* تعليمات بالحفاظ على التوازن المالي لتفادي الاستدانة الخارجية * اقتراح توصيات اقتصادية جزائرية وإعادة الاعتبار ل"الكناس" وجعله مستقطبا للكفاءات * على المتعاملين الخواص "عدم الاتكال على الدولة" في تمويل مشاريعهم * المحليات القادمة "محطة هامة" لانتخاب "مجالس تمثيلية" "لم يعد هناك أي مبرر للجمود في التسيير"، بهذه العبارة خاطب رئيس الجمهورية المسؤولين المحليين ودعاهم إلى المزيد من العمل لتحقيق الإنعاش الاقتصادي والاجتماعي. وقال تبون الرئيس تبون، خلال اشرافه على تنصيب أعضاء المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بالعاصمة ، أنه "بعد القرارات التي اتخذتها الدولة، لم يبق أي مبرر للجمود"، موضحا أن خوف المسئولين من الوقوع تحت طائلة المتابعات القضائية لم يعد له أي تبرير. وفي هذا السياق، ذكر رئيس الجمهورية بأنه كان قد أمر بحماية المسؤولين من المتابعات القضائية، حيث أسدى تعليمات للقضاء ومصالح الأمن تقضي بعدم المبادرة بإطلاق أي تحريات أو متابعات قضائية ضد المسئولين بناء على رسالة مجهولة. وشدد الرئيس تبون على ضرورة التمييز بين أعمال التسيير التي تدخل في خانة سوء التقدير وتلك التي تنم عن تلاعبات مقصودة، الهدف منها خدمة مصالح شخصية أو مصالح الغير. كما أعرب رئيس الجمهورية عن أسفه بشأن التباطؤ المسجل في معالجة الملفات المتعلقة بالاستثمار المحلي بسبب عوامل مرتبطة إما ب"بيروقراطية ناتجة عن استعمال السلطة في غير محلها، أو بيروقراطية ناتجة عن محاربة التنمية". وفي سياق متصل ذكر الرئيس تبون بالجهود الأخرى التي بذلتها الدولة من أجل الرفع من وتيرة الاستثمار وتشجيع المستثمرين على الخوض في مشاريع جديدة من خلال "إصدار منشور رئاسي آخر حول تسيير العقار الصناعي". .. الحفاظ على التوازن المالي لتفادي الاستدانة الخارجية أكد رئيس الجمهورية أن الإصلاحات الهيكلية التي شهدها مجال الاستيراد سمحت للجزائر بتحقيق توازنها المالي والحفاظ على احتياطياتها من الصرف الأجنبي. وقال تبون أن البلاد تمكنت بفضل الإصلاحات الهيكلية التي تقوم بها بخفض فاتورة وارداتها إلى حوالي 31 مليار دولار مقابل أكثر من 60 مليار دولار قبل عشر سنوات. ولفت إلى أن ما عرفته فاتورة الاستيراد بعد تطبيق الإصلاحات هو"انخفاض هيكلي وليس ظرفي". وبفضل ذلك، فإن الجزائر اليوم "لا تعرف أي عجز" (في ميزانها التجاري) موضحا أن عائدات البلاد من المحروقات وغير المحروقات كفيلة اليوم بتغطية كلفة الواردات بدون الحاجة إلى اللجوء لاحتياطي الصرف الوطني. وصرح رئيس الجمهورية في هذا السياق : "نطمح إلى الحفاظ على هذا التوازن، من أجل عدم الوقوع في فخ التسعينات، حيث بلغ بنا العجز إلى مد اليد إلى صندوق النقد الدولي والبنك الدولي". كما سيسمح هذا التوازن المالي للجزائر "بالسير في منهاجها وسياستها الخارجية الساعية لدعم كل القضايا العادلة في العالم". وفي معرض حديثه عن الإصلاحات التي يجري تنفيذها على الاقتصاد الوطني، جدد الرئيس تبون تأكيده على ضرورة التعجيل بالخروج من التبعية للمحروقات. وتابع يقول : "يجب ان أذكركم أنه لم يكن لدينا اقتصاد، بل شبه اقتصاد مبني على الريع والاستيراد والتضخيم، ممول أساسا من عائدات المحروقات وغير خلاق للثروات. وكلما انخفضت أسعار النفط، تنخفض معه كل المؤشرات وينتاب المواطن اليأس لتتوجه كل الأنظار صوب سعر البرميل". غير أن الأزمة التي عرفتها أسواق النفط في السنوات الاخيرة -يضيف رئيس الجمهورية- "سمحت للجزائريين بأن يتحرروا من هذه التبعية". وأردف يقول : "منذ 40 سنة ونحن نحاول التحرر من المحرقات.. ولأول مرة حددنا سقفا عاليا نوعا ما، وقلنا أنه في 2021 يجب أن نصل الى 5 مليار دولار من الصادرات خارج المحروقات. إلى حد الان، وصلنا الى 3.2 مليار دولار في حين أننا لم نتمكن من أكثر من عشرين سنة من تجاوز 1.8 مليار دولار". وفي هذا السياق، توقع السيد تبون أن تتجاوز قيمة الصادرات غير النفطية بنهاية السنة الجارية لأول مرة قيمة 4.2 مليار دولار. ..