* تتوفر وهران على 59 محجرة تنتج ملايين الأطنان من مواد البناء. * 9 محاجر تتمركز ببلدية وهران تنتج أكثر من 6 مليون طن سنويا * لجنة حماية البيئة تطالب بإبعاد المحاجر عن الوسط الغابي يرتبط نشاط المحاجر لا محالة بظاهرة التلوث وما ينجم عنها من تأثيرات سلبية على النّسيج العمراني، خاصة إذا إفتقدت المقاييس المعمول بها في النظام البيئي وتجاوزته لدرجة الإخلال بالنصوص القانونية المتّفق عليها، فسوء الإستغلال أو الإستغلال العشوائي لمثل هذه المنشآت يطرح العديد من العراقيل وللسكان والمسؤولين على حدّ السواء ويجعلهم يتخبطون في مشاكل عديدة لا حل لها. ففي الوقت الذي تحقق فيه المحاجر أرباحا لمسيريها لما تختزنه من ثروة طبيعية سهلة الكسب، فإن سكان المنطقة المجاورة لها لا يجنون من وراء ذلك سوى الأمراض والتعقيدات الصحية الخطيرة، ناهيك عن الأضرار المادية الناجمة عن كل عملية تفجير، فالشّق التنموي الذي تضمنه المحجرة معروف ومضبوط بإحصائيات دقيقة يرسمها النّشاط اليومي للإنتاج الذي تحققه كل مؤسسة تتولى مهمة الإستغلال بإختلاف كمية مواد البناء المنتجة والتي تساهم بشكل كبير في تغطية إحتياجات السوق من مادة الرمل الرخام، الجبس، التين وغيرها من المنتوجات التي يكثر عليها الطلب في الآونة الأخيرة، لاسيما مع العدد الكبير للمشاريع المسجلة بالولاية. بالموازاة فإن الشق الثاني يكاد يرهق السكان ويرهن سلامتهم الصحية بالنظر إلى ما تلفظه هذه النقاط من مواد سامة وخطيرة في وسط تغيب فيه أدنى الشروط الصحية. وما يزيد الأمر تعقيدا عدم إحترام المؤسسات المسيرة أو تجاهلها إلى حد كبير الإلتزامات المحددة في دفاتر الشروط والتي تجبرها على تحقيق الضمانات الكافية للسكان مقابل ممارسة نشاطها بصفة مشروعة، ضمانات لا تخرج عن نطاق الوثيقة الرسمية التي تربط كل من الهيئة الوصية والمستغلين خاصة تلك التي لها علاقة مباشرة بظروف العمل ومدى تطابقها مع عالم الشغل. وإن كانت المحاجر في حدّ ذاتها تعدّ مكسبا حقيقيا وتساهم في الرفع من الطاقة الإنتاجية لمواد البناء باختلاف أوضاعها إلاّ أنها لم تتمكن بعد التخلص من الإنتقادات الموجهة لها في كل مرة يطرح فيها ملف هذه المناطق، حيث لاتزال نقطة سوداء بالنسبة للسكان والهيئات المطالبة بحماية البيئة الذين يصنفونها ضمن المؤسسات الملوثة وإن كانت تعتمد على أساليب تقنية حديثة مادامت لا تبعد كثيرا على النسيج العمراني أو تتواجد بمحيط غابي أو بسط فضاء سياحي محض. وولاية وهران تضم عددا كبيرا من المناجم والمحاجر موزعة عبر مناطق مختلفة بطاقة إنتاجية متفاوتة من نقطة لأخرى بعدد إجمالي يساوي 59 هيكلا. من بينها 50 منجما صغيرا ومتوسطا وهذا لإنتاج الكلس ب 29 منجما بكل من ڤديل سيدي بن يبقى العنصر وبوتليليس ولإنجاز مادة الطين ب 10 مناطق بكلّ من المرسى الكبير، أرزيو، بئر الجير، الكرمة وڤديل. * محاجر للرّخام والملح وحسب نفس البطاقة التقنية فإنّ مواد طبيعية أخرى تتخصص فيها مناجم أخرى وهذا بمنجمين إثنين لإنتاج مادة الرخام بكل من أرزيو وسيدي بن يبقى وأخرى لإنجاز مادة الجبس بمنطقة بن فريحة و3 هياكل لإنتاج مادة التنيف بالسانيا بالإضافة إلى أخرى متخصصة في إستخراج مادة الملح بمنطقة بطيوة. غير بعيد عن هذا وعن النّمط المميز الذي له صلة بنفس النشاط، نجد المحاجر التي تنتشر عبر الشريط الساحلي للولاية على إمتداد مساحة إجمالية تقاس بوحدة قياس تعادل الهكتارات وتتزايد من نقطة لأخرى حسب اختصاص من كل واحدة. فمنطقة وهران لوحدها تضمّ 9 محاجر مستغلة بطاقة إنتاجية تساوي 6.248 مليون طن سنويا وهي كمية هائلة تعكس المخزون الكبير