لم تشفع لهم البراءة التي تُلمح في أعينهم، ولا أياديهم الصغيرة الناعمة التي لم تكن تعرف للشقاء معنًا لولا ولوج ذلك المكان المظلم المحاط بسورٍ ظاهره وباطنه العذاب فلا معنى للرحمة هناك بين يدي سجانٍ اغتصب الأرض وطاح في أصحابها، فلم يدع يفلت من قبضته طفلٌ ولا امرأة ولا شيخٌ طعن في العمر أرذله. أطفالٌ خرجوا لهذه الدنيا ليجدوا أصوات القذائف والمدافع تعلو وتغطي بكثيرٍ على أصوات صرخاتهم فور ولادتهم وأصوات زغاريد الفرحة الشاحبة من حولهم، ومنهم من لم يبلغ مبلغ الشباب ولا يزال صبيًا صغيرًا حتى وجد نفسه قابعًا في سجون المحتل. هنا فلسطين تحدثكم عن أطفالها، الذين ذاق منهم في بداية حياته مرارة اليتم لأن أباه دفع من عمره ثمنًا لوطنه، ومنهم من أفجعته الأيام في أخٍ أو أختٍ خلال غارةٍ شنها المحتل، ليُثقل بآلام وصدماتٍ عاشها أقرانه في سائر البلدان وهم في سنوات الكبر، لتكون المحنة الكبرى أن يقتاده شرطيٌ إلى المجهول، حيث سجون الاحتلال المظلمة. بين أطقالٌ يحملون الحجارة دفاعًا عن أوطانهم وآخرين مُسللين في قيود المحتل، يعيش أطفال فلسطين حياةً تختلف عن أقرانهم في سائر بلدان العالم، يتساءلون فيما بينهم إذا زُجوا في سجون الاحتلال "بأي ذنبٍ ارتكبنا؟!". 326 طفلًا اعتُقل هذا العام وفي هذا الصدد، نوه عبد الناصر فروانة، مدير وحدة التوثيق والدراسات بهيئة الأسرى والمحررين الفلسطينية، إلى أن الاحتلال اعتقل 326 طفلًا منذ مطلع العام الجاري، كان الثلثان نصيب القدس وحدها من الاعتقالات، مضيفًا أن أكثر من نصف المعتقلين جاء في زمن انتشار وباء كورونا. وقال فروانة، وهو أسير محرر، إن "عدد الأطفال المعتقلين منهم منذ بدء أزمة كورونا في المنطقة مطلع مارس الماضي، من محافظاتالضفة الغربيةوالقدس نحو 164 طفلًا. هؤلاء يشكلون ما نسبته 50.3% من اجمالي الأطفال المعتقلين منذ مطلع العام الجاري".وذكر فروانة ل"بوابة أخبار اليوم" أنه ليس لديه رقمٌ دقيقٌ لعدد الأسرى من الأطفال، الذين لا يزالون يمكثون في سجون الاحتلال منذ اعتقالهم هذا العام، لكنه تحدث عن تواجد 60 طفلًا تقريبًا من بين ال326 أسيرًا لا يزالون في سجون الاحتلال. وحول اعتقالات الأطفال من بلدة العيسوية، الواقعة في الشمال الشرقي من البلدة القديمة للقدس، والتي تعاني من بطش الاحتلال بصورةٍ كبيرةٍ، أجاب فروانة قائلًا "بصراحة لا يوجد رقمٌ محددٌ.. لكن يمكن القول أن نسبة كبيرة من المعتقلين الأطفال في القدس كانوا من العيسيوية". 160 طفلًا في 4 سجون ومن جهته قال إبراهيم مطر، مدير قسم الإعلام الإلكترونى والمرئي بمفوضية الشهداء والأسرى والجرحى التابعة لحركة فتح الفلسطينية، إن العدد الحالي للأطفال الأسرى في سجون الاحتلال يبلغ 160 طفلًا. وأشار مطر ل"بوابة أخبار اليوم" إلى أن هؤلاء الأسرى من الأطفال موزعون على سجون المسكوبية، الخاص بمركز تحقيق وتوقيف، وهاشرون، وهو سجن للنساء، واتيمار وعوفر. وتزداد متاعب الأسرى الأطفال في ظل انتشار جائحة كورونا، حتى لو لم يتم الإعلان بعد عن إصابة طفلٌ أسيرٌ بفيروس كورونا في سجون الاحتلال، فهذا لا يعني أن الخطر لا يحدق بهم بل هو قريبٌ منهم في ظل تفشي وباء كورونا بصورةٍ كبيرةٍ في إسرائيل، التي تجاوزت الخمسين ألف إصابة في الأراضي المحتلة.