شهد قطاع الفلاحة بولاية أدرار (1. 500 كلم جنوبالجزائر) تطورات لافتة بفضل الجهود المبذولة منذ الاستقلال أكسبتها مقومات تحمل آفاقا واعدة في الشعب الاستراتيجية لاسيما الحبوب والذرة، والتي تؤهلها للمساهمة في كسب رهان تحقيق الأمن الغذائي الوطني. وتتمتع الولاية بمقومات فلاحية ناتجة عن توفر العوامل الطبيعية وكذا دعم الدولة المتواصل على مدى ستة عقود، بشتى الوسائل والإمكانات لتثمين هذا القطاع باعتباره رافدا أساسيا لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وتتجلى جهود السلطات العمومية في مرافقتها على ضوء الترسانة القانونية والتنظيمية الرامية لتطوير الفلاحة سيما بمناطق الجنوب الكبير، على غرار قانون 87-19 المتضمن كيفية استغلال الأراضي الفلاحية التابعة للأملاك الوطنية وتحديد حقوق المنتجين وواجباتهم والمعروف بقانون المستثمرات الفلاحية. وتمكنت أدرار من أن تكون من بين الولايات السباقة وطنيا بولايات الجنوب في الانتقال غداة الاستقلال من نمط الفلاحة التقليدية المعاشية بالواحات المسقية بنظام الفقارة التقليدي إلى ولوج عالم المكننة في زراعة الحبوب بالمساحات الكبرى المسقية بتقنية الرش المحوري. هذه التقنية جرت تجربتها للمرة الأولى بأدرار في ثمانينيات القرن الماضي بمستثمرة الفلاح الراحل أم الغيث مولاي الناجم، بإقليم بلدية انزجميز (100 كلم جنوب ولاية أدرار). وحفزت هذه التجربة النموذجية الرائدة العديد من المتعاملين الاقتصاديين لخوض مجال الاستثمار الفلاحي بالولاية، بمرافقة السلطات العمومية بإنشاء عدة محيطات فلاحية عبر مختلف ربوع الولاية، إضافة إلى فتح فروع لمختلف هيئات المرافقة والمعاهد التقنية من أجل مرافقتهم ميدانيا خاصة بعد صدور منشور وزاري مشترك يتعلق باستصلاح الأراضي عن طريق الامتياز والرامي لتشجيع الاستثمار الفلاحي بالمساحات الكبرى عبر ولايات الهضاب العليا والجنوب. كما تعززت هذه الإجراءات ضمن خطة الإنعاش الاقتصادي لتنويع الإنتاج الوطني خارج المحروقات والتي يعول فيها كثيرا على قطاع الفلاحة في كسب رهان تحقيق الأمن الغذائي خاصة فيما يتعلق بإنتاج الحبوب. وسجلت ولاية أدرار منحى تصاعديا في وتيرة الاستثمار الفلاحي انعكس إيجابا على كمية الإنتاج ومردوديته، حيث ارتفعت المساحة المستغلة التي كانت تقدر بأقل من ألف هكتار لزراعة الحبوب وبعدد لا يتجاوز 60 وحدة رش محوري خلال الثمانينيات، إلى أزيد من 15 ألف هكتار بحوالي 500 وحدة رش محوري خلال السنة الجارية، وهي مرشحة للزيادة بعد منح الموافقة على الملفات المودعة للاستثمار خلال الموسم الفلاحي الجديد، حسبما أشير إليه. وتتوفر الولاية، حسب مديرية المصالح الفلاحية، على محيطات تتربع على مساحة تتجاوز 619 ألف هكتار، 60 بالمائة منها قابلة للاستغلال مع اتخاذ جملة من الإجراءات العملية بهدف ضمان المرافقة الميدانية للاستثمار الفلاحي بالولاية، فيما يتعلق بربط المحيطات الفلاحية بشبكة الكهرباء الفلاحية. وفي هذا الصدد، تمت برمجة 168 محيط فلاحي للربط بشبكة الكهرباء، وذلك ضمن برنامج المرافقة الطاقوية لقطاع الفلاحة الذي أقرته السلطات العليا للبلاد، وفقا لمعطيات مصلحة التهيئة الريفية وترقية الاستثمار الفلاحي بالمديرية الوصية. ويشمل البرنامج ما لا يقل عن 5. 620 مستثمرة فلاحية، من بينها أزيد من 1. 840 مستثمرة تجري بها عملية الربط بشبكة الكهرباء على مسافة 564 كلم طولي بغلاف مالي تجاوز 6ر1 مليار دج، مثلما أوضح رئيس المصلحة، ايدر محمد. وحققت ولاية أدرار خلال الموسم الفلاحي الفارط أزيد من 88 ألف قنطار من الذرة عبر مساحة محصودة قوامها 1. 746 هكتار وبمردودية إنتاج قدرت بأكثر من 50 قنطارا في الهكتار، استنادا لمعطيات مديرية المصالح الفلاحية. وتكفل الديوان الجزائري المهني للحبوب ببوقطب (ولاية البيض) بحصاد 1. 653 هكتار من المساحة المزروعة ورفع أكثر من 81 ألف قنطار من الإنتاج المحقق. كما تجاوز محصول الذرة العلفية 600 ألف قنطار على مساحة إجمالية قاربت 6 آلاف هكتار وبمردودية إنتاج بلغت 360 قنطار في الهكتار الواحد. وسجلت مصالح الفلاحة، خلال نفس الموسم، أزيد من 500 ألف قنطار من القمح الصلب تحت الرش المحوري على مساحة محصودة تجاوزت 10 آلاف هكتار إلى جانب أكثر من ألفي (2. 000) قنطار من القمح اللين على مساحة 65 هكتارا. .. توقع زيادة في إنتاج الحبوب والخضروات كما تتضمن أهداف القطاع الفلاحي لهذا الموسم أكثر من 1. 330 هكتار لزراعة الطماطم الصناعية وحوالي 700 هكتار للطماطم الحقلية، ويسعى القطاع لتوفير عدد كاف من العتاد اللوجستي لمرافقة الاستثمار والإنتاج الفلاحي لحملات الحرث والحصاد، وكذا توفير البذور والأسمدة من طرف تعاونية الحبوب والبقول الجافة وديوان تغذية الأنعام مع إعادة النظر في أسعار الأسمدة وندرة بعضها، إضافة لتهيئة المسالك الفلاحية ببعض المحيطات وتعزيز المرافقة التقنية المستمرة من طرف المعاهد المتخصصة. وقد جندت مصالح الفلاحة كل إمكانياتها لإنجاح حملة الحرث والبذر للحبوب للموسم الفلاحي 2022 – 2023 بتوفير البذور والأسمدة الضرورية لانطلاق الموسم في ظروف عادية، حيث قدرت توقعاتها لهذا الموسم بأزيد من 13 ألف هكتار في مختلف أصناف الحبوب. ويتطلع مهنيوالقطاع إلى تعزيز جهود المرافقة لرفع تحدي زيادة الإنتاج الفلاحي من خلال الإسراع في إنجاز الوحدة المخصصة لتغذية الأنعام بأدرار وتوفير ميزان شاحنات نقل المحصول، إلى جانب وحدات تخزين بطاقة استيعاب كبيرة تماشيا مع زيادة المساحة المزروعة، استنادا لمديرية المصالح الفلاحية.