ما يزال المجتمع الجزائري يرى زوجة الأب في صورة سلبية... فهي دائما في نظرهم شديدة القسوة، غيورة، أنانية، وغيرها كثير من الصفات السيئة التي تفرغها في تعامل مع أبناء زوجها بالضرب أو الحرمان من الطعام والتجويع والشكوى المتكررة منهم لأبيهم الذي غالباً ما ينصاع وراءها وتصيبه عدوى القسوة على أبنائه، فلا يكفيه حرمانهم من حنان الأم، فيذيقهم وزوجته مرار اليتم. لطيفة مروان ورسخت وسائل الإعلام بدورها صورة زوجة الأب لدى الرأي العام بأن زوجة الأب كالجحيم، ولكن حين نبحث في أغوار المجتمع نكتشف كنوزا خافية وصورة مثالية ورائعة لزوجة الأب والتي كانت أما بديلة لأبناء زوجها فعوضتهم حرمانهم من الأم سواء كانت متوفاة أو منفصلة عن أبيهم بالطلاق، وألقت بهم إليه لتتفرغ لحياتها الجديدة مع زوج وأبناء آخرين. تقول نجوى: عشت مع زوجي الأول خمس سنوات، ولم أنجب منه إلى أن توفاه الله، ثم تقدم لي رجل طيب. وكان مطلقا وله ابن عمره ثلاث سنوات، فوافقت وتزوجته ومنذ أن دخلت بيته اعتبرت ابنه ابني تماماً ومنحته كل ما أملك من مشاعر الأمومة التي حرمت منها وكان بالنسبة لي الابن الذي لم أنجبه وعوضني الله به عن حرماني من نعمة الإنجاب، وأصبح يناديني بماما. ولم أشعر يوما أنني غريبة عنه أو أنه غريب عني، وأشعر بالحنين إليه عند غيابه عن البيت، فالأم ليست فقط من تلد، فالأم هي التي تربي وترعى وتسهر الليالي لراحة الأبناء. ويتحدث إبراهيم معربا عن خوفه من الزواج بامرأة أخرى بعد وفاة زوجته رغم أن لديه ولدا وبنتا مازالا في طور الطفولة ويقول: التفكير في زوجة أب لأبنائي أمر صعب للغاية، خاصة وأنا أسمع عن قصص زوجة الأب وتعذيب أبناء الزوج ولا أريد لأبنائي التعذيب أو الإهانة، ولا يهمني البحث عن راحتي الشخصية. بقدر ما يهمني البحث عن راحة أبنائي وسعادتهم. يؤكد جمال عبد المقصود أستاذ علم الاجتماع أن الصورة السلبية لزوجة الأب، توارثها المجتمع، نتاج ثقافته وتقاليده، فدائما يظهرها بمظهر الشريرة، التي جاءت لخطف الأب وتعذيب الأبناء، وتشريدهم، رغم أن هناك أمهات أشد قسوة من زوجة الأب، ولكن المجتمع دائما يقف ضد زوجة الأب، وينصف الأم... ففي كلا الحالتين الحنان أو القسوة في الشخصية يرجع لطبيعة هذه الشخصية وعلى الزوج أن يحسن اختيار الزوجة الثانية خاصة مع وجود أبناء في حاجة إلى أم بديلة تعوضهم حنان الأم المفقود. وهناك الكثير من الصور الإيجابية لزوجة الأب والتي كانت للأبناء أماً مثالية أحبها الأبناء واحترموها وكرمها المجتمع. وعن رأي علم النفس في زوجة الأب تقول يرى الاخصائيون النفسانيون أن المرأة التي تقبل أن تكون زوجة أب، يجب أن تكون شجاعة، وواعية، وعليها أن تضحي حتى تسعد زوجها وأبناءه، وتبذل الكثير من الجهد لكسب ثقتهم... فمطلوب منها أن تعيد التوازن للأسرة التي فقدت مصدر الحنان، حتى تجعلهم يتقلبون وجودها بينهم ولا شك أن نجاحها في ذلك، سيحقق لها ولهم السعادة والراحة النفسية. وعن رأي الدين في زوجة الأب فقد أعطى الله تعالى لزوجة الأب حرمة تماثل حرمة الأم، لذا فهي واجب لها الاحترام من جانب الأبناء، وحق البر والصلة حتى بعد وفاة الأب، كما لا يجب عليهم إغفال حقها في الميراث.