الرئيسية
السياسية
الاقتصادية
الدولية
الرياضية
الاجتماعية
الثقافية
الدينية
الصحية
بالفيديو
قائمة الصحف
الاتحاد
الأمة العربية
الأيام الجزائرية
البلاد أون لاين
الجزائر الجديدة
الجزائر نيوز
الجلفة إنفو
الجمهورية
الحصاد
الحوار
الحياة العربية
الخبر
الخبر الرياضي
الراية
السلام اليوم
الشباك
الشروق اليومي
الشعب
الطارف انفو
الفجر
المساء
المسار العربي
المستقبل
المستقبل العربي
المشوار السياسي
المواطن
النصر
النهار الجديد
الهداف
الوطني
اليوم
أخبار اليوم
ألجيريا برس أونلاين
آخر ساعة
بوابة الونشريس
سطايف نت
صوت الأحرار
صوت الجلفة
ماتش
وكالة الأنباء الجزائرية
موضوع
كاتب
منطقة
Djazairess
نثمن "عاليا" دور الجيش الوطني الشعبي في تأمين حدود الوطن
بناء الإجماع الوطني وتوحيد المواقف" مطلبان حيويان"
ياسين وليد، ينهي مهام مسؤولين في قطاعه بقسنطينة
اطلعنا على تقنيات التحكم في تسربات الميثان ونسب حرق الغاز
شركة موبيليس تجري تجارب ناجحة على الجيل الخامس
اجتماع تنسيقي بين وزارتي التجارة الخارجية والتجارة الداخلية
الأورنوا: لم تدخل أية مساعدات إلى قطاع غزة
الاحتلال الصهيوني يعتقل أكثر من 4000 فلسطيني
العاصمة : توقيف 3 أشخاص وحجز قرابة 5000 قرص مؤثر عقلي
مقتل 7 أشخاص وجرح 178 آخرين
باتنة : وفاة شخص وإصابة آخرين بصدمة
مهرجان الشعر النسوي يعود في طبعته 14 بقسنطينة
سايحي: "تطوير مصالح الاستعجالات " أولوية قصوى"
الرابطة الأولى: وفاق سطيف يرتقي للصف الرابع, و نجم مقرة يتنفس الصعداء
الجمعية المهنية للبنوك والمؤسسات المالية: تنظيم أيام إعلامية حول الشمول المالي لفائدة الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة
المكاسب التي حققها اتحاد عمال الساقية الحمراء ووادي الذهب جاءت بفضل المسيرة العمالية الطويلة
وهران: يوم دراسي دولي حول التطورات وآفاق الإنعاش في طب الأطفال
استحضارٌ لمناقب رجل دولة
الحلول الرّامية للقفز على حقوق الصحراويين لن تنجح
الحصار الراهن على قطاع غزّة الأشد منذ بدء العدوان الصهيوني
بناء جزائر قوية تعتزّ بسياساتها في تكريس مجانية التعليم
بطولة افريقيا للجيدو فردي: الجزائر تشارك ب 17 مصارعا في موعد ابيدجان
أمراض فطرية تصيب المحاصيل الزراعية
نحو شراكة جزائرية بيلاروسية واعدة ومتنوعة
شراكة اقتصادية بين الجزائر ومصر بمبدأ رابح رابح
الجزائر- مصر: غريب يبحث مع وزير الخارجية والهجرة المصري سبل تعزيز الشراكة الصناعية بين البلدين
المجلس الأعلى للشباب يشارك بنيويورك في أشغال المنتدى الشبابي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة
هياكل جديدة تعزّز الخريطة الصحية بتيارت
تنسيق جزائري إيطالي لمواجهة الجريمة المنظمة
