أعظم ليلة.. فيها أنزلت المعجزة الخالدة التي لا ريب فيها ولا شك؛ مهما تعاقبت السنون والأجيال، ففيها الهدى والنور للمتقين، فهم المتقدمون لإمامة المسلمين أجمعين، فلهم قدم السبق عمن سواهم، وهم في الأمة باقون كثّر الله سوادهم... فيحمل هذا القرآن الكريم من كل خلف عدوله. فالمتقون هم الذين فازوا بالهدى: "ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ". [البقرة:2] وقد نزل الكتاب في ليلة من وتر العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، وأُنزل القرآن الكريم هدى للصائمين المتقين لأنهم بصيامهم وتقواهم هيأوا أنفسهم لفهم القرآن وتدبر معانيه والالتزام به قولاً وعملاً. ليلة القدر نزل فيها كتاب ذو قدر، على رسول ذي قدر، في أمة ذات قدر. ليلة ليست كالأيام ولا الشهور ولا سنة أو سنتين ولا ألف شهر؛ بل هي خير من ألف شهر، خير من غالب أعمار بني الإنسان، خير من ثلاث وثمانين سنة وأربعة أشهر، مَن حرم خيرها فقد حرم، ومن أدركها أدرك الخير كله.. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ، فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ، لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ". رواه النسائي ليلة ينزل فيها العفو والمغفرة الذي به تتنزل بركات السماء وتفتح به كنوز الأرض، ليلة تهفو إليها كل نفس مؤمنة وتتمنى إدراكها، فتخلص لربها وتحتسب، وتتخلص من شواغل الدنيا وتجتهد في الدعاء وتتبع هدي نبيها، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه ُعَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانً وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَنْ صَام َرَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ْذَنْبِهِ". رواه البخاري ومسلم.