العارفون بدهاليز السلطة وأروقة الحكم، يقولون أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة سيترشح لعهدة رئاسية رابعة وفق الدستور الحالي والأولى من منظور الدستور المرتقب.... نفس هؤلاء العارفون يقولون أن الدستور القادم يتجه لإقرار منصب نائب الرئيس وإعادة منصب رئيس الحكومة، ومعنى هذه الأخبار إذا صحت أن النظام مقبل على تغيير لصالحه، تغيير يجعله بعيدا عن أي متغيرات قد تطرأ على المشهد السياسي، وبمعنى أدق، يمكن القول ان هذه الأخبار تؤشر على ان التغيير او الإصلاح الذي تتحدث عنه الحكومة ما هو إلا إعادة ترتيب بيت السلطة بما يجعلها قادرة على مواجهة الهزات المحتملة والتي قد تستهدف نظام الحكم كمما يريد البعض... صحيح انه من حق النظام تحصين نفسه، في زمن الثورات المشبوهة، لكن الصحيح أيضا أن أي عملية سياسية مماثلة تكون مبتورة عن بعدها الشعبي وعمقها الاجتماعي قد لا تؤدي إلى النتائج المرضية، ومن هنا وجب على صناع القرار البحث عن آليات تمكن المواطن والنخب الفاعلة من المشاركة في وضع التصورات أو على الأقل مناقشتها وإثرائها، إذا كان الأمر قد قضي بالصيغة التي يريدها صناع القرار. اعتقد جازما أن الإصلاح الحقيقي، ونحن أمام فرصة تعديل الدستور هو أن نجعل من هذه المحطة مناسبة تاريخية للتصالح بين الشعب والدولة، بين الحكومة والمواطنين، بين الفاعلين والحكام، فالحراك الذي يشهده الجنوب وغليان الجبهة الاجتماعية وتدهور القدرة الشرائية تجعل من الدعوة إلى إشراك المواطن في صنع مستقبله والمشاركة الفعالة في إقرار الخيارات السياسية للمرحلة المقبلة ضرورة لتفادي أي هزات قد تنتج عن الإقصاء.