هدافو المنتخب الوطني في تصفيات كأس إفريقيا تاسفاوت وماجر أهّلا الجزائر أكثر من مرة وجيل غزال وجبّور عليه أخذ العبرة شارك المنتخب الوطني في 14 دورة نهائية لكأس الأمم الإفريقية، أتت بعد دخوله غمار التصفيات في 21 مرة بداية من دورة 1968 بأثيوبيا، المشوار الذي عرف الحلو والمر، النتائج الممتازة وخيبات الأمل الكثيرة، فضلاً عن تسجيل الأهداف والعقم الهجومي الذي ينخر جسد المنتخب الوطني حالياً، وحول هذا الأمر بالذات وبالعودة إلى تاريخ المنتخب الوطني، فللجزائر هدافون سبق وصنعوا أفراح الشعب من خلال مساهمتهم في وضع "الخضر" في مكانتهم الطبيعية ضمن أفضل فرق القارة، وعلى الجيل الحالي أخذ العبرة منهم والسير على خطاهم. ________ عبد الحفيظ تاسفاوت (19 هدفا) "الطفرة" التي عقبت الجيل الذهبي وخطفت منه النجومية الهجومية يوجد في المكتب الفدرالي الجزائري لكرة القدم حاليا واحد من أساطير كرة القدم الجزائرية، ولا نبالغ إن قلنا أحسن مهاجم أنجبته الجزائر منذ دخول الساحرة المستديرة إلى بلادنا، فككل الجزائريين الشغوفين بكرة القدم، كانت بداية عبد الحفيظ تاسفاوت من شوارع مسقط رأسه وهران، قبل أن يبدأ مسيرته الحقيقية من الجمعية ثم المولودية الوهرانيتين، ومنها استدعاء لمنتخب الوطني الذي عرف معه مسيرة ناجحة فردياً على طول الخط، تخللها احترافه في الخارج وتتويجه بالثنائية في فرنسا. حفيظو .. هيلكوبتر الجزائر ربما وصف "الهيلكوبتر" الذي أطلق على أشهر لاعب في تاريخ الشيلي زامورانو كان لائقا بامتياز على تاسفاوت على الأقل 5 سنوات قبل أن يشتهر به نجم ريال مدريد وأنتير ميلان السابق، فالدولي الجزائري السابق كان بفعالية كبيرة جدا، خاصة في الكرات الرأسية رغم قصر قامته (1.71 متر)، كما أنه امتاز بالمكر الشديد داخل مربع العمليات، أمور جعلته يشد الرحال سنة 1996 إلى أوكسير الفرنسي ويساهم في تتويجه بثنائية البطولة والكأس، قبل أن يمر ب غينغون ويصل معه إلى نهائي كأس فرنسا قبل أن يتركه بعد 154 لقاء سجل خلالها 23 هدفاً. 19 هدفاً في التصفيات، 4 ثنائيات وآخر الثلاثيات تحمل اسمه يتسيد "حفيظو" كما اشتهر سنوات نجوميته كلاعب عرش الهدافين الجزائريين على مر التاريخ ب35 هدفاً، ما يُعادل رقم الهداف التاريخي للمنتخب الإيطالي لويجي ريفا (سنوات السبعينات)، كما أنه حامل لقب الهداف أيضاً في الإقصائيات الإفريقية موضوع حديثنا، فمناجير "الخضر" حالياً سبق وسجّل 19 هدفاً مع المنتخب الوطني في تصفيات 6 دورات إفريقية، مع امتلاكه ل4 ثنائيات في هذه المنافسة (رقم حفيظ الشخصي من الثنائيات هو 5 في كل المنافسات)، كما أنه صاحب آخر ثلاثية للمنتخب الوطني أمضاها سنة 1993 بتلمسان في مرمى السينيغال. ___________ رابح ماجر (10 أهداف) الأسطورة والعالمي موجود في كل إحصائيات النجومية الجزائرية في الحقيقة، تواجد نجم الجزائر الأول رابح ماجر في الصف الثاني ضمن أي تصنيف كروي وطني لا يليق بأسطورة بورتو والمُتّوج برابطة أبطال أوروبا، لكن واقع أرقام تاسفاوت يجعله ثانياً وعن جدارة أيضا في سلم ترتيب أحسن هدافي المنتخب الوطني خلال تصفيات أمم إفريقيا، مع