المياه على سطح الكرة الأرضية تمثل 71% من مساحتها، بينما يمثل اليابس 29% فقط، والمياه مقسمة الى 97% مياه مالحة عبارة عن محيطات وبحار وبحيرات مالحة، 3% مياه عذبة متمثلة في الأنهار والبحيرات العذبة، أي أن المياه على سطح كوكب الأرض تعادل 510 مليون كيلو متر مربع. والحديث عن أعالي البحار أو المياه الدولية يجرنا بالضرورة حتى تكتمل الصورة أن نوضح ماهية المياه الإقليمية لكل دولة كما حددتها اتفاقية الأممالمتحدة لقانون البحار فيما يتعلق بالمسطحات المائية خارج الدول، وهي الإتفاقية التي دخلت حيز التنفيذ في عام 1994م فنصت على أن ( المياه الإقليمية لكل دولة تبدأ حدودها من الشاطيء عند أدنى مستويات الجزر الى عمق 12 ميل بحري، وهو ما يعادل بالكيلومتر 22.2 كم، وتمتد سيادة الدولة الى الحيز الجوي فوق البحر الإقليمي وقاعه وباطن أرضه. معنى ذلك أن المياه الإقليمية تُحسب عند أدنى مستويات الجزر وليس المد، والجزر معناه انحسار الماء من الشاطيء الى داخل البحر، أما المد فهو ما يمثل العكس أي امتداد الماء على الشاطيء بمعنى خروج ماء البحر بعيداً عن شاطئه، وهما ظاهرتان مرتبطتان بحركة القمر حول الأرض، فتكون حركة المد في منتصف الشهر القمري ( عندما يكون القمر بدراً)، أما الجزر فيكون عند انتهاء الشهر القمري ( عندما يكون القمر في طور المحاق ). المياه الإقليمية بهذا المعنى تسري عليها قوانين الدولة الساحلية، أي تُعامل كأنها جزء من داخل الدولة في المحيط أو البحر، بما في ذلك أيضاً المجال الجوي والعمق البحري في هذه المسافة، وبالتالي فلا تستطيع سفن دولة ما دخول هذه المياه الا بإذن مُسبق، الا أن الدولة تلتزم فقط بإحترام حق المرور البريء للسفن، بمعنى عدم مخالفة هذه السفن لقوانين دولة المرور أو تسبيب أي أضرار لها، بشرط كون المرور سريعاً ومتواصلاً ولا يضر بمصالح الإقليم البحري، مع مراعاة عدم الدخول في المياه الداخلية أو التوقف في مرسى خارج المياه الداخلية، إنما يُسمح بالتوقف والرسو فقط إذا كان من مقتضيات الملاحة العادية أو لضرورة قاهرة وعاجلة، كتقديم مساعدة لأشخاص أو سفن أو طائرات في حالة خطرة. غير أن اتفاقية الأممالمتحدة لقانون البحار لعام 1982م أوضحت أن هناك حالات لا يكون المرور فيها بريئاً، ولا تسمح الدولة به، وذلك حينما يكون هناك تهديد لسيادتها وسلامة أمنها مثل أنشطة صيد السمك، وجمع معلومات تضر بدفاع الدولة الساحلية وأمنها، أو أي عمل من أعمال التلويث الخطر، ومن المعلوم أنه يحق للدولة الساحلية أن تقصر الملاحة في حدود بحرها الإقليمي بالنسبة لنشاط صيد السمك على رعاياها، ومنع أي خرق لقوانينها وأنظمتها الجمركية. تأتي بعد هذه المنطقة مسافة أخرى حوالي 12 ميل تُعرف بالمنطقة المتاخمة وتستطيع الدولة فيها أن تعاقب على أي إنتهاكات لقوانين الجمارك والضرائب والصرف الصحي التي تقع داخل أراضيها أو مياهها الإقليمية في منطقة مجاورة تصل 24 ميلاً بحرياً، بينما تسيطر الدولة على جميع الموارد في المنطقة الإقتصادية والتي تمتد حتى 200 ميل بحري من الشاطيء، وفي هذه المنطقة لا تمارس الدولة سيادة كاملة، ولكن يحق لها استغلال الثروات والموارد، كالثروات البحرية والصيد والتنقيب واستخراج النفط والمعادن، كما تتمتع بالحق في أن تسير فيها دوريات رقابة، وملاحقة وتفتيش السفن الأجنبية في نطاقها، ولها تخوبل الأساطيل الأجنبية الصيد في هذه المياه، الا أنها ليس لها الحق في عرقلة حركة الملاحة فيها أو اعتراض السفن المارة بها. أما المياه الدولية ( أعالي البحار ) فتعتبر منطقة حرة متاحة أمام الجميع وليست ملكاً لأحد، وبالتالي تتمتع جميع الدول بحرية أعالي البحار مثل حريات الملاحة والتحليق، وتعني أيضاً المياه الموجودة خارج المياه الإقليمية والإقتصادية، والتي تتمتع جميع الدول بحرية الحركة والملاحة فيها، بالتالي فإن سفينة أي بلد تتحرك بحرية ولو كانت رافعة لعلم بلد غير ساحلي، كما أن المياه الدولية أيضاً تُعبر عن المناطق من المحيطات المائية التي لا تتبع لسيادة أي دولة وتُعد ملكاً مشتركاً مفتوحاً للملاحة والصيد والإستكشاف والسفر في نطاق تبدأ حدوده من عمق 200 ميل بحري وجميع الدول لها حقوق متساوية في أعالي البحار. غير أن الدولة أو الدول المحاذية لمنطقة أعالي البحار تتمتع بحقوق سيادية تعطيها الأولوية في إستغلال الموارد الطبيعية الموجودة في المنطقة، كما لها حق ملاحقة السفن فيها شرط أن تكون عملية الملاحقة إنطلقت من مياهها الإقليمية، كما أن هذه الدول المحاذية تقدم المساعدة للسفن المنكوبة، وعليها أيضاً التصدي للقرصنة البحرية، ويمكن لأي دولة إعتراض القراصنة والقبض عليهم في أعالي البحار وتقديمهم للمحاكمة وهو ما يسمى بمبدأ الولاية القضائية العالمية. يتضح مما تقدم أن أعالي البحار أو المياه الدولية تُعتبر منطقة مفتوحة أمام أي دولة للصيد والسفر والبحث، وجميع الدول لها حقوق متساوية فيها، ويجب على كل منها احترام حقوق الدول الأخرى، ووتنص اتفاقية الأممالمتحدة لقانون البحار 1982م على أنه في حالة الحروب يسمح القانون الدولي للدول المحايدة أن تواصل التجارة مع الدول الأخرى المحايدة، ومع الدول المتحاربة، وفي هذه الحالة يُفترض ألا تنقل سفن الدول المحايدة التجارة المحظورة في الحرب، وتقرر الدول المتحاربة المواد التي تعتبرها مُهربات حرب. ونخلص بذلك الى أن مياه المحيطات والبحار مقسمة الى _ المياه الإقليمية وتمتد من الشاطيء لمسافة 12 ميل بحري، المياه المتاخمة وتمتد ل 12 ميل بحري أخرى، المياه الإقتصادية وتمتد الى 200 ميل بحري من نقطة إنتهاء المياه المتاخمة، المياه الدولية أو أعالي البحار وتبدأ من عمق 200 ميل بحري أي من نقطة إنتهاء المياه الإقتصادية . مساهمة خاصة