يخوض المنتخب الوطني نهائيات كأس إفريقيا للأمم التي تحتضنها غينيا الاستوائية هذا الشهر بأفضل حال ووضع غير مسبوق خلال العقدين الماضيين مما يجعل سقف طموحاته بلا حدود. فهي اليوم، بحسب المتتبعين، أحد أبرز المرشحين للتتويج باللقب القاري إن لم تكن المرشح الأول عطفا على نتائجها اللافتة والمميزة بمونديال البرازيل وتصفيات الكأس الإفريقية التي جعلت منها صاحبة المركز 18 عالميا كأفضل منتخب إفريقي وعربي.ويتعرض المنتخب الحالي لضغوط رهيبة من أجل تشريف الكرة الجزائرية والعودة مجددا إلى منصة التتويجات التي غابت عنها منذ 1990 السنة التي توجت فيها الجزائر بأول وآخر لقب قاري. لكن رئيس اتحاد الكرة محمد روراوة يرفض، كما قال، فرض ضغوط على اللاعبين مؤكدا أن "الجميع يريد التتويج باللقب القاري لكن الظروف التي سيواجهها المنتخب في غينيا الأستوائية صعبة جدا" قبل أن يسترسل مؤكدا أن المنتخب يتطلع، كهدف أولي، بلوغ المربع الذهبي. علما بأن أفضل انجاز حققه الخضر في السنوات الأخيرة هو بلوغ المربع الذهبي بدورة أنغولا 2010 قبل أن يسقط بهذا الدور برباعية نظيفة أمام مصر،أما في آخر نسخة (2013) فكان أول منتخب يصل إلى جنوب إفريقيا وأول من يغادره في الدور الأول. .. مشوار مميز منذ 4 سنوات خلال التصفيات قدمت الجزائر نفسها بطلا بلا منازع للمجموعة الثانية فكانت أول منتخب يتأهل للموعد القاري (بعد منظم الدورة المغرب في البداية قبل تحويلها إلى غينيا الأستوائية) بحصده خمس انتصارات متتالية قبل أن يسقط أمام مالي في المباراة السادسة الأخيرة (0/2). هذه الانتصارات المتتالية جعلت من مدربه الفرنسي كريستيان، الذي التحق على رأسه في أغسطس الماضي خلفا للبوسني وحيد حاليلوزيتش، يعادل الرقم القياسي الذي حققه مواطنه لوسيان لوديك الذي حقق الرقم ذاته في عدد الانتصارات خلال إشرافه على الخضر في 1967.وكان كل من مدرب المنتخب السابقين الجزائري رابح سعدان والبوسني وحيد حاليلوزيتش, على بعد خطوة واحدة من معادلة هذا الرقم خلال التصفيات المؤهلة إلى كأسي العالم 2010 و 2014 على التوالي. مشوار الخضر في التصفيات كان ناجحا على أكثر من صعيد، تمكن من تحقيق خمس انتصارات متتالية والفوز خارج قواعده وإحراز 11 هدفا كان لنجمه المتألق ياسين براهيمي ثلاثة أهداف. بينما لم تتلق شباكه سوى 4 أهداف. وخلال هذه التصفيات حافظ المدرب الفرنسي جوركيف، الذي يشرف لأول مرة بتاريخه على منتخب وطني بعد تجربة طويلة مع الأندية الفرنسية والقطرية، على ذات التعداد الذي تركه البوسني وحيد حاليلوزيش بعد المونديال رغبة منه في الحفاظ على التلاحم السائد بين لاعبيه والتوليفة الموجودة بين خطوطه الثلاثة مع اللجوء إلى تدعيمات قليلة في صفوفه.لكن أهم شيء اختلف فيه المدرب الفرنسي، الذي سيكتشف لأول مرة المسابقة الإفريقية كمدرب منتخب وطني، عن نظيره البوسني هو تفضيله لخطة 4/4/2 التي لعب بها في أكثر المباريات التصفوية وأتت بثمارها خصوصا من حيث الدفع بظهيري الدفاع إلى دعم الهجوم الذي يشكل حجر الزاوية لدى هذا المدرب، بينما كان البوسني يعتمد كثيرا على طريقة 4/3/3 مع الحذر الهجومي. بيد أن أهم شيء اكتسبه منتخب "محاربي الصحراء" منذ مشاركته المتميزة بمونديال البرازيل هو أنه أصبح له شخصية ووزن بالساحة الإفريقية وقدرة على التعامل مع الحالات المختلفة للمباريات، وذلك بفضل النضج الذي بلغه لاعبوه، وكلهم محترفون تخرجوا من المدارس الكروية الفرنسية باستثناء اللاعبين سوداني وسليماني وحليش خريجي المدرسة الجزائرية.