وصلت تداعيات مقتل الشاب الفنان جمال بن إسماعيل إلى الوسط الثقافي، حيث ندد عدد من المثقفين والروائيين بهذه الحادثة الأليمة التي هزت العالم ككل وليس الجزائر فحسب، معبرين عن استيائهم بهذا الفعل الشنيع كما دعوا إلى ضرورة تحقيق العدالة. وبهذا الصدد كتب الروائي وسيني الأعرج في منشور عنوانه بالصدمة جاء فيه "أن الشاب الذي أحرق بتهمة إضرام النار في غابات تيزي وزو وبجاية، قُتل ظلما في ظل غياب الحماية، هو الفنان التشكيلي والغنائي جمال بن إسماعيل من مليانة، يعرفه الناس جيدا، وصفحته الحية على الفيسبوك والرافضة للظلم، والمدافعة عن الحرية، دليل على التزامه بالنضال في المجتمع المدني، ذهب ليساعد إخوته في منطقة القبائل لإطفاء النيران، حولته الهمجية المندسة بين الناس المجروحين من الحريق، إلى رماد بعد أن أحرق حيا ولم تترك له أي فرصة للدفاع عن نفسه من التهمة، الصدمة كبيرة، الجزائر في خطر…إنهم يفتحون أبواب جهنم وسياسة الأرض الحروقة؟…الرحمة الواسعة للفنان جمال، ولكل شهداء الحرائق". وأضاف في منشور آخر، أنه لم يكن في نية جمال "جيمي" أن ينتحل شخصية برومثيوس ويسرق النار المقدسة بأمان، من جبل الأولمب، ويمنحها هدية للبشرية، فالنار كانت قد تحولت إلى قيامة، وكان زوس قد هاج فربط برومثيوس على جبل كوكاز وترك النسر يخترق كبده، لم يكن نصف إله، روحه في كاحله، لا يعرف مكانها إلا من عرف أسرار الأساطير. كان يحمل روحه في كفه المليئة بالرغبة في تلمس آلام الناس وتحسس جراحاتهم، وفي إطفاء النار. عندما سئل: ماذا يمكنك أن تفعل بيدين مجردتين؟ الفنان يطفئ الحرائق بكفه وقلبه وحبه حتى ولو نشبت فيه. وأستطرد قوله شرب قهوته بسرعة، وضع لوحته الأخيرة المعشقة بألوان الحياة، وربيع السحر التي لم ينته منها، في الزاوية، أخفى قيثارته في الجانب الأيمن من سريره. شرب قهوة ثقيلة، ثم خرج لا يحمل في جرابه الصغير شيئا آخر سوى بعض أدوية الحروق التي اشتراها من أقرب صيدلة، بالمال الذي استدانه، "إخوتنا في منطقة القبائل ينتظروننا. في مثل هذه الظروف كل الأدوية تنفع"، بعض الأقلام الملونة لرسم الحرائق، عن قرب. صعب ان نشعر بالنار إذا لم نقترب منها، كل فنان هو في النهاية فراشة النار. ثم مشى نحو قدر لم يتخيله ولم يتصوره ابدا. هو يدرك جيدا خديعات الحياة لكنه يعرف ايضا أنه سيد المحبة والخير. زار المنطقة مرات عديدة، في لقاءات متكررة مع أصدقائه إلى الكثير من الأماكن في الجزائر. من جانبه عبر الروائي أمين زاوي عن استيائه بهذه الحديثة الأليمة التي هزت العالم وليس الجزائر فحسب وكتب "العمل البغيض والوحشي والدعشاني الذي ارتكب ضد الشاب جمال بن اسماعيل، الذي تم إعدامه بدون محاكمة، كما تم حرق جسده بشكل علني"، مضيفا: "كان بالإمكان أن يرتكب هذا العمل الفظيع في أي مدينة أخرى وفي أي ولاية أخرى، ولكن تم إنتاجه في منطقة القبائل؛ حيث قام صناع الفتنة بتفجير سمومهم بصوت عالٍ!". وكتب أنه يدين فظاعة القتل هذه، التي تعيدنا إلى أساليب القرون التي كانت تتسم بأبشع صور الغموض. وفي هذا دعا إلى تحقيق العديد من النقاط، من بينها "تأسيس حوار جمهوري وطني حقيقي". أما الكاتبة والشاعرة ربيعة جلطي كتبت في منشور مقتضب لها "حتى لا تنتقل الحرائق من الغابات إلى القلوب.. أطالب بمحاكمة عاجلة لجميع المتورطين، سواءً بالفعل أو الحضور أو اللامبالاة أو التهييج، في إزهاق روح الفنان الشاب المتطوع جمال بن إسماعيل. الرحمة والسلام لروح جمال الشفافة. الصبر الجميل لأمه وأبيه وأصدقائه ومحبيه.. تحيا الجزائر كبيرة آمنة ومتضامنة". أما الفنان التشكيلي شمس الدين بالعربي كتب في منشوره الذي عنونه ب "جيمي أنت حي"، قال فيه "استشهاده من أجل الإنسانية و الطبيعة جعل الجزائريين و كل شعوب الأرض تعيد ترتيب معاني الحياة و عرف بالفنان و من يكون … صورة الفنان التي تجسدت في معاني التضحية بكل قوة …… لقد حطم و زلزل كرسي الموت و استشهد في سبيل الحياة ، بمعني أنه افتدي جسده في نيران ملتهبة لكي لا تلتهب في الانسان و الطير و الحيوان و الشجر و الحشرات ، رسم لوحات الطبيعة عزف علي أوتار الوحدة الوطنية بمقامات العجم الامازيغي و الحجاز العربي والناهوند المزابي و الراست الشاوي فدون وعزف مقطوعة موسيقية عنوانها الجزائر. جمال آخي … إن طيبتك و صفائك أهلك المجرمين الذين لا دين لهم و لا عرق لهم ولا أصل لهم و لاشرف لهم قبل كل شيء ، تمنيت لو يرجع الزمن وأفتديك فأموت أنا وتحي أنت لتنشر الجمال يا جمال" مضيفا "لقد رسمت الحب والمحبة ، تمنيت أن لا أعيش في عصرك حتي لا أعيش مفتت القلب وأعيش بجرح أبدي لن يقضي عليه إلا لحظات التي سميت لأجلها بالإنسان لكثرة النسيان أو التناسي ….. في الأخير أقول هذا قضاء الله ونرضي به ولا حول ولا قوه إلا بالله العلي العظيم… رحمك الله و اسكنك فسيح جناتك أخي في الفن والإنسانية".