الإشارة أيضا أنه يأتي ثالثاً في ترتيب الهدافين التاريخيين ل"الخضر" بما أن الأسطورة الآخر لخضر بلومي هو في الحقيقة ثاني الهدافين وراء "حفيظو" مباشرة ب34 هدفاً. أهداف النجم من النصرية إلى بورتو تُدّرس بداية ماجر كما يعرفها الجميع كانت من النصرية ثم راسينغ باريس الفرنسي أين أمضى 23 هدفاً، ومن ثم بورتو البرتغالي أين تعملق في سماء النجومية وفي تسجيل الأهداف الخيالية، يأتي في مقدمتها دون تفكير الهدف الذي أصبح يردد في كل أنحاء العالم كلما سُجل هدف بالعقب، ذلك الذي أحرزه في نهائي رابطة الأبطال 1987 أمام بايرن ميونيخ، هذا وأمضى ماجر بألوان بورتو 50 هدفاً على مدار 5 مواسم، تخللتها فترة قضاها في إسبانيا مع فالنسيا سجّل خلالها 4 أهداف. 10 أهداف مع "الخضر" في 3 إقصائيات قارية يحمل ماجر في سجله الدولي 29 هدفاً أمضاها بألوان المنتخب الوطني، من بينها 10 أهداف في الإقصائيات الإفريقية لثلاث دورات فقط، بما أن شارك في 90 مباشرة مع البلد المنظم وفي 92 كحامل اللقب، وقد كانت بداية ماجر مع التسجيل في التصفيات أكثر من مثالية بما أنه في كل مرة يسّجل كان يمضي ثنائية، والأمر حدث ثلاثة مرات متتالية أمام مالي وبوركينافاسو بوهران سنة 1981، ثم ضد البنين بالجزائر العاصمة سنة 1983. ____________ رفيق صايفي (9 أهداف) عميد الجيل المونديالي وصاحب الصولات في الملاعب الفرنسية بدأ مسيرته في صنف الأكابر ضمن نادي برج الكيفان، حيث تنقل بعدها مع عديد الأندية الجزائرية أبرزها مولودية العاصمة، قبل أن يخوض تجربة احترافية في البطولة الفرنسية، دامت 10 سنوات كاملة. مشوار صايفي مع المنتخب الوطني كان مثيرا لاهتمام، حيث شارك لأول مرة مع"الخضر" وهو في سن العشرين عندما واجه منتخب بلغاريا سنة 1995، لكنه انتظر بعد ذلك 4 سنوات كاملة حتى يُمضيّ على أولى أهدافه في شباك المنتخب الليبيري خلال سنة 1999. 19 هدفا دولياً، 9 منها في تصفيات كأس الأمم الإفريقية شارك صايفي في 53 مباراة دولية رفقة المنتخب الوطني، أمضى خلالها 19 هدفاً، منها 9 أهداف في التصفيات المؤهلة لكأس الأمم الإفريقية، أبرز انجازات صايفي رفقة "الخضر" كانت تأهله إلى كأس العالم بجنوب إفريقيا، بعد اجتيازهم المنتخب المصري في تصفيات شاقة ومُتعبة، كما يملك اللاعب صاحب 35 سنة بعض التتويجات، على غرار البطولة الوطنية سنة 1999 رفقة مولودية الجزائر، هذا واعتزل صايفي دولياً مباشرة بعد انقضاء مشاركة المنتخب الوطني في المونديال الإفريقي الأخير. ________________ مختار كالام (6 أهداف) أبرز المهاجمين بعد الاستقلال والقدر حرمه من إكمال مشواره رفقة "الخضر" من مواليد 10 أكتوبر 1944 بالجزائر العاصمة، يُعتبر واحد من أحسن المهاجمين الذين أنجبتهم الكرة الجزائرية، خصوصاً خلال الفترة التي أعقبت الاستقلال، ابن مدرسة نصر حسين داي العريقة وأسطورة شباب بلوزداد، تميّز بأهدافه الرائعة والكثيرة واشتهر أيضاً بطريقته الفريدة من نوعها في تنفيذ ركلات الجزاء، حين كان يُدير ظهره للمرمى وعند صافرة الحكم يستدير ويقوم بالتسديد، كما كان أسلوباً ناجعاً، حيث لم يسبق له وأن أضاع