التحكم فى انفعال الغضب والسيطرة على النفس من الأمور بالغة الأهمية لكى ينجح الإنسان فى حياته ويستطيع أن يتوافق مع نماذج البشر على اختلاف طباعها وأخلاقها... ولكى يتفادى أيضاً كثرة التصادم والاحتكاك والذى يحصد بسببه خصومات وعداوات كثيرة. ويتفق معظم علماء النفس على أن الغضب ضرورة لحماية النفس من عدوان العالم الخارجى، ولكنه فى غاية الخطر عندما يزداد ويستمر. ويشبه البعض الغضب بالبخار المضغوط فى إناء محكم إذا لم يجد منفذاً لخروجه فانه يصيب الفرد بمرض أو أكثر من تلك المجموعة المسماة بالأمراض النفسجسمية مثل قرحة المعدة وارتفاع ضغط الدم والذبحة الصدرية والقولون العصبى والصداع العصبى المزمن.. الخ، ويعبر البعض عن ذلك بأن الغضب إذا لم يخرج فسوف يستقر فى أحشائك!. غليان الدم فى العروق.. حقيقة! قامت عالمة النفس الأمريكية كاشلين لولر بإجراء تجربه فى جامعة "تينيسى" الأمريكية عن أثر بعض الضغوط على عدد كبير من الطلاب، فوجدت أن مجرد التفكير أو التحدث عن معانى الإساءة والخيانة التى يتعرض لها الإنسان لدقائق معدودة .. يؤدى إلى تغيرات ملحوظة فى ضغط الدم ومعدل نبض القلب ومستوى التوتر العضلى، وزيادة فى معدلات الموصلات العصبية والنشاط الكهربى فى الجهاز العصبى .. ناتجة عن ضخ عدد من الهرمونات والمواد الناقلة العصبية تتسبب فيما وصفته بحالة "غليان الدم فى العروق"!. يؤكد الإمام الغزالى أن الحِلم أفضل من كظم الغيظ، لأن كظم الغيظ هو للشخص الذى هاج غيظه بالفعل... ويؤكد الحديث الشريف هذا المفهوم العظيم: "إنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم" (أخرجه الطبرانى).. ويمثل هذا الحديث أحد أوجه الإعجاز السلوكى المهمة فى ضبط النفس Self-control والتوكيدية assertion Self- وتعنى تأكيد الذات و القدرة على التعبير عن المشاعر و الأفكار بدرجة عالية من الصحة النفسية و الفاعلية . ولقد أدهشنى – بل أذهلنى - حقاً ذلك الحديث الشريف ومدى الإعجاز السلوكى والعلمى فى مضمونه الذى يقول صلى الله عليه وسلم فيه: "خير بنى آدم البطىء الغضب السريع الفىء، وشرهم السريع الغضب البطىء الفىء" (أخرجه الترمذى). فهو إشارة مباشرة للإسراع بالتدريب على الحلم والفىء من الغضب؛ أى الخروج السريع من دوامة الانفعال قبل أن تتغير بيولوجية الجسم وتتهيج أجهزته وتشتعل خلاياه.