دعت الدكتورة جميلة مصطفى الزقاي إلى ضرورة إدراج المسرح المدرسي في المنظومة التربوية لترقية مسرح الطفل في الجزائر، مؤكدة أن ما سيتلقاه الطفل من خلال المسرح فإنه سينتج ثقافة جديدة ترتقي بالمستوى الفكري لدى الطفل. أكدت جميلة الزقاي في حديثها ل "الحياة العربية" أن الهدف من هذه الخطوة هو إدخال المسرح بهذه المرحلة التعليمية كنشاط إلى جانب التربية الفنية والموسيقية، مشيرة إلى أن الدعوة إلى هذه الخطوة ليست جديدة، وقد سبقها في ذلك العديد من المختصين وتبناها الأكاديميون وممارسون للفن الرابع أمثال مصطفى كاتب ومحمد بن قطاف والمخرج عمر فطموش وغيرهم ممن يدركون حسبها أهمية إدراج المسرح ضمن المنظومة التربوية. وقالت المتحدثة التي عينت مؤخرا خبيرة ضمن لجنة المتابعة للمسرح المدرسي بالإمارات العربية المتحدة "نحن في الجزائر لا تنقصنا الإرادة أو التخصص بل الوعي بالأهمية التي يشكلها مسرح الطفل بالنسبة للناشئة"، وأضافت الباحثة بأنه "لا يمكننا إنكار وجود مسرح الطفل في الجزائر على قلته لكنه في الحقيقة اليوم هو مسرح مناسباتي غير مقنن ولا يتوفر على شروط المسرح المدرسي". في سياق أخر نوّهت محدثتنا إلى الأعمال الطفيلية غير المتخصصة التي أثرت سلبا بمسرح الطفل في الجزائر قائلة "تغييب المختصين في الميدان وتهميشهم إلى جانب النقص الكبير في النقد الفني للأعمال التي غالبا ما تأتي على شكل نقد صحفي انطباعي"، من جهة أخرى تحدثت الدكتورة جميلة الزقاي عن صناع العرض المسرحي في الجزائر الذين حسبها ساهموا بتعاليهم عن مسرح الطفل في الوضعية التي يعاني منها حاليا مستدلة بعدم اهتمام المخرجين والممثلين وحتى السينوغرافيين بالأعمال الموجهة للطفل على الرغم من أن هذه الفئة (الأطفال) هي جمهور مسرح الغد، ولم تخفي من جهتها عن المجهودات التي تبذلها بعض الجهات المسرحية من أجل ترقية مسرح الطفل وطنيا وذلك بالنظر للعروض المسرحية الموجهة لهذه الأطفال في بعض المسارح الوطنية. كما نوهت المتحدثة إلى برامج المسرحية التي تخصص للأطفال في السنوات الأخيرة خلال العطل المدرسية والتي اعتبرتها مبادرة إيجابية إلا أنها أكدت على ضرورة دعمها بإدراج المسرح داخل المدرسة ضمن المواد الفنية، باعتباره خير معلم لأن دروسه لا تلقى عن طريق الكتب والمدرسة بشكل ممل مرهق، بل بالحركة التي تشاهد فتبعث الحماس وتخلقه وتصل إلى أفئدة الأطفال التي تعد أفضل وعاء لها. إن كتب الأخلاق يقف تأثيرها عند حد العقل، وبهذا الصدد استدلت بقول الكاتب الأمريكي مارك توين "حين تبدأ الدروس رحلتها من مسرح الأطفال فإنها لا تتوقف عند منتصف الطريق بل تمضي إلى غايتها النبيلة". كما تطرقت في الأخير إلى الحديث عن الفرق بين مسرح الطفل والمسرح المدرسي وقالت إن الفرق بين اللونين هو أن مسرح الطفل، يتم خارج المدرسة أي خارج الأطر التربويّة ويوجّه للطفل ولفئات عمريّة معينة، يخدم عالم الطفولة ويفيدها، بينما المسرح المدرسي هو تلك العروض التي تتم داخل المدرسة وأبطالها هم التلاميذ أنفسهم ممن لهم ميول، مشيرة إلى أن يفيد المسرح المدرسي يفيد في تواصل الأفكار التربويّة بالعمل على مسرحة المناهج، ويفك عنها قيد الجمود ويحرّرها من النمطية في التناول، ويجعل المادة مستساغة سهلة الهضم، ويعمل على تنمية ثقافة المتعلم وتطوير ذوقه وقدراته الإبداعيّة والتحاوريّة، بينما مسرح الطفل يتحرر من المادة التعليمية ويحلق في فضاءات الحياة الاجتماعية، ويقدم داخل المدرسة وخارجها أعمالا فنية، مؤكدة في السياق ذاته أن المسرح المدرسي يحتل في الدول المتقدمة يحتل موقعا مهما ضمن الاهتمامات التربوية كوسيلة تربوية تعليمية مثلى، أكثر من كونه غاية أدبيّة أو فنيّة، فالمدرسة حسبها تقوم بتوظيف المسرح من أجل تنمية قدرات وإمكانات المتعلمين، وفي تكوين شخصية الطفل، تلك التي تعاني من التسطيح والتهميش والإهمال، كما يساعد في نقص التوتر النفسي وتخفيف حدة الانفعال، ويعالج بعض الصفات السلبيّة كالخجل والانطواء والاكتئاب وعيوب النطق، ويبعث في النفوس حب التعاون والتواصل وبناء العلاقات واكتشاف العيوب والسلوكيات المنحطة، ويفتح عيونهم على الفن ويوجه أنظارهم إلى ثقافة المسرح.