تختفي الشمس عند الغروب ويأتي لباس الليل لكي تلتحف به الأرض. وفي هذا الليل تتفاوت الأعمال، فقوم سرت بهم شهواتهم نحو الأفلام والقنوات ومعاكسة الفتيات، بل وممارسة الفواحش والمنكرات فيا حسرتاه على هذا الليل. و لكن هناك قوم طارت بهم الأشواق لكي يكون ليلهم محطة للتزود إلى الجنان، فكان ليلهم خشوع وخضوع، وبكاء ودموع، قوم صفوا أقدامهم لربهم، يناجونه ويستغفرونه ((وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ ))[آل عمران:17]. إنه الارتقاء عن عالم النوم والفراش والراحة إلى جنة المناجاة ولذة العبادة وسعادة الاتصال مع الكبير المتعال. إن في الليل أسراراً وإشارات، لا يذوقها إلا من " دخل في سوق الليل " ونزل في وادي الأسحار، وأرسل الرسائل إلى الملك القهار، ينتظر الإجابة وهو واضع جبهته على الأرض. إن في الليل دموع تُراق على الخدود، وأدعية تتجاوز كل الحدود لتصل إلى الرب المعبود. فهنيئاً لمن سار في قافلة العباد، ونافس كل العباد ليصل إلى موعد رب العباد (( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ))