رئاسة الجزائر لمجلس الأمن: دفاع عن القضايا العادلة وإسماع لصوت إفريقيا    فلسطين: "الأونروا "تؤكد استمرار عملها رغم سريان الحظر الصهيوني    فلسطين: غوتيريش يطالب بإجلاء 2500 طفل فلسطيني من غزة "فورا" لتلقي العلاج الطبي    جائزة أول نوفمبر 1954: وزارة المجاهدين تكرم الفائزين في الطبعة ال29    وزير الاتصال يعزي في وفاة الصحفي السابق بوكالة الأنباء الجزائرية محمد بكير    انتخابات تجديد نصف أعضاء مجلس الامة المنتخبين: قبول 21 ملف تصريح بالترشح لغاية مساء يوم الخميس    السوبرانو الجزائرية آمال إبراهيم جلول تبدع في أداء "قصيد الحب" بأوبرا الجزائر    الرابطة الأولى: شباب بلوزداد ينهزم أمام شباب قسنطينة (0-2), مولودية الجزائر بطل شتوي    وزير الثقافة والفنون يبرز جهود الدولة في دعم الكتاب وترقية النشر في الجزائر    تنوع بيولوجي: برنامج لمكافحة الأنواع الغريبة الغازية    تلمسان: خطيب المسجد الأقصى المبارك يشيد بدور الجزائر في دعم القضية الفلسطينية    جمعية اللجان الاولمبية الافريقية: مصطفى براف المرشح الوحيد لخلافة نفسه على راس الهيئة الافريقية    بصفته مبعوثا خاصا لرئيس الجمهورية, وزير الاتصال يستقبل من قبل رئيس جمهورية بوتسوانا    رياح قوية على عدة ولايات من جنوب الوطن بداية من الجمعة    اللجنة الحكومية المشتركة الجزائرية-الروسية: التوقيع على 9 اتفاقيات ومذكرات تفاهم في عدة مجالات    رياضة: الطبعة الاولى للبطولة العربية لسباق التوجيه من 1 الى 5 فبراير بالجزائر    وزير الصحة يشرف على لقاء حول القوانين الأساسية والأنظمة التعويضية للأسلاك الخاصة بالقطاع    وزير الصحة يجتمع بالنقابة الوطنية للأطباء العامين للصحة العمومية    لصوص الكوابل في قبضة الشرطة    تعليمات جديدة لتطوير العاصمة    عندما تتحوّل الأمهات إلى مصدر للتنمّر!    فلسطين... الأبارتيد وخطر التهجير من غزة والضفة    محرز يتصدّر قائمة اللاعبين الأفارقة الأعلى أجراً    فتح باب الترشح لجائزة أشبال الثقافة    التلفزيون الجزائري يُنتج مسلسلاً بالمزابية لأوّل مرّة    الشعب الفلسطيني مثبت للأركان وقائدها    توقيف 9 عناصر دعم للجماعات الإرهابية    بوغالي في أكرا    شركة "نشاط الغذائي والزراعي": الاستثمار في الزراعات الإستراتيجية بأربع ولايات    صالون الشوكولاتة و القهوة: أربع مسابقات لحرفيي الشوكولاتة و الحلويات    تحديد تكلفة الحج لهذا العام ب 840 ألف دج    السيد عرقاب يجدد التزام الجزائر بتعزيز علاقاتها مع موريتانيا في قطاع الطاقة لتحقيق المصالح المشتركة    حوادث المرور: وفاة 7 أشخاص وإصابة 393 آخرين بجروح في المناطق الحضرية خلال أسبوع    مجموعة "أ3+" بمجلس الأمن تدعو إلى وقف التصعيد بالكونغو    غرة شعبان يوم الجمعة وليلة ترقب هلال شهر رمضان يوم 29 شعبان المقبل    اتفاقية تعاون بين وكالة تسيير القرض المصغّر و"جيبلي"    لجنة لدراسة اختلالات القوانين الأساسية لمستخدمي الصحة    السلطات العمومية تطالب بتقرير مفصل    توجّه قطاع التأمينات لإنشاء بنوك خاصة دعم صريح للاستثمار    4 مطاعم مدرسية جديدة و4 أخرى في طور الإنجاز    سكان البنايات الهشة يطالبون بالترحيل    الرقمنة رفعت مداخيل الضرائب ب51 ٪    رياض محرز ينال جائزتين في السعودية    مدرب منتخب السودان يتحدى "الخضر" في "الكان"    شهادات تتقاطر حزنا على فقدان بوداود عميّر    العنف ضدّ المرأة في لوحات هدى وابري    "الداي" تطلق ألبومها الثاني بعد رمضان    وهران.. افتتاح الصالون الدولي للشوكولاتة والقهوة بمشاركة 70 عارضا    هل تكون إفريقيا هي مستقبل العالم؟    الاجتهاد في شعبان.. سبيل الفوز في رمضان    أدعية شهر شعبان المأثورة    صحف تندّد بسوء معاملة الجزائريين في مطارات فرنسا    المجلس الإسلامي الأعلى ينظم ندوة علمية    حشيشي يلتقي مدير دي أن أو    العاب القوى لأقل من 18 و20 سنة    الجزائر تدعو الى تحقيق مستقل في ادعاءات الكيان الصهيوني بحق الوكالة    عبادات مستحبة في شهر شعبان    تدشين وحدة لإنتاج أدوية السرطان بالجزائر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحولات أوروبية في سياسة الهجرة!
