يعتقد الممثّل والمخرج المسرحي، عمر فطموش، أن غرس ثقافة مسرحية لدى الأطفال كفيل بخلق جيل يحبّ الفن الرابع ويذهب لمشاهدة العروض، كما يشدّد على ضرورة أن تكون الأعمال الموجّهة لهذه الفئة مدروسة ومتّسمة بالوعي، منتقدا تعامل البعض مع الأطفال على أنّهم "معاقون ذهنيّا". تأسّف فطموش، الذي قدّم عدداً من المسرحيّات الموجّهة للأطفال، في حديث ل"الجمهورية"، لغياب مادّة المسرح عن المقرّرات الدراسيّة، وأعاب على المنظومة التّربوية "إهمالها" للفنّ الرابع، منتقدًا في هذا السّياق، نقص النشاطات المسرحيّة في المدارس الجزائرية، معتبرا أن ما يُقدّم في هذا المجال هو مبادرات محتشمة، لا ترقى إلى المستوى المطلوب. وذهب المتحدّث بعيدًا حين اعتبر أن غياب ثقافة المسرح لدى الطفل يهدّد بخلق جيل "مخرّب". من جهة أخرى، أشار المتحدّث إلى وجود "سوء فهم" مرتبط بمسرح الطفل الذي يعرّفه بأنه "المسرح الذي يقدَّم للطفل من طرف الكبار، باحترافيّة وعلم ووفق الأسس الدرامية المتعارف عليها، وهو مرتبط ببيداغوجية الطفل"، مضيفا أن "البعض يأتي بمهرّجين، ويعتقد أنه يقدّم مسرحًا للأطفال، في حين لا يعدو ذلك أن يكون مجرّد نشاطات ترفيهية"، منتقدًا هذا النوع من العروض التي قال إنها تستخّف بعقول الأطفال وتعاملهم كأنّهم معاقون ذهنيا؛ حيث استشهد بإحدى العروض التي حمل فيها مهرّج تفّاحة وخاطب جمهوره قائلاً: "ما هذا يا أطفال؟"، ما أثار استغراب هؤلاء فراحوا يجيبون بسخرية: "برتقالة.. إيجاصة". وعن راهن مسرح الطفل في الجزائر، يقول مدير المسرح الجهوي لبجاية إن هناك مبادرات تبشّر بالخير، منها الدّعم الذي توفّره وزارة الثقافة لمختلف المسارح الموجودة على المستوى الوطني؛ حيث وضعت دفتر شروطٍ ينصّ على إعطاء أهميّة لهذا المجال ودعمه وتوفير الظروف المناسبة له، مضيفًا أنّ معظم المسارح الجهويّة تنتج مسرحيتين للأطفال، على الأقلّ، خلال الموسم الواحد. ويشير عمر فطموش، في هذا السياق، إلى تجربة المسرح الجهوي لبجاية قائلاً: "نعمل على تحبيب المسرح للأطفال وتشجيعهم على الإقبال على مشاهدة العروض.. أنتجنا عددًا لا بأس به من المسرحيّات الموجّهة لهم، وقمنا بتخصيص قاعة عرض للأطفال حسب المعايير الدولية، كالإضاءة والمصاعد وغيرها من الجوانب التقنية. كما أنّ البرنامج لا يقتصر على العطل، إنّما يمتدّ على مدار أيّام الأسبوع". رغم ذلك، فإن فطموش يبدو غير مرتاح لواقع مسرح الطفل، داعيا الفاعلين في هذا المجال إلى المزيد من الاهتمام به، وإلاّ فلن يكون لدينا جمهور مسرحي في المستقبل، على حدّ تعبيره، مضيفًا: "لا خيار أمامنا لبناء مسرح جزائري، سوى غرس ثقافة المسرح في الأطفال".