بناء مدرسة جزائرية عصرية وتشجيع التلاميذ على الابتكار
تسهيل وتبسيط الإجراءات أمام الحجّاج الميامين
سد بن خدة تلقّى 200 ألف متر مكعب من الماء
انشغالات المواطنين أولوية المجالس المحلية
مولودية الجزائر تطعن في عقوبات "الكاف" وتردّ ببيان
وزارة الثقافة تدعو لتثمين الخبرات الجزائرية بالخارج
لقاء إبداعي بامتياز
الموسيقى الجزائرية قادرة على دخول سجل السيمفونيات العالمية
الشباب القسنطيني يدخل أجواء لقاء نهضة بركان
نملك خزانا بشريا نوعيا وفخورون بحصاد مصارعينا في الأردن
سوناطراك: حشيشي يزور مواقع تابعة لشركة إكسون موبيل بنيو مكسيكو
الأونروا: الحصار الراهن على قطاع غزة هو الأشد منذ بدء العدوان الصهيوني
حركة النهضة تؤكد على أهمية تمتين الجبهة الداخلية لمواجهة التحديات
أوبرا الجزائر: افتتاح المهرجان الدولي ال14 للموسيقى السيمفونية
الجزائر العاصمة: لقاء حول آليات حماية التراث المعماري والحضري
تقييم أداء مصالح الاستعجالات الطبية: سايحي يعقد اجتماعا مع إطارات الإدارة المركزية
تصفيات كأس العالم للإناث (أقل من 17 سنة): لاعبات المنتخب الوطني يجرين أول حصة تدريبية بلاغوس
افتتاح الطبعة 14 للمهرجان الثقافي الوطني للشعر النسوي
وزير المجاهدين يقف على مدى التكفل بالفلسطينيين المقيمين بمركز الراحة بحمام البيبان
حج 2025: اجتماع اللجنة الدائمة المشتركة متعددة القطاعات
اتحاد الجزائر وشباب بلوزداد وجهاً لوجه
هذه وصايا النبي الكريم للمرأة المسلمة..
تراث الجزائر.. من منظور بلجيكي
بن سبعيني يمنح برشلونة رقما استثنائيا
التنفيذ الصارم لمخطط عمل المريض
ما هو العذاب الهون؟
عربٌ.. ولكنهم إلى الاحتلال أقرب!
كفارة الغيبة
بالصبر يُزهر النصر
شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
موافق
مِنْ أَخْبَارِ الشَّبَابِ: مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
موقع المختار الإسلامي
نشر في
الهداف
يوم 09 - 02 - 2015
نشرت : المصدر موقع المختار الإسلامي الاثنين 09 فبراير 2015 17:27 ، وَهُوَ عِلْمٌ مُتَعَلِّقٌ بِالآخِرَةِ، وَهِيَ الدَّارُ الأَشْرَفُ وَالأَبْقَى، وَفِي عِلْمِ الدُّنْيَا نَفْعُ النَّاسِ، وَخَيْرُ النَّاسِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَإِذَا صَحَّتِ النَّوَايَا فَالعِلْمُ كُلُّهُ خَيْرٌ وَلاَ يَأْتِي إِلاَّ بِخَيْرٍ.
وَفَتْرَةُ الشَّبَابِ هِيَ الفَتْرَةُ الذَّهَبِيَّةُ لِتَحْصِيلِ العُلُومِ وَالمَعَارِفِ وَتَخْزِينِهَا وَالحِذْقِ فِيهَا؛ حَيْثُ تَوَقُّدُ الذِّهْنِ، وَحِدَّةُ الذَّكَاءِ، وَقُوَّةُ الحَافِظَةِ، وَفُتُوَّةُ العَقْلِ، وَنَشَاطُ الحَرَكَةِ، وَالقُدْرَةُ عَلَى التَّحَمُّلِ، وَقِلَّةُ الشَّوَاغِلِ وَالصَّوَارِفِ.
وَمَنْ طَالَعَ سِيَرَ الصَّحَابَةِ - رضي الله عنهم - وَجَدَ أَنَّ حَمَلَةَ العِلْمِ وَمُبَلِّغِيهِ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مِنَ الشَّبَابِ، وَبِهِمْ بَلَغَ دِينُ اللهِ - تعالى -أَقَاصِي البُلْدَانِ، وَحُفِظَتِ السُّنَّةُ وَالقُرْآنُ.
وَكَانَ أَوَّلُ شَابٍّ حَمَلَ العِلْمَ إِلَى غَيْرِهِ، وَاسْتُشْهِدَ فِي رَيْعَانِ شَبَابِهِ مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ القُرَشِيَّ - رضي الله عنه -، وَسِيرَتُهُ سِيرَةٌ تَحْكِي حِيَاةَ شَابٍّ مُتْرَفٍ مُسْتَقِرٍّ فِي أُسْرَتِهِ، مُنَعَّمٍ فِي بَيْتِهِ، هَجَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ فِي سَبِيلِ إِيمَانِهِ وَتَعَلُّمِهِ وَتَعْلِيمِهِ حَتَّى لَقِيَ اللهَ - تعالى - عَلَى ذَلِكَ، وَأَنْعِمْ بِهِ مِنْ مِثَالٍ لِلشَّبَابِ المُسْلِمِ، وَأَكْرِمْ بِهِ أُنْمُوذَجًا لِلتَّعَلُّمِ وَالتَّعْلِيمِ، وَالقِرَاءَةِ وَالإِقْرَاءِ.
أَسْلَمَ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي دَارِ الأَرْقَمِ، وَكَتَمَ إِسْلاَمَهُ خَوْفًا مِنْ أُمِّهِ وَقَوْمِهِ، وَكَانَ يَخْتَلِفُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سِرًّا، فَعَلِمَ أَهْلُهُ وَأُمُّهُ، فَأَخُذُوهُ فَحَبَسُوهُ، فَلَمْ يَزَلْ مَحْبُوسًا إِلَى أَنْ هَرَبَ فَهَاجَرَ إِلَى أَرْضِ الحَبَشَةِ، وَعَادَ مِنَ الحَبَشَةِ إِلَى مَكَّةَ، ثُمَّ هَاجَرَ إِلَى المَدِينَةِ بَعْدَ العَقَبَةِ الأُولَى؛ لِيُقْرِئَ القُرْآنَ القِلَّةَ المُؤْمِنَةَ فِي المَدِينَةِ، وَلِيُصَلِّيَ بِهِمْ؛ فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ رَحَلَ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ لِيُقْرِئَ القُرْآنَ، وَلِيُبَلِّغَ العِلْمَ خَارِجَ بَلِدِهِ، وَأَوَّلَ مَنْ هَاجَرَ لِيَؤُمَّ النَّاسَ، وَهَذَا شَرَفٌ عَظِيمٌ جِدًّا؛ إِذِ الرِّحْلَةُ فِي تَعْلِيمِ القُرْآنِ، وَتَبْلِيغِ العِلْمِ، وَإِمَامَةِ النَّاسِ مِنْ أَعْظَمِ القُرُبَاتِ، وَكَانَ الشَّابُّ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ أَوَّلَ مَنْ قَامَ بِذَلِكَ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ الخَاتَمَةِ المُبَارَكَةِ.
