يتميز شهر رمضان المبارك بولاية أدرار بعادات وتقاليد شعبية لا زالت راسخة ومتوارثة في أوساط المجتمع بالمنطقة رغم الواقع الجديد الذي فرضته التكنولوجيات الرقمية الحديثة في التواصل. وتقول في هذا الصدد خالتي لطيفة (68 سنة) في تصريح له، أن من أبرز العادات المصاحبة لدخول الأيام الأولى من شهر رمضان المعظم بأدرار “استقبال هذا الشهر الفضيل من طرف العائلات بتبادل البشارات والتبريكات بين سكان البلدة أملا في الحصول على مقابل مادي نظير نقلهم البشارة السعيدة”. وإلى جانب الزيارات وصلة الرحم بين الأقارب والأسر، فإن الاحتفاء بأول صيام للأبناء ذكورا وإناثا يشكل إحدى المحطات البارزة في هذه المظاهر الإحتفائية، إذ يحصل الولد الصائم لأول مرة على لباس جديد يرتديه تزامنا مع صلاة المغرب وموعد الإفطار ويشاركه أصحابه وأقرانه تلك المظاهر في بيت أسرته رفقة أفراد عائلته. نفس العادات يحتفى بها أيضا بأول يوم من صيام الفتاة التي تتجه إلى الجدة التي تستضيفها في بيتها وتقوم بإلباسها أجمل الثياب وتزينها بالحناء والكحل وتقام بالمناسبة مأدبة إفطار على شرفها بحضور أقاربها وصديقاتها. لكن جائحة كورونا المتفشية قد ألقت بظلالها هذه السنة على هذه المظاهر الاحتفالية الراسخة في الثقافة الشعبية وتقاليد المجتمع بولاية أدرار نظرا لمتطلبات الالتزام بإجراءات الحجر الصحي الجزئي في إطار الوقاية من تفشي هذا الفيروس وذلك بتفادي الاحتكاك والتجمعات واحترام مسافة التباعد الاجتماعي. وفيما يتعلق بأطباق المائدة الرمضانية، تشير من جهتها خالتي عائشة (70 سنة) من قصر تيمي بأدرار، أن وجبة الحساء التي يتم تحضيرها بالقمح المحلي المعروف ب “زمبو” تبقى سيدة المائدة دون منازع، ولا تكتمل متعة تناولها إلا بمرافقة أكواب ثلاثة متتالية من مشروب الشاي الذي تحرص العائلات على طبخه فوق لهيب الجمر مما يزيد من نشوة هذه اللحظات التي يجتمع فيها أفراد العائلة حول هذه المائدة. ويشكل طبق “السفوف” واحدا من الوجبات الأساسية التي تقدم في وجبة السحور مع أكواب اللبن أوالماء حسب رغبة كل شخص، في حين يفضل البعض شرب كأس من الشاي عقب هذه الوجبة، كما شرحت بدورها خالتي مباركة (65 سنة) من قصر بودة بأدرار. ويتم تحضير هذه الوجبة التقليدية من التمر المنزوع النوى والمكسر إلى مكعبات دقيقة بعد تجفيفه ومزجه ببعض الأعشاب مثل “اليازير” و”العرعار” و”الشيح ” و”أم دريقة” وحبات الحلوى و”السانوج” و”الكليلة” وبذور “البشنة” المخللة بالسمن الحيواني المحلي المعروف بدهن العرب. ويتم تخزين “السفوف” في وعاء تقليدي يسمى “تدارة” والمنسوج بعناية وإتقان من ألياف الجذوع الحاملة لعراجين التمر وسعف النخيل حيث يساعد على تخزينها في ظروف جافة تطيل من مدة صلاحيتها للاستهلاك. وتشير خالتي مباركة أنه بالرغم من تنوع وتعدد الأطباق العصرية التي أصبحت تقدمها العائلات على مائدتها الرمضانية إلا أنها لم تستطع زحزحة تلك الأطباق العريقة من التربع على عرش مائدة الإفطار الرمضاني بمختلف أقاليم الولاية.