نشر في الحياة العربية يوم 08 - 07 - 2023

قبل عقد من السنوات، فتحت أوروبا أبوابها الواسعة للمهاجرين، وكان القسم الأكبر من السوريين، كانت كارثتهم تتصاعد بفعل الحرب في سوريا والصراع عليها، وكان إلى جانبهم مهاجرون من دول آسيوية وأخرى أفريقية، اجتازوا بوابات الهجرة الأوروبية، حيث رحبت بهم دول مهمة فيها مثل ألمانيا والسويد، وقبلت الدول الأخرى بهم أو سكتت على مضض.
لم يكن فتح أبواب أوروبا أمام المهاجرين موقفاً إنسانياً وأخلاقياً صرفاً. بل كان موقفاً مصلحياً أيضاً مستمد من المهمة، التي تقوم بها الحكومات أساساً، وهي مهمة لا تمنع، أن ترافق المصلحة مسحات إنسانية وأخلاقية، وهذا ما بدا ظاهراً في مواقف بعض المسؤولين الأوروبيين وفي المقدمة السيدة أنغيلا ميركل المستشارة الألمانية القوية.
إن مصلحة أوروبا في فتح الأبواب أمام اللاجئين، تكمن في الحاجة إلى تجاوز مشاكل تتعلق بالسكان وبقوة العمل بخاصة. ففي أغلب بلدان أوروبا يتقارب عدد الولادات مع عدد الوفيات، وتتزايد أعداد كبار السن، وتزداد الحاجة لمن يقوم على خدمتهم، كما أن أنماطاً من العيش توسعت، وصارت بحاجة إلى مزيد من العاملين في قطاع الخدمات، وكلها تفرض فتح الأبواب أمام قادمين جدد إلى الدول الأوروبية من مهاجرين ولاجئين وغيرهم، وهكذا وجد السوريون الفارون من القتل والاعتقال والدمار فرصة للعبور إلى أوروبا، ورأى الأوروبيون والألمان بخاصة، أن اللاجئين السوريين شكلوا فرقاً مهماً في موجات اللجوء التي توالت على أوروبا بعد الحرب الثانية.
غير أن سياسة الترحيب باللاجئين واختلاطها بنزعات إنسانية وأخلاقية، أخذت تتغير بعد سنوات قليلة، تحت تأثيرات عوامل من أبرزها اثنان: أولهما الصعود المتنامي لممثلي جماعات اليمين ويمين الوسط، واحتلالهم مقاعد البرلمانات، وتوليهم السلطة في العديد من البلدان، والثاني تجليات الأزمة الاقتصادية – الاجتماعية، والتي تصاعدت تفاعلاتها مع «كوفيد – 19».
إن تحول السياسات الأوروبية في موضوع اللاجئين، تجسد في أمرين: أولهما اختلال السياسة الأوروبية الموحدة على مستوى الاتحاد، والثاني توجه كل واحدة من دوله لاتباع ما تراه في مصلحتها من سياسات وإجراءات. حيث ركزت أغلب البلدان نحو رفض اللاجئين، والتخفيف من أعدادهم، بل منع وصولهم إليها، وفي الإجراءات طبقت التأخير في الإجراءات الإدارية الخاصة باللاجئين من حيث منح الإقامة ونوعيتها ومدتها ومنح وثائق السفر وفرص السكن، وبدأت موجة من تغيير السياسات، ودفعها نحو تشدد أكثر، كما في موضوع منح الجنسية وسحبها، ولمّ الشمل العائلي، وكان الأخطر في التغييرات، المسايرة الرسمية لنزعات العداء للاجئين سواء ارتدت قناعاً اقتصادياً بالقول إنهم يعيشون على حساب دافعي الضرائب، أو اختفت وراء واجهة سياسة عنصرية، ولم تقتصر هذه المسايرة على بعض الأوساط الشعبية، بل شملت جماعات سياسية متطرفة، وتبنت بعض الحكومات فكرة ترحيل لاجئين إلى بلادهم بدعوى عودة الأمن إلى مناطق سكناهم الأصلية، في وقت اتجهت فيه كل البلدان إلى فتح أبوابها أمام لاجئي أوكرانيا مقابل التشدد حيال غيرهم.
