أثار قرار ترشح الكاتب الروائي محمد موسهول الشهير باسم "ياسمينة خضرة" إلى منصب رئاسة الجمهورية في انتخابات الربيع المقبل الكثير من الجدل وسط الجزائريين الذين تراوحت مواقفهم بين التأييد والاستغراب. وتباينت مواقف الشارع الجزائري ونخبته بعد إعلان صاحب رواية "سنونوات كابول" التي تصدرت لائحة الكتب الأجنبية الأكثر رواجا في الولاياتالمتحدةالأمريكية، والذي تُرجمت أعماله إلى العديد من اللغات العالمية. ويرى الكاتب والناقد الأدبي الدكتور محمد ساري في حوار مع موقع DW، بأن من حق ياسمينة خضرة الترشح كغيره من المواطنين لأي منصب يريده، مضيفا "المسألة لا تتعلق بالترشح وإنما في آلية انتخاب الشعب لمن يراه صالحا لهذا المنصب، وهذه مسألة أخرى لها شروطها وحساباتها الخاصة"، ويرى السعيد (23 سنة)، طالب دراسات عليا، أن ياسمينة خضرة، شخصية لها احترامها، داخل الوطن وخارجه، وبالرغم من أنه لم ينخرط يوما في النقاش السياسي الذي عرفته الجزائر منذ التسعينات، إلا أن ذلك لا ينقص من مواقفه الشجاعة في انتقاد الوضع التي تعرفه البلاد، فلم يتردد أكثر من مرة عن مهاجمة من نعتهم "مافيا المال والسياسة" وهو بذلك منسجم بين أفكاره ومواقفه التي يعبر عنها. ويضيف المواطن السعيد لdw "إن إعلان محمد موسهول ترشحه لخلافة بوتفليقة يعتبر حدثا ثقافيا وأدبيا بامتياز، وهي بداية التخلص من احتكار فئة بعينها للمشهد السياسي، دون أن تحقق شيئا، بل إنها زادت من معاناتنا"، ويستطرد السعيد قائلا "أتمنى أن تحقق الجزائر الاستثناء في أن يصل إلى رئاستها أديب له مشروعه المتكامل للقضاء على الفقر والبؤس والفوضى، التي أفرزتها سنوات الإرهاب والرشوة والمحاباة". من جهته وصف سيف الدين (25 سنة) ترشح ياسمينة خضرة ب"لا حدث"، فالشخص الذي يعترف في كتاباته وحواراته أنه يختلف عن الإنسان الجزائري، وينعته بأبشع الصفات لا يمكن أن يتوّج على رأس الجزائر التي يقول عنها أن شهرته تفوق شهرتها في العالم، ويضيف سيف الدين "للأسف الشديد أن كل من أعلن عن رغبته في الترشح ليس لهم أي مشروع سياسي أو اقتصادي، هدفهم فقط الترشح سواء بهدف الشهرة أو تحقيق مصالح في أماكن أخرى". أما عبد العزيز غرمول رئيس حزب الوطنين الأحرار فيرى أنه من الناحية القانونية يحق لأي مواطن الترشح لأي انتخابات، وفي تقدير غرمول فإن ياسمينة خضرة أقدم على هذه الخطوة ليس من أجل أن يكون رئيسا للجمهورية وإنما من أجل توسيع شهرته الأدبية العالمية في حقل السياسة، وأن خضرة يدرك جيدا أن اختيار الرئيس في الجزائر لا زالت تحكمه اعتبارات ليست من بينها حتما ثقافة المترشح وشهرته. فالجزائر بحاجة إلى مرشح قوي تلتف حول مشروعه جميع قوى المجتمع الراغبة في تغيير الواقع، لكن – يضيف غرمول- "نعيش الآن في مرحلة تدنيس المقدس، والعبثية التي نراها في الحياة السياسية والاستعداد للانتخابات الرئاسية تدخل في هذا الإطار". ويرى الدكتور زهير بوعمامة الباحث في العلوم السياسية فغي جامعة عنابة أنه من المفيد أن تشهد الساحة السياسية دخول طبقة المثقفين والأدباء. "ونتمنى أن نرى تجربة "فاكلاف هافل" الأديب الذي أصبح رئيسا في التشيك تتكرر في الجزائر، لكن في حالة ياسمينة خضرة لا يمكن أن نقول أن نموذج "فاكلاف هافل" موجود في شخصه، فلا يعرف للرجل نشاط سياسي أو مسار نضالي يتوج بالترشح لرئاسة الجزائر، وحول الأسباب التي قد دفعت بخضرة للإقدام على هذه الخطوة أوضح بوعمامة "يبدو أن ياسمينة خضرة يبحث عن التموقع في المرحلة القادمة، ولفت انتباه صناع القرار إلى شخصه فقط، لأنه لا يملك قاعدة انتخابية حتى بين قرائه، كما أن السلطة يمكن أن تستغله من أجل إضافة تنوع في المشهد التنافسي على الرئاسة كما كان الحال في السابق مع شخصيات سياسية أخرى