التي تحتكم عليه هذه المنشآت. تتوزع المحاجر التسع عبر دائرتين إثنتين الأولى تابعة لمجمع وهران والثانية للمجمع الغربي وأكثر تحديدا تنتمي الفئة الأولى إقليميا لدائرة العنصر والثانية لدائرة ڤديل وهنا يتضح الأمر حيث يتعلق الملف بكل من محاجر العنصر وكريشتل اللذان يختلفان بطبيعة الحال من حيث الطاقة الإنتاجية، الساحة التي تتربع عليها كل فئة وكذا العدد الإجمالي للصنفين. فالأرقام المسجلة في سجل مديرية الصناعة والمناجم تفصل في هذا الشأن وتكشف عن كل ما يتعلق بالمنشآت المشار إ ليها سابقا سواء إذا ما إرتبط الأمر بالكمية المستخرجة واليد العاملة المؤهلة والحصيلة السنوية بفارق كبير بين الصنف الأول والثاني. وبما أن التقسيم والأولوية يعتمدان دائما على القدرة الإنتاجية وما يتم توفيره من كميات فإن الكفة حتمّا هي لصالح محاجر كريشتل التي تصدرت القائمة وظفرت بحصة الأسد وبطاقة سنوية تساوي 5.60 مليون طن مقابل 646 ألف طن تقدمها محاجر العنصر فقط خلال نفس الفترة الزمنية ناهيك عن الإختلاف المسجل في عدد العمال والمساحة المستغلة. وإستنادا إلى نفس الإحصائيات التي أدلت بها مديرية الصناعة والمناجم فإن منطقة كريشتل لوحدها تتسع ل 6 محاجر تشرف عليها 6 مؤسسات بطاقم عمالي يقدر ب 140 عامل يجمع بين يد عاملة مؤهلة وحرفيين وهي بدورها تختلف من حيث الطاقة الإنتاجية والمساحة فالمحجرة الأولى تتسع ل 198 ألف هكتار وتنتج 464144 طن سنويا وهي أعلى كمية تقدّمها هذه الأخيرة مقارنة بالمحاجر الخمس المتبقية التي تتضمن إنتاج سنوي يتراوح مابين 419 ألف طن و60 ألف طن يسيرونها عمال يتباين عددهم مابين 41 و9 عمال. أما بالنسبة لمحاجر العنصر فلا يتجاوز عددها الثلاث فقط إن تتكفل بها 3 مؤسسات جزائرية وتركية بطاقم عالي يساوي 105 عامل فيما يستخرج سنويا من هذه المناطق 646 ألف طن موزعة على 320 ألف طن للمحجرة الأولى التي تتسع ل 9 هكتارات و251 ألف طن للمحجرة الثانية على إمتداد 4 هكتارات ثم 75 ألف طن فقط للمنشأة الثالثة والأخيرة بفارق عددي يتراوح مابين 58 و8 عمال. * تقارير على طاولة الوزارة وإذا ما عدنا إلى الحصيلة الإجمالية للمحاجر التسع والمواد المستخرجة في كل سنة نجدها كميات لايستهان بها سواء إذا ما ارتبط ذلك بالأرباح التي تحققها والحصة المستخدمة للمواد المعالجة من جهة أو التدهور البيئي النّاجم عن كل عملية من جهة أخرى فبطبيعة الحال فإنّ القدرة الإنتاجية الكبيرة التي توازي الملايين من الأطنان لها إنعكاس خطير على المحيط والثروة الغابية، خاصة إذا قلنا أن هذه الأخيرة تتواجد جميعها بمناطق سياحية جمعت بين الألوان الخضراء والمحميات الطبيعية المصنفة التي تحتاج إلى عناية خاصة للمحافظة عليها مشاكل بيئية متفاوتة الأضرار تسجلها كل المحاجر بصفة عامة سواء تلك التي تحترم دفاتر الشروط أو التي تتجاهله تماما. كإجراء وقائي فرضت الوزارة الوصية على مديرية البيئة بإعتبارها المكلفة الأولى بحماية المحيط بإعداد تقارير مفصّلة وبصفة دورية عن وضعية المحاجر بعد تطبيق تدابير إستعجالية للحدّ من ظاهرة التلوث مع الأخذ بعين الإعتبار شكاوي المواطنين التي تنصب مجملها في قالب واحد يدعو الى فرض وقاية وإجراءات ردعية ضد المخالفين. وفي هذا الشأن أعدّت مديرية البيئة في تقريرها الأخير لسنة 2010 شمل كل التدخلات التي أجرتها الإدارة الوصية طيلة هذه الفترة وفق برنامج خاص يعتمد على زيارات ميدانية فجائية للمحاجر التسع المستغلة من أصل 46 قصد الوقوف على مدى إحترام الشروط المنصوص عليها في دفاتر الأعباء وكذا التعليمات التي فرضتها اللجنة الولائية المنصبة حديثا. وإذا