لعل هذا الأمر هو الذي دفع بقائده مدحي لحسن، لاعب خيتافي الإسباني، إلى القول بأن "الجيل الحالي للمنتخب الجزائري أفضل بكثير من جيل 82″، وهو التصريح الذي أثار جدلا كبيرا في الساحة الكروية المحلية ولقي انتقادات كثيرة خصوصا من جيل بلومي وماجر. واقع الأرقام يقول إن الجيل الحالي حقق نتائج طيبة في المونديال متأهلا لأول مرة للدور الثاني وحصد 5 انتصارات متتالية في التصفيات الإفريقية، ويملك لاعبين مهاريين بينهم فيغولي وبراهيمي، الأخير يقترب من العالمية، لكن ذلك لا ينقص من مكانة منتخب 82 الأفضل في تاريخ الكرة الجزائرية لأنه مبدع وفنان وموهوب وحقق نتائج لافتة من 1980 حتى 1986، ولو سنحت الفرصة للاعبيه الموهوبين في صورة بلومي وعصاد وماجر ومرزقان لكانوا عالميين أيضا، بل إن عصاد اختير أفضل جناح أيسر في مونديال 82 وهو تتويج عالمي بحد ذاته. .. براهيمي وفيغولي وبن طالب حاملا لواء التألق ما يميز منتخب 2015 عن سابقيه امتلاكه خطي وسط وهجوم رائعين قادرين على إرباك دفاع أي منافس في أي لحظة وإحراز الأهداف في أي وقت من المباراة خصوصا إذا كان لاعبوه في "يومهم" و"لم تخنهم لياقتهم البدنية"، بل إن دكة الإحتياط فيه تعج بلاعبين لا يقلون موهبة عن الأساسيين حتى أن المدرب الحالي غوركيف إنه "وجد صعوبة في إعداد قائمة 23 لاعبا بسبب وجود لاعبين عديدين مميزين". ويتصدر ثنائي الوسط الهجومي سفيان فيغولي وياسين براهيمي قائمة نجومه المتألقين والذين يتوقع المراقبون خطفهم للاضوار في نهائيات الكأس الإفريقية.فيغولي //24 سنة// كان السباق قبل زملائه في البروز فنجح في الإنتقال سريعا من الدوري الفرنسي إلى نظيره الإسباني حيث برز منذ ثلاثة مواسم مع فالنسيا حيث بات أحد ارقامه المهمة حتى إنه اختير مؤخرا أحد أسرع اللاعبين في الليغا الإسبانية.لكن مواطنه الأسمراني ياسين براهيمي نجح سريعا في خطف الأضواء من الجميع رغم بدايته المحتشمة قبل موسمين مع نادي غرناطة الإسباني، لكن انتقاله مطلع الموسم إلى بورتو فتح أمامه كل أبواب الشهرة والتألق حتى بات "أفضل موهبة صاعدة في القارة السمراء" باستفتاء الإتحاد الإفريقي لكرة القدم، وذلك بعد أن أختير في استفتاءات عدة "افضل لاعب جزائري" و"أفضل لاعب إفريقي" حسب بي بي سي مثلا. ويشكل هذا الثنائي القوة الضاربة في الخط الأمامي للخضر، لذلك يتوقع الكثيرون أن يفجرا أكثر موهبتهما بالبطولة الإفريقية وربما قيادة المنتخب للتتويج باللقب الأغلى.كما يراهن الجماهير الجزائرية على المهاجم إسلام سليماني ورياض محرز للتألق وتقديم أوراق اعتمادهما بهذه المسابقة عطفا على موهبتهما ورغبتهما بالبروز. .. الدفاع.. النقطة السوداء وعلى عكس خطي الوسط والهجوم، فإن خط الدفاع لا يزال يمثل النقطة السوداء ولم يستطع لاعبوه مجاراة بقية اللاعبين. ومنذ تحويل القائد المخضرم مجيد بوقرة إلى دكة الاحتياط واللجوء إليه بوقت الحاجة، يجد المدرب صعوبات في احتيار ثنائي المحور بين بوقرة ومجاني وبلكلام وحليش ثم كادامورو لتعويض بلكلام المصاب.
وسببت هذه الوضعية وجع رأس للمدرب بسبب ما أفرزته من نتائج سلبية على أداء محور الدفاع خصوصا في لقائي اثيوبياومالي بتصفيات كأس إفريقيا للأمم.بالمقابل يكون المدرب جوركيف غسل يديه من مشكلة الظهير الأيمن بتفضيله لمدافع ريمس الفرنسي عيسى ماندي على أن يكون مهدي زفان بديلا له، فيما سيكون فوزي غلام، مدافع نابولي الإيطالي، بمركز الظهير الأيسر.بيد أن التنافس سيشتد أكثر بخط الوسط الدفاعي بين الرباعي مهدي لحسن وسفير تايدر، لاعب ساسولو الإيطالي، ونبيل بن طالب، لاعب توتنهام الانجليزي، والوافد الجديد أحمد كاسحي.لكن المراقبين يرشحون الثنائي مهدي لحسن لخبرته وأقدميته ونبيل بن طالب لاندفاعه الهجومي بأن يضمنا مكانا بالتشكيل الأساسي. من جانبه سيفرض رايس مبولحي نفسه كرقم واحد في حراسة المرمى، وذلك رغم وجوده بعيدا عن المنافسة بالدوري الأمريكي.