سؤال الهوية هو ما يطرحه "سعود السنعوسي" الكاتب والروائي الكويتي في عمله السردي الرائع "ساق البامبو"، وهو يفعل ذلك من خلال رصد حياة شاب وُلد لأب كويتي، ينتمي لعائلة عريقة، ومن أم فلبينية، فتوزعت الرواية بين هاتين الهويتين في علاقة ملتبسة يغلب فيها الشعور بالانتماء إلى ثقافتين مختلفتين، وعدم القدرة على التماهي مع إحداها وترك الأخرى، ولعل خير ما يظهر به هذا الالتباس هو الرغبة لدى بطل الرواية في التصالح مع الذات والهوية الأصلية، للوطن القديم، الكويت، الأرض "الحلم" أو "الجنة" كما صورتها له والدته منذ كان طفلاً... وفي الرواية، تأتي جوزفين للعمل في الكويت ك"خادمة" تاركة دراستها وعائلتها، والدها، وأختها التي أصبحت أماً لتوّها آنذاك، وأخاها وزوجته وأبناءهما الثلاثة، وهم يعقدون آمالهم على جوزفين، لتضمن لهم حياة كريمة، بعد أن ضاقت بهم السبل. وهناك في منزل العائلة التي بدأت للتو عملها في رحابها، تتعرف جوزفين إلى "راشد" الابن الوحيد المدلل لدى الأم "غنيمة" والأب "عيسى"، فيقرر الابن الزواج بجوزفين بعد قصة حب قصيرة، والشرط أن يبقى الأمر سراً، ولكن، تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، فتحمل جوزفين بوليدها "Jose" والذي أصبح اسمه "هوزيه ميندورا" فيما بعد، عندئذٍ يتخلى الأب عن الابن الذي لم يبلغ شهره الثاني من عمره، ويرسله إلى بلاد أمه، وفي الفلبين، يكابد الطفل الفقر وصعوبة الحياة، ويمني نفسه بالعودة إلى بلاد أبيه، حين يبلغ الثامنة عشرة، ومن هنا تبدأ الرواية. "ساق البامبو"، عمل روائي جريء، يقترب بموضوعية من ظاهرة العمالة الأجنبية في البلدان العربية، وما ينجم عن هذه الظاهرة من علاقات، نجح الروائي في كشف بعضٍ من كواليسها، بواقعية، وبخطاب روائي عميق في مضمونه ودلالاته، وأحداثه وأمكنته، ما حقق لنا متعة مزدوجة، هي متعة الحكاية والخطاب في آن معاً. وعليه، تكون "ساق البامبو" زمناً للقراءة والحياة في النص الجميل. والجدير بالذكر أن هذه الرواية للروائي الكويتي سعود السنعوسي قد فازت بالمرتبة الأولى للجائزة العالمية للرواية العربية البوكر لعام 2013.