لا يمكن وصف مشوار الفرنسي جول أكورسي مع منتخب إفريقيا الوسطى سوى بالاستثنائي لأنه أتى في ظرف وجيز جدا وحقق نتائج باهرة بلاعبين من المستوى الثالث أو حتى الرابع، فمن مرّ يوما بالجزائر ودرّب الشبيبة البجاوية أصبح الآن جالب الأنظار في وطنه فرنسا حيث سبق وأحرز كأسها مع باستيا سنة1981، لكن هذه المرة إنجاز أكورسي أتى دوليا وعلى حساب منتخب مونديالي أطاح بأسمائه المعروفة مستخدما لاعبين مغمورون، وأصبح الآن يحلم بالتأهل إلى كأس أمم إفريقيا لأول مرة في تاريخ جمهورية إفريقيا الوسطى. “اللاعبون أسعدوني بعد المغرب لكنهم أذهلوني بأدائهم أمام الجزائر” كان ل أكورسي أمس حوار مع إذاعة فرنسا الدولية للتعقيب على ما حقّقه مساء يوم الأحد لما أطاح بمنتخب مونديالي قوي على الورق بدا فتيا جدا على ملعب “بوڤوندا” ب بانغي، فعلى حد وصف الفرنسي كان أشباله رائعين في الجولة الأولى أمام المغرب بالرباط لكنهم أبهروا وأبدعوا أمام الجزائر، وأضاف: “أعرف إمكانات فريقي جيدا وأقولها صراحة إننا نملك الكثير، مباراة المغرب كانت مفاجأة سارة جدا لي، لكن أمام الجزائر أذهلوني بسيطرتهم من البداية حتى النهاية كما أن المنافس القوي التزم الدفاع فقط أمام حملاتهم الرائعة”. “لا أصدّق نفسي فقد فزت على الجزائر بلاعبين جمعتهم قبل شهرين” وما يزيد هول الهزيمة وحجمها على المنتخب الوطني أنّ المنافس الذي تفوّق عليه بثنائية تشكل قبل شهرين، ف أكورسي أشرف على منتخب لم يكن موجودا قبل ذلك التاريخ بأشهر عدة، وقال المدرب الفرنسي بهذا الخصوص: “أنا مندهش، تخيّل أنني توليت منصبي قبل شهرين فقط، لم أكن على دراية بأي شيء في إفريقيا الوسطى، وبسرعة شكلت مزيجا من المحليين والمحترفين يومين قبل مباراة المغرب، لم أجلب أسماء كبيرة تلعب لأندية عظيمة لكنني ركزت على الانضباط والعمل الجاد وكان لنا المقابل”. “حلم الكان بدأ ولن أصبر يوما واحدا على بقية المشوار” النقاط الثلاث المحققة أمام المنتخب الوطني تعدّ منعرجا لم يكن لا على البال ولا على الخاطر بالنسبة ل أكورسي، فهو الآن على رأس المجموعة والمُرشّح الأول للتأهل، ويرى الفرنسي أن حلم التأهل إلى كأس أمم إفريقيا 2012 بالغابون وغينيا الاستوائية بات قريب التحقق، وقال: “حلم كأس الأمم اقترب كثيرا خاصة أننا على رأس المجموعة، ينتظرنا لقاءان حاسمان أمام تانزانيا ذهابا وإيابا، أرى نفسي غير قادر على تحمّل يوم واحد من الأشهر الستة القادمة قبل الجولة الثالثة، لكنها فرصة لإعادة بناء بعض الأمور”. “القوة الذهنية سر أشبالي، وبلاعبين من الدرجات الدنيا صنعت سدا منيعا” وجهت إذاعة فرنسا الدولية سؤالا ل أكورسي حول السر الكامن وراء لاعب إفريقيا الوسطى الذين استطاع بفضلهم بناء تشكيلة عبثت بالمغرب ثم ضربت بقوة أمام “الخضر”، فالأمر غير طبيعي بالمرة أن ينهض منتخب من العدم ليفعل ما قام به رفقاء إنزا ياميسي، وأجاب مدرب “الوحوش” كما يُلقبون قائلا: “إنها ذهنيتهم، صحيح أنهم يلعبون في أندية من الدرجتين الثالثة والرابعة في أوروبا ومعهم ناشطون في البطولة المحلية أو بعض البطولات الإفريقية، لكنهم شكلوا معا سدا منيعا يضرب بقوة أمام الكبار”. “الأجواء مجنونة في بانغي بعد الفوز على الجزائر” وعرّج أكورسي في معرض حديثه عن تبعات الفوز الباهر على المنتخب الوطني وتحدث عن الأجواء التي تعيشها بانغي عقب ذلك الإنجاز، فرغم خبرته الواسعة مع الرياضة الشعبية الأولى في العالم، إلا أنه على حد وصفه لم يشاهد من قبل ما وقف عليه من جنون في بانغي، حتى يوم فاز مع باستيا بكأس فرنسا قبل حوالي 30 سنة.