ضربة جزاء. صاحب أول هدف جزائري في شباك المنتخب المصري خاض كالام 25 مباراة بالقميص الوطني، كما سجل 9 أهداف، منها 6 ضمن تصفيات كأس الأمم الإفريقية، مسيرة كالام التهديفية تواصلت، خصوصاً رفقة ناديه شباب بلوزداد الذي كان قائداً له في منتصف السبعينات، لكن مشواره الدولي توقف رفقة "الخضر" بعض تعرضه لإصابة خطيرة. كالام داخل تاريخ الكرة الجزائرية من أوسع أبوابها، بعد أن كان صاحب أول هدف للمنتخب الوطني يزور الشباك المصرية، إذ حدث ذلك شهر فيفري سنة 1969، ضمن تصفيات كأس الأمم الإفريقية 1970، بمناسبة لقاء العودة بين المنتخبين في مباراة انتهت على واقع التعادل الايجابي (1-1). __________ منصور بوتابوت (6 أهداف) المُتخبط في الدرجات الدنيا الفرنسية الآن... مر من هنا! لم ينجب الجيل الحالي هدافين كبار للمنتخب الوطني، إلاّ أنّ هناك بعض الأمثلة على لاعبين سجلوا أهدافا مهمة ل"الخضر" في التصفيات المؤهلة إلى كأس أمم إفريقيا، ومن بينهم منصور بوتابوت الذي سبق له اللعب لأندية غونيون وسودون الفرنسيان في فترة تواجده مع المنتخب، وسجل بوتابوت 6 أهداف في مشوار التصفيات وكلها جاءت في إطار التصفيات المزدوجة الخاصة بكأسي إفريقيا والعالم لسنة 2006. أول هدف في أولى مبارياته وتبعها بثنائية في ثاني ظهور تمكن بوتابوت من تسجيل أول أهدافه مع "الخضر" في أولى مبارياته الرسمية وذلك عند مواجهة النيجر في العاصمة نيامي لحساب الدور التمهيدي، حيث فاز المنتخب الوطني بهدف يتيم سجله مهاجم غونيون آنذاك، فيما تبعه هدفان دوليان آخران بمناسبة مباراة العودة التي جرت فوق ملعب 5 جويلية الأولمبي في نوفمبر 2003، وانتهت تلك المقابلة بفوز رفقاء سليم عريبي بنتيجة (6-0). أعاد أمل التأهل إلى "كان 2006" بهدفه على رواندا بعد الخيبات التي عرفها المنتخب الوطني في بداية مشوار تصفيات كأسي العالم وإفريقيا 2006، تمكن مهاجم سودون السابق من قيادة "الخضر" لفوز مهم جدا على حساب رواندا في المواجهة التي جرت على ملعب الشهيد أحمد زبانة بوهران في شهر مارس 2005، حيث سجل بوتابوت هدف اللقاء الوحيد مانحا أشبال المدرب فرقاني 3 نقاط غالية آنذاك، والتي أعادت الأمل للجزائر في التأهل إلى كأس إفريقيا بمصر، إلاّ أنّ زيمبابوي قضت على الآمال إثر فرضها التعادل في وهران، هذا وأمضى باتابوت آخر هدفين له في التصفيات كان في مرمى كل من أنغولا ونيجيريا. ______________ بأربعة أهداف في رصيدهم... بلومي، مراكشي، بن ساولة وزياني تركوا بصماتهم في التصفيات بالإضافة إلى الأسماء السابقة ترك بعض اللاعبون بصماتهم مع المنتخب الوطني خلال المشوار التصفوي الخاص بالكؤوس الإفريقية، وسجل كل من لخضر بلومي، تاج بن ساولة، عبد الحميد مراكشي 4 أهداف لصالح "الخضر"، وهو ما سمح لهؤلاء اللاعبين بتسجيل أسمائهم في تاريخ هدافي المنتخب. وستبقى مدينة عنابة وملعبها 19 ماي 1956 شاهدتين على التألق الكبير للمهاجم عبد الحميد مراكشي الذي يُعتبر من أفضل المهاجمين في تاريخ الكرة الجزائرية، وقاد نجم وداد تلمسان سابقا المنتخب الوطني للتأهل إلى كأس أمم إفريقيا لسنة 2000 بفضل أهدافه