-التعبير السينمائي للمرأة أكثر جرأة واهتماما بقضايا التاريخ يرى الناقد السينمائي السوري محمد عبيدو أن المخرجات العربيات أصبحن يلعبن دورا مهما في السينما العربية المعاصرة، حيث استطعن خلق لغة سينمائية جديدة بالغة التعبير، رغم الظروف القاسية التي يعشن فيها كالتسلط الأبوي والنزعة الأصولية لمعظم المجتمعات العربية وحركة التحرر الإنساني. أوضح الناقد محمد عبيدو في مداخلته بالملتقى الوطني الذي احتضنته جامعة وهران والذي ناقش إشكالية "النوع الاجتماعي والثقافة – حول المخيال والكتابة"، والتي جاءت تحت عنوان "التعبير النسوي بالسينما الجزائرية"، أن التعبير السينمائي للمرأة يتميز بالكثير من الجرأة كما يتميز باهتمامها بقضايا التاريخ وقوة طرحها للهوامش النسوية وذلك -حسبه- لتغير الثوابت السائدة وتمرد على سلطة النموذج التقليدي الذي يقر بأن هذا الميدان هو حكر على الرجال بسبب صعوبة وقسوة ظروف العمل. في ذات السياق تحدث الناقد عن الكاتبة والسينمائية الجزائرية الراحلة أسيا جبار التي اعتبرها مثالا لتحدي المرأة العربية لهذا المجال وقال "إنها فتحت باب السينما أمام النساء الجزائريات في وقت كانت فيه الصورة تستعصي على التناول النسائي"، ثم توالت بعدها على السينما الجزائرية العديد من الوجوه النسوية، التي استطاعت أن تضع بصمة خاصة في الأعمال الجزائرية، أمثال الممثلة كلثوم، نادية طالبي، فتيحة بربار، فطومة أبو صليحة، وغيرهن ممن برهن عن تجربة متميزة في التمثيل، إضافة إلى تجربة الإخراج حيث نجد نساء قدمن أفلاما بمضامين نسوية واضحة منذ سبعينيات القرن الماضي. وفي حديثه عن تجربة أسيا جبار، أكد الناقد "أن الفيلم الوثائقي "نوبة نساء جبل" للروائية يعد منعرجا خاصا شكل انفرادا متميزا في العلاقة بين الروائي والسينمائي في الجزائر كون آسيا جبار هي في الأساس كاتبة خاضت هذه التجربة الوثائقية والتسجيلية انطلاقا من حياتها الشخصية التي كانت مصدرها محل إقامتها بجبل شنوة، ورصيدها الشعري الكامن لدى نساء الجزائر"، مشيرا إلى أن تجربة أسيا جبار كانت انطلاقة لتجارب نسوة أخريات أخذت من وضعها المعاش مواضيع لأفلامها السينمائية سواء في الداخل أوفي المهجر، كصفية قطو، فاطمة غالير، مالكة المقدم بالإضافة إلى كل من نادية شرابي، فاطمة بلحاج وجميلة صحراوي وغيرهن ممن سارت على المسار المنفتح الذي اختطته آسيا جبار، في اهتمامها بقضايا التاريخ وقوة طرحها للهوامش النسوية واستمرار الأسئلة القلقة التي تطرحها على عوالم المجتمع والثقافة، ومن التجارب الإخراجية التي شكلت منعرجا في السينما النسائية بالجزائر حفصة زينات قوديل في فيلمها "الشيطان امرأة" 1993 التي ناقشت فيه قضية انضمام الشباب للجماعات المتطرفة وقضية الجهل وعلاقة المرأة به، وفيلم "إن شاء الله الأحد" للمخرجة الجزائرية يمينة بن غيغي، التي طرحت فيه موضوع المرأة من حيث أزمة الهوية والبحث عن الدور المستقل والقرار الحر، وفيلم "رشيدة" للمخرجة يمينة شويخ التي عبرت فيه وبطريقتها الخاصة عن المأساة التي عاشتها الجزائر في فترة التسعينيات، فقد قدمت فيه شهادة متميزة عن عنف الإرهاب وصراع المرأة الجزائرية ومقاومتها له. إن هذه النماذج يقول الناقد "تضعنا أمام صورة مميزة لما تنتجه السينمائية العربية الأنثى التي تتميز غالبة أعمالهن بأنها نسوية غير عنيفة لا يشعر المشاهد فيها بالعنصرية أو المبالغة، إذ تعكس الواقع بشكل بسيط وحقيقي دون أن تنفي احتياج المرأة للرجل كجزء من حياتها، وإن جاءت الأدوار الذكورية في عديد من الأعمال مهمشة"، وتدفعنا إلى دعوة اتساع دائرة السينمائيات للتعبير عن القضايا المتعلقة بوضعية المرأة في الجزائر والعالم العربي بصفة عامة.