وتستمر الحرب الكلامية بين الرئيس ترامب وغريمه الحالي، المرشح الديمقراطي المحتمل، جوزيف بايدن، الذي خرج أخيرا من منزله ليضع الورد على نصب الجندي المجهول، وارتدى قناعا، وحينها هاجمه ترامب، الذي ما زال يرفض أن يلبس القناع، ربما ليحاول التقليل من خطر كورونا ويجلب الطمأنينة للناس فالديمقراطيون يتهمونه بأنه لم يتعامل مع جائحة كورونا كما ينبغي منذ البداية، وبالتالي جاءت النتائج وخيمة، ويستطيع المتابع أن يتفهم موقف ترامب، فالإجراءات الإحترازية ستؤثر في الاقتصاد، الذي يعد ازدهاره نقطة القوة الكبرى في صراع الانتخابات القادمة، ولذا ما زال يسعى بكل قوة لفتح الاقتصاد، وربما يمكن تفسير عدم لبسه للقناع الطبي من هذه الزاوية، وهو اليوم في صراع مع حكام الولايات الديمقراطيين، الذين ليسوا في عجلة من أمرهم للتوسع في فتح الاقتصاد حماية للمواطنين، لكن ترامب يتهمهم بأنهم يفعلون ذلك لأسباب سياسية. لقد اعتدنا على خصومة الجمهوريين والديمقراطيين في مثل هذا الوقت، الذي يسبق الانتخابات الرئاسية، فمن يمكن أن ينسى معارك بوش الأب مع مايكل دوكاكيس، أو معركة بوش الابن مع آل غور، ومعركة باراك أوباما الشرسة مع جون مكين. هذا ، ولكن ما يجري حاليا يختلف جذريا، فالمعركة حزبية وأيدولوجية شرسة، وترامب سياسي مختلف، لا يتورع عن استخدام كل وسيلة لمجابهة خصومه الديمقراطيين والإعلام، الذين كانوا، ومن باب الإنصاف، هم من بدأ هذه المعركة، منذ أن ترشح للرئاسة، ثم كشّروا عن أنيابهم بعد فوزه، ولم يتركوا اتهاما لم يوجهوه له، وتخلّوا عن مفهوم الموضوعية، فلا أذكر أنهم أشادوا بأي عمل يفعله ترامب، مهما كان صوابا وإيجابيا، ودونكم اصطفافهم مع نظام الملالي، وانتقادهم لاستهداف ترامب لقاسم سليماني، رغم كل الجرائم التي ارتكبها الأخير، بما في ذلك استهدافه وقتله لأميركيين. ترامب ينسى نفسه أحيانا، وبالتالي يمنح خصومه المتربصين أعيرة نارية ليهاجموه بها، فالمرشح الديمقراطي جوزيف بايدن لديه الكثير من العيوب، وهو خصم يسهل انتقاده، نظرا لكثرة أخطائه وهفواته، وقد ترك ترامب كل أخطاء بايدن الكارثية، وانتقد ارتداءه للكمامة الطبية، رغم أن العلماء والأطباء، الذين يحيطون بترامب ذاته، ينصحون بارتداء الكمامة، والأسوأ هو أن شرائح من الشعب صرّحوا لبعض القنوات التلفزيونية بأنهم لا يرتدون الكمامة اقتداءً بالرئيس، فالشعب دوما ينظر إلى قيادته في أوقات الأزمات، وقد كتبت مرارا بأن شخصية ترامب النرجسية تخونه في بعض المواقف، علاوة على أنه ليس من النوع الذي يستمع لمستشاريه، ولئن كنت أجد له العذر في تعامله القاسي مع الإعلام المنحاز ضدّه، إلا أنه للأسف يقع أحيانا ضحية لنرجسيته وعجلته، مثلما فعل عندما اقترح حقن مصابي كورونا بالمعقمات، وهو الأمر الذي أحرج مساعديه، خصوصا الأطباء مثل الدكتور فاوتشي، وخلاصة الحديث هي أن ترامب يرتكب أخطاء فادحة، لم يكن ليرتكبها لو أنه فعّل خاصّية “التأنّي” واستمع لمستشاريه، ولكن كما يقال: ” لا تستطيع تدريب الخيل بعدما تكبر”!. سكاي نيوز