تَرَكَ الشَّابُّ مُصْعَبٌ - رضي الله عنه - حَيَاةَ التَّرَفِ، وَهَجَرَ كَنَفَ أَبَوَيْهِ الكَافِرَيْنِ، وَكَانَا غَنِيَّيْنِ يَعْتَنِيَانِ بِرَفَاهِيَتِهِ، وَقَبِلَ شَظَفَ العَيْشِ مَعَ ثُلَّةِ الشَّبَابِ المُؤْمِنِ فِي دَارِ الأَرْقَمِ بْنِ أَبِي الأَرْقَمِ، فَعَانَى مُعَانَاةً شَدِيدَةً بَعْدَ هَذَا الانْقِلابِ الكُلِّيِّ فِي حَيَاتِهِ؛ فَبَعْدَ الجِدَةِ فَقْرٌ، وَبَعْدَ التَّرَفِ وَالنُّعُومَةِ حِرْمَانٌ وَخُشُونَةٌ، وَبَعْدَ الشِّبَعِ جُوعٌ، وَبَعْدَ الأَمْنِ خَوْفٌ، وَلَكِنَّ مُصْعَبًا وَهَبَ جَسَدَهُ لِقَلْبِهِ، وَضَحَّى بِدُنْيَاهُ لِآخِرَتِهِ، وَتَحَمَّلَ فِي ذَاتِ اللهِ - تعالى -مَا يَلْقَى، عَنْ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ: كُنَّا قَبْلَ الهِجْرَةِ يُصِيبُنَا ظَلَفُ العَيْشِ وَشِدَّتُهُ، فَلاَ نَصْبِرُ عَلَيْهِ، فَمَا هُوَ إِلاَّ أَنْ هَاجَرْنَا، فَأَصَابَنَا الجُوعُ وَالشِّدَّةُ، فَاسَتْضْلَعْنَا بِهِمَا، وَقَوَيْنَا عَلَيْهِمَا، فَأَمَّا مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، فَإِنَّهُ كَانَ أَتْرَفَ غُلاَمٍ بِمَكَّةَ بَيْنَ أَبَوَيْهِ فِيمَا بَيْنَنَا، فَلَمَّا أَصَابَهُ مَا أَصَابَنَا لَمْ يَقْوَ عَلَى ذَلِكَ، فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ وَإِنَّ جِلْدَهُ لَيَتَطَايَرُ عَنْهُ تَطَايُرَ جِلْدِ الحَيَّةِ، وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَنْقَطِعُ بِهِ، فَمَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَمْشِيَ، فَنَعْرِضُ لَهُ القِسِيَّ ثُمَّ نَحْمِلُهُ عَلَى عَوَاتِقِنَا.
لَمَّا هَاجَرَ مُصْعَبٌ إِلَى المَدِينَةِ مُقْرِئًا وَمُعَلِّمًا لِمَنْ أَسْلَمَ مِنَ الأَنْصَارِ بَعْدَ بَيْعَةِ العَقَبَةِ الأُولَى -وَكَانُوا قِلَّةً- كَرَّسَ وَقْتَهُ وَجُهْدَهُ لِتَحْفِيظِ الأَنْصَارِ القُرْآنَ، وَتَعْلِيمِهِمُ العِلْمَ؛ حَتَّى اشْتُهِرَ بِمُقْرِئِ المَدِينَةِ، فَكَانَ أَوَّلَ مُقْرِئٍ فِيهَا فِي الإِسْلامِ، وَأَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ كَبِيرا الأَنْصَارِ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ وَأُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ، فَأَسْلَمَ بِإِسْلامِهِمَا مَنْ تَحْتَهُمَا وَهُمْ جَمٌّ غَفِيرٌ مِنْ سَادَةِ الأَنْصَارِ، فَكَانَ لِلشَّابِّ مُصْعَبٍ أَجْرُهُمْ جَمِيعًا، وَكَانَ إِذْ ذَاكَ فِي عُنْفُوَانِ شَبَابِهِ، لَمْ يَبْلُغِ الأَرْبَعِينَ مِنْ عُمْرِهِ.