الحاسمة، حيث سجل ثنائية في مرمى ليبيريا عندما فاز "الخضر" بنتيجة (4-1)، كما سجل الهدفين الوحيدين في لقاء أوغندا الذي منحنا ورقة التأهل إلى نهائيات غانا ونيجيريا، وهي حصيلة مراكشي طيلة مشواره في تصفيات الكؤوس الإفريقية. زياني بطل ركلات الجزاء ويملك أيضا كريم زياني 4 أهداف في مشوار التصفيات الإفريقية، إذ سجل 3 منها عبر ركلات جزاء، ويتعلق الأمر بمباراة غامبيا (1-0) في تصفيات 2008، ومن ثم أمام ليبيريا (3-0) ورواندا في التصفيات المزدوجة لسنة 2010، كما سجل بواسطة مخالفة مباشرة في مواجهة ليبيريا ضمن نفس التصفيات. بلومي سجل في ثلاث تصفيات مختلفة يُعتبر لخضر بلومي من أفضل ما أنجبت الكرة الجزائرية، كما أنّ نجم مولودية وهران السابق ساهم أيضا في تأهل "الخضر" إلى كأس إفريقيا عدة مرات، وهو الذي سجل 4 أهداف في ثلاث تصفيات مختلفة وذلك في التصفيات الخاصة بكؤوس إفريقيا لأعوام 1980، 1982 و1986، كما يملك تاج بن ساولة نفس الرصيد سجلها خلال تصفيات عامي 1982 و1984. نظرة على معدلات التهديف في كل لقاء من الدورات التصفوية جيل الثمانينات غير قابل للمنافسة والنسبة آيلة للسقوط خاض الفريق الوطني باحتساب التصفيات الحالية 21 مرحلة إقصائي لكأس الأمم الإفريقية، كانت بدايتها مسك بالتأهل من أول مرة سنة 1968 بأثيوبيا، ثم مرحلة قحط بالغياب 12 سنة قبل العودة بقوة ومن ثم الغياب لمرات متفرقة ولأسباب مختلفة، لكننا هنا نحاول رؤية مشاركات "الخضر" في الإقصائيات من زاوية فعالية خط الهجوم فقط، بداية من جيل لالماس وكالام، وصولاً إلى عهد غزال، جبور وزياية. رفقاء لالماس وكالام بدؤوا بقوة وسقطوا سريعا تاريخ الخامس من فيفري سنة 1967 كان تاريخياً بالنسبة لكرة القدم الجزائرية ومشاركاتها في البطولات القارية، يومها خاض "الخضر" أول إقصائيات لكأس الأمم الإفريقية حين واجهوا منتخب مالي وفازوا عليه بثلاثية نظيفة في الجزائر، خلال تلك الإقصائيات كان خط هجوم المنتخب الوطني فعالا جدا وكان معدله يفوق الهدفين في كل مواجهة، حتى أن نسبتهم تلك لم تجد من يزيحها عن المعدلات الهجومية الثلاث الأفضل في تاريخ "الخضر" حتى الآن، هذا وكان مصير ذلك الجيل إخفاقات متتالية عقب التأهل في 1968، فرفقاء لالماس، كالام وعشور تخّلفوا عن الدورات التي تلت وفعاليتهم الهجومية أصيبت في الصميم. جيل 82 و86 كان مذهلاً حتى التتويج بالكأس الإفريقية من سنة 1968 إلى غاية 10 سنوات تلت، غابت كرة القدم الجزائرية عن المحفل القاري بسبب سقطات المنتخب الوطني آن ذاك، فالطفرة المسّجلة في أول إقصائيات قارية اندثرت، لكنها وجدت من يُعيدها إلى مسارها بداية من دورة 1980 التي وصلها رفقاء بلومي بعد تجاوز ليبيا في التصفيات، لكن الملاحظ على ذلك الجيل الذي وصل إلى نهائي دورة نيجيريا حينها هو تحقيقه أفضل معدل تهديفي في تاريخ كرة القدم الجزائرية خلال إقصائيات تاج الأمم، فالجيل الذي تأهل إلى كأس العالم لأول مرة سنة 1982 حقق قبل ذلك لعام واحد معدلا يتجاوز الثلاثة أهداف في المواجهة الواحدة، ثم في إقصائيات دورة كوت ديفوار سنة 1984 التي وصل فيها المعدل إلى 5 أهداف في كل