عقد رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة الأربعاء اجتماعا طارئا خصص لدراسة الأوضاع السائدة في ولاية غرداية حسبما علمت وكالة الأنباء الجزائرية من مصدر مقرب من رئاسة الجمهورية. وخصص الاجتماع الذي ترأسه الرئيس بوتفليقة بحضور الوزير الأول عبد المالك سلال و نائب وزير الدفاع الوطني قائد أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق أحمد قايد صالح و وزير الدولة مدير الديوان برئاسة الجمهورية أحمد أويحيى لدراسة الأوضاع في هذه الولاية على إثر الأحداث التي خلفت أكثر من عشرون قتيلا و العديد من الجرحى في غرداية و بريان. وبلغت الحصيلة الرسمية لأحداث المواجهات بغرداية إلى غاية يوم أمس، 22 قتيلا بين العرب المالكيين والميزاب الإباضيين، بينما تتحدث حصيلة غير رسمية عن أكثر من هذا العدد، خلال الإشتباكات بين مجموعات من الشباب بمنطقتي القرارة وسهل وادي ميزاب ليلة الثلاثاء إلى الأربعاء. ولقي عددا من الأشخاص حتفهم إثر تعرضهم لمقذوفات بمدينة القرارة كما لفظ أحد الضحايا أنفاسها بمدينة غرداية متأثرة بجروحها بعد أن تلقت رمية مميتة بحجارة على مستوى الرأس وتوفي مجموعه 22 شخصا متأثرين بجروحهم خلال ال 48 ساعة الأخيرة فيما أصيب العشرات من ضمنهم سبعة (7) أشخاص أصيبوا بجروح خطيرة خلال الإشتباكات بين مجموعات من الشباب التي نشبت بمناطق القرارة وبريان وغرداية وسجلت أكبر حصيلة بمدينة القرارة (19 ضحية). وامتدت هذه الإشتباكات الحاصلة بين مجموعات من الشباب لتطال عدة أحياء أخرى بمناطق سهل وادي ميزاب وبريان والقرارة حيث ارتكبت أعمال تخريب وحرق للسكنات والمحلات التجارية وواحات نخيل وتجهيزات حضرية ومرافق عمومية ومركبات من قبل مجموعات من الشباب الملثمين. وتم نشر تعزيزات أمنية هامة للشرطة من أجل وضع حد لهذه الإشتباكات واستتباب الأمن والطمأنينة بالمنطقة. واضطرت قوات حفظ الأمن إلى استعمال الغاز المسيل للدموع لتفريق المجموعات المتنازعة. وتخللت هذه المناوشات أعمال حرق وتخريب سكنات ومحلات تجارية ومركبات للخواص وواحات نخيل وتجهيزات حضرية ومرافق عمومية . وتم نشر تعزيزات أمنية هامة بمواقع الإشتباكات مدعمة بأعوان مكافحة الشغب للدرك الوطني من أجل وضع حد لهذه الأحداث التي لا زالت متواصلة إلى غاية يوم أمس. وبات الوضع في غرداية مقلقا للغاية، إثر إرتفاع مهول في حصيلة الضحايا، حيث لم تسجل منذ بدء المشاحنات قبل ثلاث سنوات، فهل يعني ان التدابير التي أقرتها الحكومة، من اجل التهدئة لم تستوعب ، كليا ، انشغالات ملحة لاتباع المذهبين المالكي والاباضي، وينم التطور الجديد، الذي استنفر مصالح الأمن بشدة، على انه من الواجب التفكير مليا في حل جذري للمشاكل التي تعاني منها المنطقة، عبر إرساء آلية متابعة فعلية تقترب وتحتك بيوميات سكان الولاية. الأخطر في أحداث غرداية الجديدة، انها تحدث في وقت زاد المحيط الإقليمي تدهورا، بسبب الحاصل في ليبيا وتونس ومصر وغيرها ، في وقت هناك من يعتقد بتدخل أيادي أجنبية، لكن على المستوى الداخلي هناك من يسجل عدم إرساء آلية تهدئة فعلية ، وخاصة اذا علمنا ان جوا من الغليان موجود كذلك في ولايات اخرى ، حيث إنتقلت الإحتجاجات إلى العاصمة على غرار ما حصل بالعاصمة من إحتجاجات لافتة قرب دار الصحافة. وكان وزير الداخلية والجماعات المحلية نور الدين بدوي قد توجه في وقت سابق من نهار أمس إلى ولاية غرداية للإطلاع عن قرب على الأوضاع عقب الأحداث التي تعرفها المنطقة. ودعا عدد من أعيان وعقلاء منطقة غرداية من مختلف مكونات المجتمع السكان الى التحلي باليقظة والحكمة لتفادي المواجهات التي تشوه – كما قالوا – "صورة المنطقة". وما يحصل بغرداية، أحيانا لا تجد له تفسير سببي ، ذلك أن الصراع تعود جذوره إلى عقود خلت بينما يعتقد خبير علم الاجتماع الأستاذ ناصر جابي ان مدينة غرداية تحولت إلى مكان للصراع المتعدد الأشكال بين هذا التاجر المزابي الذي عرف كيف يروض هذه الصحراء القاحلة ويبني فيها عمران يعكس حضارته وتنظيمه الاجتماعي الذي حافظ عليه منذ قرون . وبين هذا "البدوي " الذي يرى أنه من حقه أن يدخل المدينة يسكن ويشتغل ويعيش فيها لدرجة تحول إلى أغلبية عددية، بل ويترأس بلديتها ويسير مرافقها الرسمية في غياب العنصر الاباضي الذي فضل كإستراتيجية العمل الاقتصادي الحر والابتعاد عن مؤسسات الدولة التي بدأ يشك انها " تشتغل " ضده خاصة في أوقات الأزمة كما حدث في المدة الأخيرة.وبهذا المنطق هناك اعتقاد ان المزابيين قد ابتعدوا عن تسيير الشأن العام وتفرغوا لتجارتهم، وهناك اتهام غير مباشر الى العرب الذين مسكوا بمقاليد الإدارة، شعر فيها الاباضيون بالتهميش فيها. أوهكذا كما يعتقد خبير علم الاجتماع ناصر جابي.