أثار إعلان الكاتب ياسمينة خضرة ترشحه لرئاسة الجمهورية الاهتمام ، لكنه آثار أيضا الكثير من التعليقات الساخرة على شبكات التواصل الاجتماعي، أطرفها على الاطلاق تلك التي تساءلت بأي اسم سيترشح الرجل، باسمه الحقيقي أم باسم الشهرة؟ لنعترف أن للكاتب حق الترشح، سواء أكان راغبا في ذلك أو مدفوعا. لكن السؤال المخيف هو، هل يعرف خضرة الواقع السياسي الجزائري وهل يعرف الجزائر حقا، أم أن منسوب الخيال في تكوينه دفعه إلى طلب الزعامة؟ والذين يعرفونه لن يدهشهم سلوكه على الاطلاق، هو المعتد، الواثق، الذي قال مرة لتلفزيون إيطالي أن اسمه صار معروفا في العالم أكثر من اسم الجزائر. وبكل تأكيد فإننا لا نحسد الكاتب على ذلك ونتمنى أن يصير معروفا أكثر من البلدان كلها وليس الجزائر فحسب، لكننا نتمنى قبل ذلك أن يكون تقديره دقيقا، لأن إشاراته إلى نفسه في الأحاديث الصحافية واللقاءات الثقافية تكشف عن أعراض ذلك المرض الذي يعاني منه الكثير من المنتسبين إلى الحقل الثقافي الجزائري، والذي تؤكد أدبيات علم النفس أن الشفاء منه بصفة نهائية غير ممكن. ولن نحتاج هنا إلى التدليل على ذلك بالخطابات التي يوجهها كتاب لا يسمعهم أحد إلى الجماهير العريضة، مع وجوب الاعتراف بأن ياسمينة خضرة ينفرد عن الكتاب الجزائريين بجماهيرية لا تنافسه فيها سوى أحلام مستغانمي. وسوء الظن هنا ليس للنيل من حق كاتب في ممارسة وظيفة سياسية قال هو نفسه أنه يستجيب لكل الشروط التي تتطلّبها وفي مقدمتها الكفاءة والنظافة والنزاهة ويزيد على ذلك بالتنبيه إلى أن تكوينه العسكري ومساهمته في وضع خطط مكافحة الإرهاب بالغرب الجزائري يجعلان منه الرئيس الذي لا يستطيع أحد أن يملي عليه شيئا. بل أن سوء الظن سببه الخوف على كاتب قد يضيع شعبه الصغير من القراء وهو يطلب ود الشعب الكبير الذي لا يقرأ الروايات، خصوصا أنه اعترف أكثر من مرة بأن الجزائريين أكثر انتقادا له بين أبناء شعبه العزيز متعدد الجنسيات والأعراق. وقديما تقدم كاتب قسنطينة العظيم مالك حداد للانتخابات التشريعية واكتشف أن القسنطينيين "لا يعرفونه"! وبالطبع فإن خضرة ليس الكاتب الأول في العالم الذي طلب الرئاسة، فقبله تقدم لها الكاتب البيروفي الكبير ماريو فارغاس يوسا وخاب، ونجح السفاح رادوفان كاردزيتش وفي ظروف أخرى سنغور، فيما تحول رؤساء بقوة الموقع إلى كتاب في صورة القذافي وصدام والنماذج كلها متوفرة أمام الكاتب المترشح. وحتى وإن لم يكن خضرة، الذي يرفض دخول الرئاسة تحت راية حزبية، صاحب مسار سياسي، فإنه كشف عن مواقف "معارضة للنظام "، وهو النظام ذاته الذي جعله سفيرا ثقافيا في باريس، وسيكشف بكل تأكيد عن نزعته السياسية في البرنامج الانتخابي الذي قال أنه جاهز. ملحوظة يعتقد الكاتب ياسمينة خضرة أن شعبيته زادت إلى الحد الذي يحوله من كاتب إلى رئيس، ويعتقد كثيرون أن الرجل لم يخلع جزمته القديمة ! سليم بوفنداسة