تسعى الطبعة ال24 لأيام قرطاج السينمائية (تونس 16-24 نوفمبر) لأن تكون منعطفا في الانتقال الثقافي بغرض الاستجابة للتطلعات الجديدة للشباب التونسي والعمل على ترقية السينما العربية والإفريقية. ويرى المنظمون أن الأمر يتعلق هذه المرة بالعودة إلى الروح الأولى لتأسيس التظاهرة سنة 1966 مع إعادة بعث تصور جديد يأخذ بعين الاعتبار واقع القرن الجديد سيما مع أول طبعة بعد سقوط النظام التونسي البائد. وبما أنه أعرق مهرجان سينما في المنطقة الجنوبية فان أيام قرطاج السينمائية كرست منذ أكثر من 50 سنة موعدا يتلاقي فيه الفاعلون وصناع السينما الدولية من أجل دراسة مسائل إنتاج وتوزيع السينما العربية والإفريقية في إطار لا يعترف بالحدود. ويتضمن هذا الحدث الذي يقام كل سنتين ثلاثة مستويات من المنافسة وهي الوثائقي والأفلام الطويلة والقصيرة إلى جانب بانوراما من السينما التونسية والسينما العالمية فضلا عن قسم التكريمات وقسم خاص ب"شاشة المستقبل" (خارج المسابقة) المخصص للسينمائيين الشباب الحاملين للإمكانيات والمشاريع. ويضم برنامج التظاهرة ملتقيات ولقاءات ومعارض حول مواضيع شتى مثل "كيف تكون سينمائيا مستقلا اليوم" و"بدائل التوزيع السينمائي" كما ستناقش تلك المنتديات مستقبل السينما المستقلة أمام هيمنة شركات التوزيع وصناديق الدعم والأعداد الهائلة من القنوات التلفزيونية. ويتنافس على التانيت الذهبي والفضي والبرونزي (الجوائر الأهم في التظاهرة) ما لا يقل عن 20 فيلما طويلا من 14 بلدا منها الجزائر التي تشارك بفيلمي "التائب" لمرزاق علواش و"عطور الجزائر" لرشيد بلحاج. واللافت في هذه الفئة هو المشاركة القوية لإنتاجات البلدان الإفريقية من بينها تونس التي تشارك بثلاثة أفلام طويلة من نوع الخيال متبوعة بالجزائر ومصر بعملين لكل واحد منهما. أما القسم الخاص بالأفلام القصيرة الخيالية فقد تم انتقاء 23 عملا من 12 بلدا منها "النافذة" للمخرج الجزائري الشاب أنيس جعاد الحائز على جائزة أحسن سيناريو في الأيام السينمائية بالجزائر لسنة 2011. وما يميز هذه الطبعة الأولى بعد سقوط النظام السابق ظهور حركة سينمائية جديدة "ما بعد الثورة" تمثلها كل من تونس ومصر بخمسة عشر عملا من كل الفئات. في هذا الصدد، يؤكد محمد مديوني رئيس اللجنة المنظمة لأيام قرطاج السينمائية أن هذه الطبعة تعد نوعا من القطيعة من شانها الاستجابة للتطلعات الحالية للشبيبة التونسية تلك التي كرست "مفهوم الحرية". ومع تسارع الأحداث في إفريقيا والعالم العربي فان هذه المناطق قد عرفت ظهور عدد هام من السينمائيين الهواة في اختصاص السينما الوثائقية والهدف من وراء ذلك هو محاولة الحفاظ على بعض الآثار السينمائية لتك الأحداث. أما القائمة الرسمية للمنافسة فتضم 18 فيلما من 12 بلدا من بينها الجزائر التي سيمثلها حميد بن عمارة مخرج فيلم "بعض الأحلام وبعض الحياة". واللافت في هذه الفئة هو أن تونس ومصر ولبنان والسينغال يمثلون لوحدهم نصف الإنتاجات المشاركة. وفيما يخص طبعة 2012 التي تتزامن مع إحياء الذكرى ال50 لاسترجاع الجزائر لسيادتها الوطنية فقد قرر المنظمون تخصيص قسم "التكريمات" للجزائر من خلال عرض تسعة أفلام مطولة وثمانية أفلام قصيرة. أما الأعمال المختارة لهذا الغرض فهي نتاج السينما الجزائرية ما بعد الاستقلال انطلاقا من "صوت الشعب" الذي اشترك في انجازه كل من جمال شندرلي ومحمد لخضر حمينة سنة 1961 إلى غاية "غراغوز" لعبد النور زحزاح المقدم سنة 2011. وسيكرم المهرجان عديد الوجوه السينمائية العربية والإفريقية الذين برزوا من خلال أعمالهم ومساراتهم الثرية من بينهم توفيق صلاح (مصر) وسليمان سيسي (مالي) والطيب لوحيشي (تونس).