بعد أن دعت العالم لحضور الحفل وأنفقت مليارات الدولارات لتقديم العرض بدت البرازيل فجأة انها عازفة عن الرقص قبل يوم واحد من انطلاق كأس العالم لكرة القدم. وتنطلق البطولة غدا الخميس في البرازيل التي ينظر إليها كثيرون باعتبارها الوطن الروحي للعبة لكن الاحباط يرتسم على وجوه كثير من الناس في الشوارع. وتسبب التأخير في بناء وتجديد الاستادات المخصصة للبطولة والمطارات وغيرها من مشاريع البنية التحتية وكذا الغضب إزاء تكاليف الاستعدادات التي تبلغ 11.3 مليار دولار في احتجاجات شابتها أعمال عنف العام الماضي وأثرت على الحماس الذي يتصف به الجماهير البرازيلية العاشقة لكرة القدم. وتقول الجماهير البرازيلية إن حيويتهم المعهودة ستبدأ بمجرد بدء تسجيل الأهداف. وحتى الآن يبدو الإحباط على الكثير من المشجعين الأجانب لدى دخولهم لبلد يشتهر بمهرجانات الشوارع ورقصات السامبا وكرة القدم. وقال المشجع الكرواتي فيدران ليسيتش مع مجموعة من المشجعين الذين يرتدون قمصان منتخب بلادهم باللونين الأبيض والأحمر "نرغب فقط في الاستمتاع ونبذل قصارى جهدنا لايجاده." وصنع زوار اخرون يميلون للمرح جوا من الاستمتاع على طريقتهم الخاصة فساروا حاملين أعلام بلادهم يشربون ويغنون في شوارع المدينة بينما ينظر اليهم السكان بسعادة. ولا توجد في ساو باولو المركز المالي للبرازيل والبلد المضيف للمباراة الافتتاحية مظاهر احتفالية تذكر. وينتشر ببطء لونا الأخضر والأصفر لقمصان المنتخب البرازيلي بينما تبرز كتابات على الجدران تهاجم الاتحاد الدولي (الفيفا) والساسة البرازيليين حالة الغضب من تردي حالة الخدمات العامة. وقالت سيسيليا سالازار صاحبة متجر من الارجنتين خلال وجودها في ساو باولو مع زوجها "إنه أمر محزن. كأن الناس لا يملكون الحماس الذي كانوا يتصفون به في الماضي خاصة في بلد تجري كرة القدم في عروقها." وتسبب سوء التنظيم في تأخر كبير في بعض المشروعات الاستثمارية الضخمة الخاصة بالبطولة ويسابق العمال في نحو 12 مدينة الزمن لتجهيز الاستادات وصالات الركاب بالمطارات والطرق في الوقت المطلوب. ولم يبدأ العمل على الإطلاق في بعض المشروعات ومنها خط سكك حديدية بين ساو باولو وريو دي جانيرو بينما استكمل البعض بشكل جزئي أو توقف العمل تماما الى ما بعد انتهاء البطولة. وقال رجل الاعمال الكولومبي مانويل بيريرا (35 عاما) لدى وصوله مطار بيلو هوريزونتي "إنه أمر يدعو للدهشة. كان أمامهم سنوات للاستعداد والآن تجد نفسك لدى وصولك داخل موقع عمل." وتنتشر بالمطار قضبان معدنية وتتدلى الأسلاك من الجدران بينما يتجول بالمطار عمال بأزياء برتقالية وهم بالمراحل الأخيرة من التجهيز. وقال بيريرا مازحا "نأمل أن يكون استعداد المنتخب البرازيلي بهذا السوء حتى تفوز كولومبيا بالبطولة." وفي ناتال يسابق المئات من العمال الزمن لاعداد المنطقة المحيطة بالاستاد قبل مباراة المكسيك والكاميرون بعد غد الجمعة. ويرى العديد من ابناء البرازيل ان الاموال التي انفقت على بناء الاستادات الجديدة كان ينبغي استخدامها في تحسين الخدمات الاجتماعية. وتراجع الدعم المحلي لاستضافة البطولة من نحو 80 في المئة في 2008 الى اقل من 50 في المئة هذا العام وفقا لمركز داتافولها لاستطلاعات الرأي. وفي مسعى لوقف الانتقادات خرجت الرئيسة ديلما روسيف على الشعب البرازيلي في التلفزيون الرسمي أمس الثلاثاء لتدافع عن الاستثمارات الحكومية وحثت مواطنيها على الترحيب الحار بالزوار الاجانب. وقالت روسيف "قبل كل شيء قمنا بذلك من أجل البرازيليين" وأوضحت ان المشروعات العامة التي شيدت من أجل البطولة لن ترحل مع السائحين. وتوقف خلال الأعوام الاربع الأخيرة الرواج الاقتصادي الذي انتشل أكثر من 30 مليون شخص من الفقر ليخرج مئات الآلاف للشوارع في مظاهرات العام الماضي. ومن المتوقع تفجر موجة احتجاجات أخرى خلال البطولة. وقال انيليو دي كاسترو وهو مشجع برازيلي في إشارة الى شوارع مدينته ساو باولو "لا يشعر البرازيليون بالسعادة تجاه كأس العالم. أنفقوا الكثير من المال على هذه الاستادات بينما كان ينبغي ان تكون الأولوية لنظام الرعاية الصحية الشنيع." وتابع "أشجع البرازيل دائما لكن الآن اتمنى خسارة المنتخب حتى يسقط الناس الرئيسة في الانتخابات." ورغم كل ما تقدم قد يتغير المزاج العام بسرعة عندما تبدأ المباريات خاصة اذا قدم الفريق البرازيلي أداء ممتعا وسار في طريقه نحو الفوز بالبطولة للمرة السادسة.