اقتراح توصيات اقتصادية غير مستوردة مهمة تنتظر أعضاء "كناس" دعا رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون أعضاء المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي والبيئي (كناس)، الى إعداد تصورات وتوصيات اقتصادية واجتماعية وبيئية "وطنية " و"غير مستوردة". وأكد الرئيس على "الدور الهام للمجلس" داعيا أعضاءه الى "صياغة توصيات وطنية غير مستوردة حول كل ما يتعلق بالمسائل الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والاعتماد على الكفاءات الجزائرية من أجل النهوض بالاقتصاد الوطني". وأشار رئيس الجمهورية، في هذا الإطار، الى أن التوجهات الاقتصادية في العالم تختلف من بلاد الى أخرى رغم وجود قاسم مشترك بين الدول. وتابع قائلا: "كلكم تعلمون أن العلوم الاقتصادية علوم إنسانية ولم تصنف في خانة العلوم الدقيقة، إذ تتعلق في الكثير من الأحيان بالبشر والحضارات والتصرفات والتكوين وتقاليد العمل والاستهلاك، ولهذا لا يمكن فرض توجه اقتصادي معين على البلاد". وذكر السيد الرئيس بالتجارب الاقتصادية المختلفة في الدول الأوروبية على غرار اليونان وايطاليا والمانيا، موضحا أنه "ليس ضروريا فرض أفكار مستوردة..بل يجب الاعتماد على الكفاءات والقدرات الجزائرية الموجودة والتي تعرف الوضع جيدا وتستطيع تشخيصه وإيجاد الحلول". وأكد هنا على أهمية المسائل البيئية وعلى بعدها الأساسي في التنمية المستدامة، وهو ما يستدعي "ادراجها ضمن الأولويات في كل المخططات والبرامج التنموية". وأشاد رئيس الجمهورية بدور المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الذي تمت دسترته بموجب التعديل الدستوري الأخير (نوفمبر 2020)، مع اضافة البعد البيئي ضمن أولوياته، والذي يعد "فضاء تشاوريا سيسمح ببلورة أدوات علمية لتكريس نموذج اقتصادي جديد واقتراح توصيات كفيلة بالحفاظ على المكتسبات الاجتماعية وتثمينها". وعلى هذا الأساس، أكد الرئيس حرصه على "تنوع تركيبة المجلس لتمثل مختلف جهات الوطن وتشمل الجالية الجزائرية بالمهجر وفق المعاير العلمية المكتسبة مع ادماج الكفاءات من النساء والشباب تدعيما لرأس مال بشري كفيل باقتراح الحلول والتوصيات لترقية السياسات العمومية". وأشار السيد الرئيس في هذا السياق الى "الدور الحساس للمجلس" في مجال النقاش وبلورة الافكار العديدة وما ينتج عنه من توصيات وتوجيهات للحكومة ل"ضمان تسيير أحسن ولكن دون أي صراع مؤسساتي". واعتبر أن تنصيب أعضاء المجلس يندرج في اطار "اصلاح المؤسسات الشامل الذي شرع فيه انطلاقا من الدستور والمجلس الشعبي الوطني والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي مرورا بمرصد المجتمع المدني والمحكمة الدستورية والمجلس الاعلى لشباب وكل مؤسسات الجزائر الجديدة". ..إعادة الاعتبار ل"الكناس" وجعله مستقطبا للكفاءات أكد الرئيس تبون، أن تنصيب المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي والبيئي يأتي منسجما مع تعهده بإعادة الاعتبار لهذه الهيئة وجعلها "مستقطبة للكفاءات العلمية". وأوضح الرئيس، أن هذا التنصيب "يأتي منسجما مع تعهدنا بإعادة الاعتبار له وجعله هيئة مستقطبة للكفاءات العلمية، عاكسة للممارسة الفعلية للديمقراطية" التي تقوم "على إشراك مختلف الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين والمجتمع المدني والخبراء من مختلف التخصصات في التشاور الوطني". وذكر الرئيس بتعهده أمام المواطنات والمواطنين بالتزامه بإعادة لهذه الهيئة مكانتها وذلك من خلال تعزيز وتوسيع صلاحياتها وجعلها أداة تقييم ومتابعة تساهم في إسناد السلطات العمومية في كل ما يرتبط بالاستشراف والتقييم في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. وأكد الرئيس تبون أن هذا الفضاء التشاوري"سيسمح ببلورة الأدوات العلمية لتكريس نموذج اقتصادي جديد واقتراح توصيات كفيلة بالحفاظ على المكتسبات الاجتماعية وتثمينها". وأضاف قائلا: "على هذا الأساس حرصنا على أن تكون تركيبة المجلس متنوعة تشمل مختلف الفئات والتخصصات ومن مختلف جهات الوطن ومن الجالية الوطنية بالمهجر". كما أكد تبون على أن ادماج كفاءات من النساء والشباب جاء تدعيما للرأس المال البشري الكفيل باقتراح الحلول وتقديم التوصيات لترقية السياسات العمومية. وشدد في نفس السياق حرصه على ترسيخ مكانة هذا المجلس في الدستور "بما يسمح له بان يضطلع بمهامه كفضاء للحوار والتشاور وآلية للاستشراف والتحليل والاقتراح في كل المسائل التي تدخل ضمن مجالات اختصاصه". ..القطاع الخاص مدعو إلى المساهمة في تمويل الاقتصاد دعا الرئيس عبد المجيد تبون، القطاع الخاص الى المساهمة في تمويل الاقتصاد الوطني ودفع التنمية وعدم الاتكال على الدولة والبنوك العمومية فقط. ونوه تبون بدور القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية، داعيا المتعاملين الخواص الى "المساهمة في تمويل المشاريع الاستثمارية" وعدم الاتكال على البنوك العمومية فقط. وذكر الرئيس بأن الجهود المبذولة من طرف الحكومة تهدف الى "بناء اقتصاد وطني خالق للثروة ولا يعتمد على الريع مثلما كان في السنوات الماضية"، مبرزا بأن 85 بالمائة من تمويلات القطاع الخاص تأتي من النفقات العمومية والبنوك العمومية. وقال بهذا الخصوص: "مع الأسف، هذا القطاع يتم تمويله بنسبة 85 بالمائة من الأموال العمومية والبنوك العمومية، حتى وصل الوضع لأن يطلب مستثمر تمويلا عموميا من أجل انجاز نزل صغير وحتى دون تقديم ضمانات". وبهذا الخصوص، دعا السيد تبون المتعاملين الاقتصاديين الى "عدم الاتكال على الدولة في تمويل مشاريعهم"، مشيرا الى أن دور الدولة هو في الحقيقة "توجيه الاستثمار ومرافقته". كما تأسف الرئيس تبون لوجود "بعض التصرفات الاقتصادية غير المنطقية مثل البحث عن المال السهل والاتكال على الريع والتبذير ولجوء بعض المتعاملين الخواص إلى تصدير منتجات مدعمة من طرف الدولة"، مشددا على ضرورة تفادي الاستيراد غير المجدي. وبعد أن ذكر بأن 2ر3 مليار دولار "ضاعت هباء منثورا" في عمليات تركيب السيارات بالجزائر والتي أفضت إلى سيارات محلية يفوق سعرها أسعار السيارات المستوردة، قال السيد تبون مستغربا: "كيف للدولة التي تملك 100 جامعة و12 مدرسة جامعية وتخرج سنويا 250 ألف جامعي أن تستورد أجهزة (كيت) لتصنيع المبردات والتلفزة؟"، معتبرا أنه "يفترض أن ننتج هذا العتاد بل ونصدره". كما أشار الى مصدري مادة السكر الذين يستوردون أكثر مما ينبغي قائلا: "لماذا نستورد ضعف ما نحتاج ثم نصدر (الفائض)؟". وذكر بأن منطقة التبادل الحر الإفريقية التي تعطيها الجزائر بعدا استراتيجيا "تتطلب منا تجهيز أنفسنا لتصدير مواد تنتج محليا وبناء اقتصاد وطني حقيقي". …المحليات القادمة "محطة هامة" لانتخاب "مجالس تمثيلية" أكد رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، الثلاثاء بالجزائر العاصمة، أن الانتخابات المحلية المقررة في 27 نوفمبر المقبل تشكل "محطة هامة ستسمح بانتخاب مجالس تمثيلية" تأخذ على عاتقها انشغالات وتطلعات المواطن. وأوضح أن "الانتخابات المحلية المقررة في 27 نوفمبر ستكون محطة هامة في نسق التقويم الموجود، تنبثق عنها مجالس تمثيلية تأخذ على عاتقها انشغالات وتطلعات المواطنين ". وأضاف رئيس الجمهورية بالمناسبة أن تنصيب المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي والبيئي "يندرج ضمن الاصلاحات المؤسساتية الشاملة" التي شرعت فيها الدولة انطلاقا من مراجعة الدستور مرورا بانتخاب مجلس شعبي جديد وتنصيب مجلس المجتمع المدني والمجلس الاعلى للشباب وكذا المحكمة الدستورية معربا عن أمله أن تساهم هذه الاصلاحات في "إيصال الجزائر الى بر الأمان والاستجابة للتغييرات المنتظرة من طرف المواطنات والمواطنين". وقال الرئيس تبون أن الدولة "ستواصل في الفترة القادمة بتكييف المجالس والهيئات القائمة وتنصيب المستحدثة"، مؤكدا على ضرورة أن تتوجه المجهودات نحو الانعاش الاقتصادي والاجتماعي وأن يكون الحوار أساس عمل مثمر وأن تكون التنمية نتيجة لمجهود مشترك للقطاع العام والخاص لصالح الجميع.