 2010 عدة قانونية الغاية منها اتقاء الفساد واشكال المساس بالاقتصاد الوطني وقمعها .وأخص بالذكر في هذا السياق مراجعة قانون محاربة الفساد الذي اتاح انشاء هيئة لمحاربة الفساد تتمتع بصلاحيات اقليمية وطنية ومخول لها اجبار المتعهدين الراغبين في الحصول على صفقات عمومية على تقديم تصريح بالنزاهة ملزم لها امام المحاكم. وتجدر الاشارة كذلك الى مراجعة القانون المتعلق بمجلس المحاسبة والزامية الشفافية في المعاملات التجارية من خلال الفوترة وتبرير الهوامش وتعزيز محاربة التهرب من تطبيق قوانين العمل والضمان الاجتماعي. وتم مرافقة هذه الاجراءات ذات الصبغة القانونية والتنظيمية بتخصيص موارد معتبرة تقارب 400 مليار دينار في اطار البرنامج الخماسي 2010 -2014 من اجل تحسين وسائل عمل الادارات والمصالح المكلفة بمهمة الرقابة اخواتي العزيزات اخواني الاعزاء كل الاجراءات التي ذكرتها تتوخى بناء اقتصاد قوي مطرد النمو يؤمن الرخاء لكافة فئات المجتمع من خلال توزيع منصف للثروة واعادة تأهيل فضيلة العمل. إننا جميعا دولة وارباب عمل وعمال معنيون بالاسهام الكامل غير المنقوص في تحقيق هذه الغاية في كنف السكينة والاستقرار الاجتماعي . انه يتعين على كل شريك في عالم الشغل الاسهام في تثمير جهود الدولة الرامية الى تعزيز مسار التنمية التي تمت مباشرته منذ زهاء عشر سنوات ورفع مستوى انتاجية وتنافسية مؤسساتنا وتحسين جودة المنتوج الجزائري. من جهتها ستتولى الدولة ادخال التغييرات الضرورية على المستوى الهيكلي وايجاد ادوات الضبط الاقتصادي والتسهيلات الكفيلة بتحسين مناخ الاعمال وحفز الاستثمار المنتج. وعلى العاملين الاقتصاديين توسيع دائرة نشاطاتهم بالتوجه اكثر فاكثر الى نشاطات الانتاج القادرة وحدها على تأمين ودعم الاستقلال الاقتصادي للبلاد ودر الثروات ومناصب الشغل الدائمة والكف عن التركيز على نشاطات الاستيراد التي تزيد من تبعية البلاد للخارج . كما يتعين على العمال ان يتجندوا من خلال الاتحاد العام للعمال الجزائريين لاعادة تأهيل المجهود الانتاجي والاستحقاق ورفع انتاجية الشغل وتعزيز ممارسة الحوار الاجتماعي ودعم جهود الدولة في محاربة الفساد وكافة اشكال النهب التي تقوض المجهود التنموي الوطني. انني على يقين تام من التزام العمال برفع تحدي التنمية الاقتصادية والرقي الاجتماعي وبناء مجتمع يؤمن لكل جزائرية وكل جزائري اسباب الازدهار والمشاركة في رفاه الامة. لكن جميعا اخواتي العاملات ولكم جميعا اخواني العمال اجدد في هذا اليوم التاريخي تمنياتي بالسعادة والتوفيق" .