شهد المسار السياسي في ليبيا انفراجة كبيرة بعد أن اتفق أعضاء ملتقى الحوار السياسي، أمس الثلاثاء بالعاصمة السويسرية جنيف، على آلية اختيار السلطة التنفيذية الجديدة، الممهدة للانتخابات المقررة نهاية العام الجاري والتي حظيت بموافقة 73 بالمائة من الأصوات. وبعد عملية التصويت بدء من يوم الإثنين إلى االثلاثاء عبر الهاتف و بطريقة سرّية، اتفق الفرقاء الليبيين على الآلية المقترحة من اللجنة الاستشارية المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي الليبي لاختيار السلطة التنفيذية الجديدة التي ستحضر للانتخابات العامة المقررة في 24 ديسمبر 2021، حسبما أعلنت بعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا أمس في بيان نشرته على موقعها الرسمي. وحسب البعثة الأممية، شارك 72 عضوًا من ملتقى الحوار السياسي في عملية التصويت، وصوّت 51 منهم لصالح الآلية المقترحة، ما يمثل نحو 73 بالمائة من الأصوات، في حين صوت 19 عضوًا ضدها، فيما امتنع عضوان عن التصويت، ولم يشارك اثنان آخران في العملية. وأضافت البعثة أن اقتراح اللجنة الاستشارية نال 73 بالمائة من الأصوات، وانه قد تم اعتماد الاقتراح بتجاوز الحد الأدنى المطلوب الذي كانت قد حددته اللجنة الاستشارية بنسبة 63 بالمائة من أصوات المقترعين. وتتكون السلطة التنفيذية الموحدة، المزمع تشكيلها، من مجلس رئاسي جديد ورئيس حكومة وحدة وطنية لإدارة البلاد في فترة انتقالية، تنتهي في 24 ديسمبر المقبل موعد إجراء الإنتخابات العامة. وبعد هذا الإتفاق، يصل المسار السياسي إلى المرحلة الأخيرة من المفاوضات و تتعلق باختيار أسماء شاغلي المناصب التنفيذية، حيث سيتم المرور مباشرة إلى استقبال ملفات الترشح لهذه المناصب، قبل التصويت عليها من قبل أعضاء ملتقى الحوار السياسي. للتذكير فإن ملتقى الحوار السياسي الليبي كان قد شكل لجنة استشارية مكونة من 18 عضوا بهدف حل حالة الانسداد حول آليات اختيار السلطة التنفيذية الجديدة، على أن تكون مدة اللجنة أسبوعين، من أول اجتماع رسمي لها الذي كان يوم الأربعاء 13 يناير الجاري. وعقدت اللجنة اجتماعين عبر تطبيق "زووم"، لكنها لم تصل إلى نتائج حقيقية، ما دفع البعثة إلى تنسيق لقاء مباشر خارج البلاد في مقر الأممالمتحدة في جنيف، ليكون أول اجتماع مباشر للجنة الاستشارية المشكلة حديثا. ..الاتفاق خطوة هامة لتمهيد الأرضية لما يستحقّه الشعب الليبي وفي تعليقها على التصويت على آلية اختيار السلطة التنفيذية ، قالت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا بالإنابة، ستيفاني ويليامز: "يصادف اليوم الذكرى السنوية الأولى لمؤتمر برلين الدولي حول ليبيا. وبهذا التصويت، اتخذ أعضاء الملتقى خطوة هامة نحو تنفيذ خارطة الطريق التي تم تبنيها في تونس العاصمة في منتصف شهر نوفمبر الماضي". وأضافت ويليامز "أمام الليبيين الآن فرصة حقيقية لتجاوز خلافاتهم وانقساماتهم، واختيار حكومة مؤقتة لإعادة توحيد مؤسساتهم من خلال الانتخابات الوطنية الديمقراطية التي طال انتظارها (…)، هذه سلطة تنفيذية مؤقتة سيتم استبدالها بسلطة منتخبة ديمقراطيًا، بعد الانتخابات في 24 ديسمبر 2021". للتذكير فإن 75 شخصية ليبية من مختلف المناطق والفئات والمكونات السياسية في البلاد، كانت قد توافقت في الجولة الأولى من ملتقى الحوار الذي استضافته تونس في التاسع من نوفمبر الماضي، على إجراء الانتخابات العامة في 24 ديسمبر من العام 2021. وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، قد رحب في تقرير رفعه إلى مجلس الأمن، أول أمس الإثنين ب "التقدم الملموس" الذي تم إحرازه خلال الأشهر الأخيرة في الحوار بين الاطراف الليبية. وقال أنه "تم إحراز تقدم ملموس في تعزيز الحوارات السياسية و الأمنية و الاقتصادية بين الليبيين و التي سهلتها بعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا على مدى الأشهر القليلة الماضية"، وحث " كافة الأطراف على الحفاظ على عزمهم على ايجاد حل سياسي دائم للنزاع و حل المشاكل الإقتصادية و تحسين الوضع الإنساني لما فيه مصلحة الشعب الليبي بأسره". من جهته، رحب المجلس الأعلى للدولة في ليبيا أمس باتفاق أعضاء ملتقى الحوار السياسي، مشيدا ب"روح الوطنية والمسؤولية التي تحلى بها أعضاء الملتقى طيلة هذه الفترة". وأعرب المجلس، في بيان له، عن أمله بأن "تتكلل الحوارات الخاصة بالمسار الدستوري بالنجاح"، مناشدا "ممثلي لجنته المشاركة في المسار ولجنة مجلس النواب بذل مزيد الجهود لإحداث أكبر توافق ممكن في هذا المسار".