لقاءين، مع الإشارة إلى أنّ ذلك الجيل أبهر هجوميا حتى توج باللقب سنة 1990. تاسفاوت قاد جيل تهديفياً واعداً في 94، وقضية كعروف أوقفتهم آخر أجيال الجزائر المتألقة هجوميا والمتمتعة بنجاعة لا بأس بها كانت التي خاضت إقصائيات كأس الأمم المؤهلة لدورة تونس سنة 1994، فتلك المجموعة الشابة التي قادها عبد الحفيظ تاسفاوت الهداف التاريخي للمنتخب الوطني، محي الدين مفتاح عميد اللاعبين الجزائريين ومعهم أيضا دزيري، لعزيزي والبقية تمتلك رابع أحسن رقم تهديفي في تاريخ الجزائر وتكهن لها البعض بالتألق في تونس والذهاب بعيدا، غير أن قضية كعروف المعروفة حالت بينهم وبين الهدف لأسباب إدارية. نحن في تراجع هجومي رهيب وبالأرقام منذ الجيل الغائب عن كأس الأمم قبل 16 سنة لأسباب بعيدة عن كرة القدم، الملاحظ على خط هجوم المنتخب الوطني هو انتكاسته التهديفي التي بلغ معدلها حدودها الهدف اليتيم في كل مواجهة خلال إقصائيات أمم إفريقيا 2008، والتي تبدوا أكثر فداحة في أول لقاءين في الإقصائيات القارية الحالية بما أن "الخضر" سجلوا هدفين في المجموعة، والمؤسف أن مُسّجلي هذين الهدف هما متوسطا الميدان الدفاعي عدلان قديورة وحسان يبدة. فرق شاسع بين الجيل الذهبي والجيل المحسوب عليه تقودنا مقارنة القاطرات الهجومية لأجيال الجزائر أثناء أطول استحقاق رسمي قد يخوضونه (الإقصائيات) إلى المنتخب المونديالي الحالي، والذي قيل في وقت ما أنه يسير بخطى ثابتة نحو مقارعة جيل الثمانينات، غير أن واقع الأرقام يجعل من بلومي، ماجر، عصاد، زيدان وبن صاولة أسماء غير قابلة للمزاحمة على ضوء ما نعيشه حالياً من عقم هجومي طال انتظار فرجه. أبرزهم حاج عدلان، أكرور ومراكشي.. مهاجمين مرّوا مرور الكرام وعدم الاستقرار في الخط الأمامي ميزة "الخضر" الأكيد أنّ الجزائر أنجبت العديد من اللاعبين المتميزين وفي كافة الخطوط، خصوصا المهاجمين، لكن بعضاً منهم لم يلفت الأنظار بالشكل اللازم أو على الأقل مثل ما كان متوقعاً منه، رغم الإمكانات الكبيرة التي يمتلكونها. أبرز مثال على ذلك هو طارق حاج عدلان واحد من أحسن المهاجمين الذين مروا على تاريخ البطولة الجزائرية، دون نسيان نسيم أكرور الذي كان يُرجى منه الكثير، لكنه خيّب بدوره الآمال، مع التعريج على عبد الحميد مراكشي المهاجم ذي المسيرة الكروية المثيرة للجدل. حاج عدلان عجز في المنتخب، رغم أنّه كان "ماكينة" أهداف في البطولة حاج عدلان المهاجم الأبرز في الجزائر خلال بداية التسعينيات، اشتُهر برأسياته المحكمة، واحد من أحسن المهاجمين عبر تاريخ البطولة الجزائرية، بعدما توّج بلقب الحذاء الذهبي لأحسن الهدافين في ثلاث مناسبات كاملة، كما حاز على كأس إفريقيا للأندية الفائزة بالكؤوس سنة 1995 رفقة شبيبة القبائل، إضافة إلى عديد الألقاب للبطولة الوطنية. انجازات حاج عدلان اقتصرت فقط على مستوى النوادي ولم تتعداها إلى المنتخب، حيث لم يظهر بالشكل اللازم مع "الخضر"، رغم تقمصه للألوان الوطنية طيلة 7 سنوات كاملة (1988 1995). أكرور ومراكشي برزا في البداية، قبل أن ينطفئ بريقهما حاج عدلان ليس المهاجم الوحيد الذي خيّب