وقف نحو مئتي مشججع للمنتخب الهولندي لكرة القدم في إنتظار رؤية اللاعبين خارج مقره المؤقت... في فندق سيزر بارك على شاطيء ريو دي جانيرو الفتان أمس الاثنين. لكن شيئا آخر لفت الأنظار غير القمصان البرتقالية واللافتات والقبعات المبهجة في مدخل الفندق الذي يعرف أكثر باستضافة رجال الأعمال والأثرياء من السياح. ففي المدخل وقف 18 جنديا برازيليا بخوذاتهم وملابسهم واقية من الرصاص وعصيهم وأسلحتهم الصاعقة ومسدساتهم وبنادقهم. وفوق شاطيء إيبانيما الشهير لم يتوقف تحليق طائرات الهليكوبتر بينما أخذت زوارق دورية البحرية تشق الأمواج بسرعة على الساحل. وقال بيورن كورسليمان وهو هولندي عمره 42 عاما ويعمل في المطارات "حسنا.. إنهم يأخذون مسألة الأمن بمنتهى الجدية." وفي بلد تأرجح بين النظام والفوضى فإن هذا بالتحديد هو رد الفعل الذي يتمناه المسؤولون أثناء كأس العالم التي ستنطلق بعد غد الخميس في ساو باولو وتستضيفها 11 مدينة برازيلية أخرى حتى 13 جويلية. وبعد سنوات من التأخر في أعمال البناء ومزاعم فساد والفشل في تسليم مشاريع البنية التحتية والاشتباك مع الاتحاد الدولي (الفيفا) فإن البرازيل تأمل أن تكون النهائيات على أقل تقدير آمنة لمليوني شخص يتوقع وصولهم لحضور المباريات. وينتشر نحو 100 ألف فرد أمن في المدن المستضيفة ودفعت رئيسة البرازيل ديلما روسيف بنحو 57 ألف جندي يعملون تحت راية مراكز قيادة في كل مدينة في أكثر عملية انتشار للقوات البرازيلية في التاريخ الحديث. وتستثمر الحكومة نحو 850 مليون دولار في عملية الأمن وحدها وهو مبلغ يشمل كل شيء من حماية 32 منتخبا مشاركا إلى احتواء احتجاجات الشوارع المحتملة ضد كأس العالم والمراقبة بالطائرات وهي عملية بدأت بالفعل. ومؤخرا قال الجنرال جميل مجيد وهو مستشار حكومي في مقابلة "الهدف من استضافة البرازيل لكأس العالم كان الترويج للبلد واستعراض مدننا وجذب السياح. كل جزء من قوات الشرطة والجيش والمخابرات عليها أن تعمل معا.. مع قيادة متكاملة لكي نحقق النجاح." والبرازيل ليست غريبة عن الأحداث الكبرى. فعلى سبيل المثال تستضيف ريو بانتظام ما يزيد على مليون سائح يحضرون للمشاركة في احتفالات كرنفالية واحتفالات رأس السنة. لكن كأس العالم وما تمثله تشكل ضغطا مختلفا. فهناك المخاطر الجغرافية والاجتماعية متفاوتة في مناطق شاسعة من البلد الذي يمتد لتناهز مساحته قارة بأكملها - من النقل في نهر الأمازون خلال غابات شاسعة في ماناوس إلى ترحيل المشجعين المشاغبين القادمين من الارجنتين بسيارات عبر الحدود. كذلك تواجه البطولة مخاطر ترتبط بأي بطولة كبرى - من السياحة إلى الهجمات الالكترونية إلى احتجاجات الشوارع. لكن حتى الآن لم يحدث إلا القليل مما يستوقف المرء. وصدرت أوامر للجنود بتكثيف الأمن حول الفرق بعدما حاصرت احتجاجات المعلمين المنتخب البرازيلي نفسه حين عبرت حافلته خلال مسيرة قبل أسبوعين. وأمس الاثنين أطلقت الشرطة قنابل مسيلة للدموع لتفريق عمال محتجين في محطة لقطارات الأنفاق في ساو باولو في مشهد أثار شكاوى بشأن تلك الطريقة التي أدت لأعمال عنف أثناء كأس القارات العام الماضي. لكن البرازيل سعيدة بدرجة كبيرة لرؤية بعض الاستعدادات تمضي قدما. وقال جونيو أندرادي وهو طالب عمره 21 عاما يدرس الأعمال ووقف يشاهد الجمهور الهولندي المترقب "ليس هذا أمرا شائعا بالنسبة لمن يعيشون هنا. أتمنى أن يكون الأمن بهذه الطريقة كل يوم."