ما رجعنا قليلا إلى الوراء نجد أنّ اللجنة الولائية المكلّفة بمتابعة نشاط هذه المنشآت تشكلت بموجب قرار ولائي رقم 741 والذي تضمن بدوره في مواد أساسية تنص على ضرورة تعيين لجنة ولائية تضم عدة مديريات من بينها مديرية البيئة، الطاقم والمناجم، الصناعات الصغيرة والمتوسطة والوكالة الوطنية للجيولوجيا والمراقبة الميدانية مع تنظيم زيارات ميدانية بمعدل مرتين في الأسبوع. ومن بين الإلتزامات المفروضة على المسّيرين تعبير المسالك والمعابر، حفر الآبار أو توفير صهاريج بالأماكن التي تفتقر المياه الجوفية لضمان عملية الرّش بكل المواقع المجاورة، لها تشجير النقاط التي تم إستغلالها من قبل أما فيما يخص مواقيت العمل، الحمولة وطريق التفجير فقد سددت اللجنة في الإجراءات المتربطة بها وهذا يفرض مواعيد مضبوطة لتوقيف عملية التفجير على أن لا تتعدي الساعة الخامسة في فصل الشتاء والساعة السابعة مساء في فصل الصيف إلى جانب حجز كل الشاحنات التي تتعدّى حمولتها الوزن المحدد لها قانون. وتطبيقا لنفس الإجراءات ووفقا لرزنامة عمل تشرف مديرية البيئة بصفة رسمية على عمليات التفجير حيث تعين ممثلا ينوب عندها يكون حاضرا مرّة كل أسبوع وعند كل عملية تفجير للتأكد من الإستعمال الصحيح للأجهزة والعتاد المستخدم خاصة أن المحاجر تندرج ضمن قائمة المنشآت المصنفة وتخضع لنفس القوانين ومنه فإن المراقبة تكون في حدود الفحص البيئي، دراسة الأخطار، دراسة المخطط الداخلي وإحترام حدود المساحات المرخصة. وقد أسفرت التدابير الإستعجالية المتخذة مؤخرا عن تسجيل 20 تدخلا أجرته الإدارة الوصية إنتهت بتوجيه 3 إعذارات للمخالفين الذين إستوجب عليهم تغيير طريقة العمل بإستخدام وسائل متطورة في التفجير والتصفية وماتوصلت اليه اللجنة في تقريرها الأخير هو أن كل الإلتزامات التي حصرتها في إجراءات وقائية قد باشرت في تجسيدها مختلف المؤسسات المتواجدة بكل من محاجر العنصر وكريشتل. بالرغم من كلّ التدابير المتّخدة والتغيير الذي شهدته كل من منطقتي العنصر وكريشتل في ظرف سنة تقريبا لاتزال لجنة حماية البيئة تطالب السّلطات الولائية بإبعاد المحاجر عن الوسط الغابي الذي أضحى يعاني من تدهور تدريجي لمحيطه جراء الإنعكاسات التي تحدثها المنشآت من حين لآخر وتستند في ذلك على الطابع المميز الذي تتوفر عليه الدائرتين معا فمحاجر العنصر على سبيل المثال تتواجد بجبل »العالب« المصنف ضمن الثروات الطبيعية المحمية إلى جانب المغارة التي تمتد إلى غاية منطقة مسرغين. كلّ هذه المؤشرات حسب لجنة حماية البيئة تشجع على السياحة المحلية التي تسعى الوزارة الوصية إلى تجسيدها ومع ذلك تظل هذه النقاط عرضة للإهمال نتيجة قوّة التفجيرات أو تلوث الهواء وغيرها من العوامل السلبية التي تتسبب فيها المحاجر مما يتطلب اللجوء إلى حلول أخرى أكثر نجاعة من الأولى وهذا بتطبيق إستراتيجية خاصة تهدف الى فتح منشآت جديدة بعيدة عن المساحات الخضراء المكنوز الطبيعي حتى إن كان المستغل يحترم كل المواد المنصوص عليها في دفتر الشروط لأن التجاوزات لاتزال حاضرة ومجسدة في الحمولة الزائدة التي تتجاوز 13 طنا وعدد الشاحنات التي تتعدى 200 مركبة يوميا وهو ما يؤكد خطورة الوضع الذي يؤثر لا محالة على المحيط سواء من حيث الوزن الذي لاتحترمه الشاحنان أو من حيث عدد المركبات الذي يتجاوز بكثير الحصيلة التي تضبطها الجهات الوصية لحماية الطرق المعبدة من الإهتراء وكذا ضمان سلامة السائقين من حوادث السير التي تسببها هذه الأخيرة ومنه يتطلب ضبط برنامج خاص يعتمد على طرق ناجمة تهدف لاحترام البيئة من ظاهرة التلوث وكل الأضرار التي تؤثر عليها.