وَلَمَّا هَاجَرَ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - كَانَ مُصْعَبٌ فِي جَيْشِهِ، يَسْتَمِيتُ فِي الدِّفَاعِ عَنْهُ حَتَّى قُتِلَ فِي أُحُدٍ وَهُوَ يَرُدُّ المُشْرِكِينَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَسَقَطَ - رضي الله عنه - شَابًّا لَمْ يَشِبْ رَأْسُهُ فِي دُنْيَاهُ، مُعْدَمًا إِلاَّ مِنْ لِبَاسِهِ، لاَ يَمْلِكُ شَيْئًا مِنَ الدُّنْيَا وَقَدْ كَانَ مِنْ قَبْلُ الشَّابَّ الغَنِيَّ الأَعْطَرَ الأَجْمَلَ فِي مَكَّةَ، حَتَّى لَمْ يَجِدُوا َلُه كَفَنًا يَسَعُهُ، فَغَطُّوا رِجْلَيْهِ بِشَجَرِ الإِذْخِرِ..
لَقَدْ عَلِمَ كِبَارُ الصَّحَابَةِ وَأَغْنِيَاؤُهُمْ فَضْلَ هَذَا الشَّابِّ الَّذِي لَقِيَ اللهَ - تعالى - فِي أُحُدٍ وَهُوَ لاَ يَمْلِكُ شَيْئًا مِنَ الدُّنْيَا، فَكَانُوا يَعْتَبِرُونَ بِسِيرَتِهِ، وَيُذَكِّرُونَ أَنْفُسَهُمْ بِهَا، فَهَذَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَهُوَ هُوَ إِنْفَاقًا فِي الإِسْلامِ، وَمِنَ العَشَرَةِ المُبَشِّرِينَ بِالجَنَّةِ يُذَكِّرُ نَفْسَهُ بِسِيرَةِ الشَّابِّ مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ؛ وَذَلِكَ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ - رضي الله عنه -، أُتِيَ بِطَعَامٍ وَكَانَ صَائِمًا، فَقَالَ: ((قُتِلَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَهُوَ خَيْرٌ مِنِّي، كُفِّنَ فِي بُرْدَةٍ، إِنْ غُطِّيَ رَأْسُهُ، بَدَتْ رِجْلاَهُ، وَإِنْ غُطِّيَ رِجْلاَهُ بَدَا رَأْسُهُ، وَقُتِلَ حَمْزَةُ وَهُوَ خَيْرٌ مِنِّي -ثُمَّ بُسِطَ لَنَا مِنَ الدُّنْيَا مَا بُسِطَ- أَوْ قَالَ: أُعْطِينَا مِنَ الدُّنْيَا مَا أُعْطِينَا- وَقَدْ خَشِينَا أَنْ تَكُونَ حَسَنَاتُنَا عُجِّلَتْ لَنَا، ثُمَّ جَعَلَ يَبْكِي حَتَّى تَرَكَ الطَّعَامَ))[رَوَاهُ البُخَارِيُّ].
وَلَمْ يَنْسَ سِيرَتَهُ مَنْ عُذِّبُوا فِي ذَاتِ اللهِ - تعالى - كَخَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ الَّذِي قَالَ: هَاجَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي سَبِيلِ اللهِ، نَبْتَغِي وَجْهَ اللهِ، فَوَجَبَ أَجْرُنَا عَلَى اللهِ، فَمِنَّا مَنْ مَضَى لَمْ يَأْكُلْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا، مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ شَيْءٌ يُكَفَّنُ فِيهِ إِلَّا نَمِرَةٌ، فَكُنَّا إِذَا وَضَعْنَاهَا عَلَى رَأْسِهِ، خَرَجَتْ رِجْلَاهُ، وَإِذَا وَضَعْنَاهَا عَلَى رِجْلَيْهِ، خَرَجَ رَأْسُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((ضَعُوهَا مِمَّا يَلِي رَأْسَهُ، وَاجْعَلُوا عَلَى رِجْلَيْهِ الْإِذْخِرَ))، وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ، فَهْوَ يَهْدِبُهَا؛ [رَوَاهُ الشَّيْخَانِ].
