تشهد معظم الأسواق الشعبية بولاية الجلفة حركة تجارية غير عادية يميزها العرض الوافر لمادة الكمأة "الترفاس" الذي أصبح سلعة رائجة و تجارة مربحة للكثير ممن يجتهدون في توفيرها. ويعرض "الترفاس" الذي يتوفر حاليا بكميات معتبرة بأسواق الولاية بأثمان تتراوح بين 250 إلى 400 دج للكيلوغرام الواحد، وذلك بعد كمية الأمطار التي تساقطت خلال الأيام القليلة الماضية بالولاية والمناطق المجاورة خاصة الصحراوية التي تعتبر موطن هذه الثمرة التي تشتهيها العائلات بالجلفة. ومما يزيد من قيمة الترفاس ورغبة تناوله حسب الكثيرين في مذاقه الساحر الذي لا يقاوم وبخاصة عند "رفسها" وإضافة لها "زبدة الأغنام" الطبيعية كما تحبذها الكثير من العائلات التي أصبحت أيضا تحاول إقحامها في كثير من الأطباق كما هو الحال في "المرق". وتزيد حالة "الهوس" بالترفاس إلى درجة أن البعض يقوم بشراء كميات معتبرة منه وتجميده للمحافظة عليه لطهيه و تقديمه فيما بعد و كذا بمائدة شهر رمضان. وقد خلق توفر مادة "الكمأة" في الأسواق الشعبية حالة من المنافسة التجارية حيث يسعى الكثير من الباعة الموسميين لتوفيرها من أجل الفائدة و تحقيق الربح بثمن يتناسب ورضا الزبائن بالأسعار المعقولة، وأصبحت الأسعار حتى بالنسبة لأحسن نوعية لا تتعدى 1000 دج أبدا. وقد أسهمت قيمتها المتدنية حاليا في رغبة الكثيرين ممن يقصدون الأسواق لشرائها ولو بكميات متواضعة. وفي هذا السياق قال أحد الباعة الذي وجد مكانا له برصيف السوق المغطاة لوسط مدينة الجلفة أن تجار الجملة الذين يجلبون هاته المادة من مناطق عدة على غرار بشار والبيض والأغواط هم وحدهم من يساهمون في خفض الأسعار التي غالبا ما تتقهقر عند إغراقهم للسوق وهو ما يكون في صالح المستهلك كما الحال عليه الآن حيث تتوفر وبكميات كبيرة مختلف أصناف "الكمأة" بما في ذلك "الأسود" ذو الجودة العالية و"الأحمر القاتم" و"الأبيض" كبير الحجم الذي يعرف محليا ب "بلهورش". وكل هذه الأصناف و الأنواع يراها آخرون من زاوية أخرى تترجم معتقد الآباء و الأجداد بأن فصل الربيع الذي يتوفر فيه الترفاس هو بمثابة عنوان لموسم فلاحي زاهر وفأل خير بالنسبة لأهل المنطقة. وإن استهوى الترفاس الأسر بمذاقه و طعمه المتميز فجلبه و البحث عنه في البوادي والبراري هواية لا يمكن الاستغناء عنها. وفي هذا الصدد يرى الشيخ ساعد الذي و إن هرم فلا تزال ذاكرته تحفظ عديد المزايا لرحلة البحث عن الترفاس أن الخروج لجني هاته المادة يعتبر فرصة حقيقية لا يمكن تفويتها للاستمتاع أولا وقبل كل شيء بالأجواء الربيعية التي تصاحب ظهوره والتأمل في جمالية الطبيعة وسكونها بعيدا عن ضوضاء المدينة. وتشد عملية البحث عن الترفاس الأعصاب - يضيف الشيخ ساعد -حين البحث عن الحبات التي يغطيها التراب حيث تشكل عملية الكشف والحصول عليها متعة لا يمكن وصفها بل "يمكن مضاهاتها بمتعة الصيد".