لقد هزت السياسات والإجراءات بصدد الهجرة قواعد اختلاف وتوافق دول الاتحاد الأوروبي في اجتماعاته الأخيرة في يونيو 2023، وأسست قواعد جديدة، أبرز محتوياتها إرجاع طالبي اللجوء المرفوضين من الحدود الخارجية للاتحاد بسرعة إلى بلدانهم الأصلية أو إلى بلد ثالث. واستثناء لاجئي أوكرانيا من عموم القواعد.
إن الأمثلة الأكثر بروزاً وتعبيراً في تحولات السياسة الأوروبية في موضوع اللاجئين، تبدو في سياسة الدنمارك، والتي بدأت مبكرة في عام 2015، استناداً إلى «خطة 2025»، التي أطلقتها الحكومة، وشملت تشديدات صارمة في مسائل الهجرة والإقامات، حتى بالنسبة للمقيمين في البلاد، وتم الاستناد إليها في مسعى الدنمارك للتملص من حصتها المتفق عليها مع الأمم المتحدة لتوطين 500 لاجئ في كل عام، قبل أن تذهب لاحقاً باتجاه ترحيل لاجئين إلى بلادهم بحجة انتفاء حاجتهم للحماية، والأثر المباشر لسياسة الدنمارك، أنها شجعت دولاً في الاتحاد الأوروبي للمضي على الطريق ذاته، وكانت السويد أبرزها، حيث أكدت في أبريل (نيسان) 2023 رغبتها في تبني مسار الدنمارك في موضوع اللاجئين والتوجه نحو إلغاء فكرة منح اللجوء الدائم، وخفض عدد اللاجئين المسموح به سنوياً، وإمكانية ترحيل المشتبه ب«أنهم أعضاء في عصابة ما، حتى قبل إدانتهم بارتكاب الجريمة في المحكمة»، وإقرار اشتراطات جديدة في تجنيس اللاجئين.
والمثال الثاني في التحولات الأوروبية في موضوع اللاجئين تمثله بريطانيا، التي طالما كانت لها مواقف مختلفة حتى قبل أن تغادر الاتحاد الأوروبي عام 2021. إذ كرست منع الوصول إليها عبر التشدد في منح فيزا للاجئين محتملين، ومنع وصولهم بصورة غير شرعية، وترحيل بعضهم بشكل موارب، وتعمدت تأخير إصدار الإقامات وخفض مساعدات الإعالة، سعياً إلى تطفيش اللاجئين، قبل أن تتجه إلى إطلاق خطة مع رواندا عام 2021 بتكلفة 120 مليون استرليني لاستضافة طالبي اللجوء والمهاجرين إلى المملكة المتحدة، لكن لم يتح للخطة أن تنجح لأسباب متعددة.
ولم يمنع فشل الحكومة البريطانية من تجديد جهودها في التصدي للهجرة عبر قانون جديد، جرى طرحه في مارس 2023، تضمن منع الأشخاص المبعدين من بريطانيا من العودة أو السعي إلى الحصول على الجنسية البريطانية في المستقبل، ووضع حد لعدد اللاجئين الذين يستقرون في المملكة المتحدة من خلال «طرق آمنة وقانونية»، يحددها البرلمان سنوياً، واحتجاز من يصلون إلى بريطانيا بشكل غير قانوني وترحيلهم إلى رواندا أو إلى بلد ثالث «آمن».
إن المشترك في التحولات الأوروبية في موضوع الهجرة، هو مسار التشدد واستخدام كل الطرق والأساليب الممكنة للحد من الهجرة وإبعاد ما أمكن من اللاجئين، لكن المسار يواجه معارضة في الوسط السياسي، وأكثر منها في المستويات الحقوقية والإنسانية، لكن الأهم في مواجهة سياسة التشدد، يكمن في حاجة أوروبا إلى تجديد طاقاتها البشرية، والتي يلعب المهاجرون واللاجئون فيها دوراً مركزياً.
الشرق الأوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.