الآمال رفقة "الخضر"، بل هناك الكثير منهم، في صورة نسيم أكرور اللاعب المحترف الذي قيل الكثير عن إمكانات، بعدما جلبه رابح ماجر إلى المنتخب الوطني، قُبيل انطلاقة كأس إفريقيا 2002، ليًظهر للجميع أنّه مهاجم عادي رغم تسجيله ل 6 أهداف في مشاركاته 18 بالقميص الوطني، نفس الأمر ينطبق على عبد الحميد مراكشي اللاعب المثير لجدل والمهاجم ذي البنية القوية الذي أضاع على نفسه مشوارا كبير، نتيجة تصرفاته خارج الميادين التي يصفها البعض بغير الاحترافية، نجم "الشباب الرياضي ل أنقرة" التركي سابقاً لم يبرز بالشكل المثير للانتباه، إذ باستثناء مباراة ليبيريا في عنابة سنة 1999 فلم يُسجل شيئاً يُذكر مع المنتخب. مشكلة الهجوم ليست وليدة اليوم هذا ومن خلال ما سلف، يتضح أنّ مشكلة الاستقرار في الخط الهجومي ليست وليدة اليوم، بل أنها امتداد لسنوات سابقة، بدليل العشرات من المهاجمين الذين مرّوا على المنتخب الوطني خلال السنوات الأخيرة فقط، لكن لم ينجح الكثير منهم في البروز رغم المؤهلات التي برهنوا عنها على مستوى النوادي ليبقى عبد الحفيظ تاسفاوت، رفيق صايفي وعلي مصابيح الأبرز في العشريتين الأخيرتين. أهداف جميلة وغالية سجلها "الخضر" في التصفيات الإفريقية قذيفة بوتابوت في مرمى نيجيريا رغم الخسارة التاريخية التي تلقاها المنتخب الوطني على أرض ملعب الشهيد أحمد زبانة أمام نيجيريا لحساب التصفيات المزدوجة المؤهلة إلى كأسي إفريقيا والعالم 2006، إلاّ أنّ تلك المواجهة عرفت تسجيل "الخضر" لهدف أكثر من رائع، كان وراءه منصور بوتابوت عن طريق تسديدة قوية من حوالي 35 مترا سكنت شباك الحارس النيجيري معلنة عن هدف التعادل الثاني، قبل أن يضيف النيجيريون ثلاثة أهداف أخرى. ومن دون شك لن ينسى منصوري بوتابوت أول مباراة رسمية له مع "الخضر"، حيث سجل هدفا رائعا في مرمى منتخب النيجر بمناسبة المواجهة بين المنتخبين في نيامي لحساب الدور التمهيدي لتصفيات كأسي إفريقيا والعالم 2006، وجاء الهدف على إثر متابعة لكرة مستحيلة كانت على وشك الخروج من الميدان. هدف خرخاش يُؤهل "الخضر" إلى "كان 2002" ساد التعادل الإيجابي (2-2) المواجهة التي جمعت "الخضر" بمنتخب أنغولا والتي جرت في ملعب عنابة سنة 2001، إلاّ أنّ البديل كمال خرخاش تمكن من إضافة الهدف الثالث الغالي الذي قاد المنتخب الوطني للفوز (3-2) وبالتالي التأهل إلى كأس أمم إفريقيا 2002 التي أقيمت في مالي، وكان هداف اتحاد البليدة السابق قد دخل مكان فارس جاب الخير حينها. صايفي عبث بدفاع ليبيريا وحدث ذلك سنة 1999 لحساب تصفيات كأس إفريقيا 2000 حين عاد المنتخب الوطني بالتعادل (1-1) من ميدان ليبيريا، وسجل الهدف الوحيد ل"الخضر" رفيق صايفي، وذلك بعد أن عبث بفضل فنياته الرائعة بدفاع أصحاب الأرض إثر دخوله في بداية الشوط الثاني. عبد الحفيظ تاسفاوت : "أفتخر كثيرا بكوني هداف المنتخب الوطني ولن أنزعج إطلاق إذا كُسر رقمي" "أجمل أهدافي سجّلته أمام الكاميرون، وأسوأ ذكرياتي قضية كاروف" "على مهاجمينا التحلي بالثقة لأنها السبيل الأول للتسجيل" "متفائل بما تبقى من تصفيات، وواثق من التأهل إلى النهائيات" الحديث عن هدافي المنتخب الوطني وأزمة الهجوم الجزائري ككل تكون من بلا طعم ولا رائحة دون أخذ رأي عميدهم ومتصدرهم لكل الأوقات عبد الحفيظ تاسفاوت، إذ كان لنا حديث من مناجير المنتخب الوطني الحالي، دار حول مشواره، أهدافه وكذا تطلعاته، لنكتشف جانباً آخر من شخصية هدّاف الجزائر مليء بالتواضع والروح الوطنية... حفيظ، بالتأكيد يعني لك الكثير لقب "الهداف التاريخي للمنتخب الوطني"؟ بالتأكيد، هو فخر كبير لي أن يُسّجل باسمي رقم يُزين إحصائيات المنتخب الوطني، ولكن هذا الأمر أيضا يؤكد أنني لم أدخر أي جهد في سبيل الدفاع عن الألوان الوطنية. في يوم ما إذا تم تخطي عدد الأهداف التي سجلتها بالتأكيد لن أنزعج، لكن حاليا أنا فخور جدا بما حققته. بدايتك مع المنتخب أتت ضمن حملة تجديد الصفوف وتقاعد جيل الثمانينات المونديالي، ألم تكن خائفاً من حجم المسؤولية؟ بالتأكيد يتسلل إليك الخوف في حالة كهذه، لكن ما خدمني في هذا الأمر هو انتقالي سنة 1990 إلى مولودية وهران، كما تعلم كانت بدايتي مع صنف الأكابر في الجمعية الوهرانية، والتحاقي بالمولودية صادف تواجد عمالقة من حجم بلومي، ماروك، بن يوسف، كانت مجموعة تأهلت إلى نصف نهائي كأس إفريقيا للأندية البطلة (سنة 1989 أمام ناكانا الزامبي)، أي أنني جرّبت الاحتكاك مع الأسماء الكبيرة قبل الالتحاق بالمنتخب، وكما قلت بعد التتويج بكأس الأمم أتت حملت التجديد والدفع بالشباب آنذاك، بالتأكيد التحدي، الارتقاء إلى مستوى أعلى ومحاولة تقديم أفضل ما عندك يجعلك خائف. كنت على قدر المسؤولية وسجّلت ما عجز عنه جيل الجزائر الذهبي، ألا ترى أن الجيل الحالي لم يصُن تركة تاسفاوت؟ تسجيل الأهداف أولا وقبل كل شيء إنهاء لعمل جماعي، عندما سجّل حفيظ أهدافه لم يكن وحده فوق الميدان، بالفعل توجد لمسة المهاجم ولكن هي ختام عمل المجموعة...بالفعل توجد أزمة تسجيل أهداف في الجزائر، في لقاء كرة القدم عندما لا تُسّجل، تضيع الثقة وتسبب القلق لدفاعاتك، أين الحل؟، هل سننتهي من هذه الأزمة؟، لا أملك إجابة عن ذلك، لأنه لا توجد وصفة سحرية، الأمر متروك للاعبين وللوضعية التي يجد عليها المهاجم نفسه فوق أرضية الميدان، وأركز كثيرا على وجوب تحلي اللاعبين بالثقة في أنفسهم لأنها الأساس عند مسجلي الأهداف. لنعد قليلاً إلى الوراء، ماذا يحتفظ حفيظ من 11 سنة قضاها مع المنتخب الوطني؟ المنتخب الوطني ككل، إنه تمثيل الوطن، الأمر كبير جدا وقد لا يوليه البعض حجمه الطبيعي عندنا، في الخارج عندما يسمعون ب88 مشاركة مع المنتخب الوطني يقدرونك كثيرا، إنه رقم كبير جدا وهو باق في بالي بالتأكيد وأفتخر به، يوجد أيضا ال35 هدفاً التي جعلتني هدافاً للمنتخب، 5 مشاركات في الكأس الإفريقية حتى وإن لم أوفق فيها. الفخر في حد ذاته لا يُمحى من الذاكرة، وحتى وصف "دولي سابق" أعتبره تصريحاً لأكون سفيراً ومُمّثلا لبلدي. قربك من "الخضر" يجعلنا نسألك عن الفرق بين الأجواء الحالية داخل المنتخب وأيام كنت فرداً في الفريق؟ الفرق في الظروف التي تغيرت بشكل كبير جدا نحو الأحسن، الآن نحن موندياليون، بعد عودة الحاج محمد روراوة لرئاسة الاتحادية الجزائرية لكرة القدم سُخرت كل الإمكانيات خدمة ً للمنتخب، الآن يُمكننا النظر بإيجابية للمنتخب الوطني ومحيطه، لو رجعنا إلى الوراء 15 سنة وقارنها مع الوضعية الحالية نجد فروقاً شاسعة، المنتخب الوطني بات يُسّير باحترافية، ويمكنني التأكيد أن الظروف المهيأة ل"الخضر" حالياً مثالية تماماً. ما هو أهم هدف سجلته مع "الخضر" وكانت فرحتك به استثنائية؟ لو سجّلت هدفاً في نهائي كأس إفريقيا مثلا كنت اخترته، ولكن أقول أن الأهداف كلها تأتي بعد عمل الفريق ككل، لهذا الفرحة تكون جماعية وبكل الأهداف، وأضيف أن التسجيل تحت لواء المنتخب الوطني في أي مناسبة كانت أسعدني كثيرا. أجمل هدف سجله تاسفاوت؟ لا يمكنني الحكم على هدف سجلته، الأمر متروك للمشاهدين والرفقاء، لكن أقول هدفي في مرمى الكاميرون سنة 2000 في الدور ربع النهائي لكأس الأمم الإفريقية بغانا، عندما تلقيت توزيعة من مزوار عرفات ومن ثم ارتقيت فوق عمالقة الدفاع الكاميروني، هذا الهدف دائما يحدثني عنه الجميع ويختارونه نيابة عني أنه الأجمل. ما هي الذكرى الأسوأ التي لم تمحى من ذاكرتك؟ إقصائنا من المشاركة في كأس الأمم الإفريقية سنة 1994، كنا نملك فريقاً شاباً مليئا بالحيوية والعزيمة، مررنا إلى النهائيات كأول المجموعة قبل السينيغال، لتأتي بعد ذلك قضية كعروف التي يعرف الجميع تفاصيلها وهدمت أحلام المجموعة، أعتقد أنها الذكرى الأسوأ لأنه لو كان سبب عدم المشاركة في النهائيات إصابة أو شيء من ذلك القبيل لكان الأمر هيناً. من دولي سابق إلى مبنى "الفاف"، ماذا تغير في حياة تاسفاوت الإنسان؟ لا شيء تغير، مع العائلة، الأبناء والحياة العادية، لكن على مستوى المهام، فتولي منصب في الاتحادية يُدخل الشخص في مجال الإدارة التي لم أعتد عليها بما أنني قضيت قرابة العشرون عاما في ملاعب كرة القدم. هل بالإمكان أن نرى حفيظ مدرباً، وهل تحلم مستقبلا بتدريب "الخضر"؟ في الوقت الحالي لا أفكر في ذلك إطلاقاً وليس من أولوياتي أيضاً، حتى أنني لا أفكر في التدريب على مستوى الأندية "وما أدراك" المنتخب الوطني، أنا مرتاح جدا في وضعي الحالي ووجدت راحتي أيضا في الوظيفة التي كُلفت بها. متفائل بما تبقى من مشوار في التصفيات الإفريقية؟ بالتأكيد متفائل، المعادلة سهلة جدا ولا تحتاج لتفكير عميق، بقي أمامنا 4 لقاءات يجب الفوز بأربعتها. التأهل يعني تصّدر المجموعة، وذلك لن يتم دون إحراز 12 نقطة من 12 ممكنة بداية من لقاء المغرب، أضن أن الرسالة واضحة جدا للجميع، أقول الجميع أي اللاعبين، المكتب الفدرالي وحتى الجماهير لأنه لما وضعنا الهدف المسطر قبل موقعة أم درمان حققنا ما أردنا. أعتقد أن الظروف ستتهيأ بعودة اللاعبين المصابين، إضافة إلى الوقت الذي يبدوا كافياً للتحضير، أنا شخصياً جد متفائل. كلمة أخيرة لقراء "الهدّاف الدولي"؟ أعتقد أنهم أوفياء لكم، والوفي سيبقى كذلك على الدوام...أغتنم الفرصة أيضا لتوجيه تهاني عيد الأضحى للجمهور الجزائري حتى وإن كُنت مُبّكرا بالمباركات، لكن أقول أنها تهاني سابقة لأوانها بشهر كامل. حاوره: يونس خوني ملف من إعداد : يونس.خ / محمد. أ / عبد الحق .ل