لَمْ يُدَوَّنْ لِمُصْعَبٍ - رضي الله عنه - سِيرَةٌ طَوِيلَةٌ كَحَالِ مَشَاهِيرِ الصَّحَابَةِ - رضي الله عنهم - مَعَ أَنَّهُ كَانَ مِنْ مَشَاهِيرِهِمْ، وَمِنَ السَّابِقِينَ لِلْإِسْلامِ، وَأَوَّلَ المُهَاجِرِينَ، وَأَوَّلَ مَنْ تَصَدَّرَ لِلْإِقْرَاءِ خَارِجَ مَكَّةَ، وَأَوَّلَ مَنْ نَشَرَ القُرْآنَ فِي المَدِينَةِ، وَأَوَّلَ مَنْ عَلَّمَ العِلْمَ بِهَا، وَعَلَى يَدَيْهِ أَسْلَمَ كِبَارُ الأَنْصَارِ فَأَسْلَمَ أَتْبَاعُهُمْ، وَسَبَبُ قِلَّةِ المَنْقُولِ فِي سِيرَةِ مُصْعَبٍ - رضي الله عنه - أَنَّهُ تَقَدَّمَ اسْتِشْهَادُهُ، فَقُتِلَ فِي أُحُدٍ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، فَلَمْ يَعِشْ فِي الإِسْلامِ إِلاَّ بِضْعَ سَنَوَاتٍ، وَلَكِنَّهُ فَعَلَ فِيهَا مَا يَعْجِزُ عَنْهُ فِئَامٌ مِنَ البَشَرِ فِي أَضْعَافِهَا مِنَ السَّنَوَاتِ.
إِنَّهُ الإِيمَانُ حِينَ خَالَطَ قَلْبَهُ، فَازْدَادَ رُسُوخًا بِاليَقِينِ، فَتَرَكَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا -مَعَ أَنَّ سِنَّ الشَّبَابِ تَهْفُو إِلَى الدُّنْيَا وَتُحِبُّهَا- وَأَقْبَلَ عَلَى اللهِ - تعالى -، فَأَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ - تعالى - فَأَحَبَّ اللهُ - تعالى - لِقَاءَهُ؛ (مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا)[الأحزاب: 23].
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ...
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الحَمْدُ للهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ، كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تعالى - وَأَطِيعُوهُ؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)[الحشر: 18].
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ: سِيرَةُ مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ - رضي الله عنه - مِثَالٌ حَسَنٌ لِكُلِّ شَابٍّ يُرِيدُ مُفَارَقَةَ حَيَاةِ التَّرَفِ وَالكَسَلِ وَالعَبَثِ وَاللَّهْوِ إِلَى حَيَاةِ الجِدِّ وَالعَمَلِ وَالتَّفَانِي فِي العِلْمِ وَالتَّعْلِيمِ.
وَمَا ضَرَّ الشَّبَابَ اليَوْمَ شَيْءٌ هُوَ أَشَدُّ عَلَيْهِمْ مِنَ التَّرَفِ وَالفَرَاغِ، حَتَّى ضَجِرُوا وَمَلُّوا، وَرَأَوْا أَنَّهُمْ أَرْقَامٌ زَائِدَةٌ فِي مُجْتَمَعَاتِهِمْ، لاَ يَأْبَهُ النَّاسُ بِهِمْ، وَلاَ يُعَامِلُونَهُمْ بِمَا يَلِيقُ بِهِمْ، وَلاَ يُعْطُونَهُمْ مِنَ الأَعْمَالِ مَا يَسْتَحِقُّونَ.
وَكَمَا يَتَحَمَّلُ المُجْتَمَعُ مَسْؤُولِيَّةَ ذَلِكَ فَإِنَّ الشَّبَابَ يَجِبُّ عَلَيْهِمْ أَنْ يَضَعُوا أَنْفُسَهُمْ فِي المَكَانِ الَّذِي يَلِيقُ بِهِمْ، وَلاَ يَسْتَسْلِمُوا لِأَمْوَاجِ التَّرَفِ الَّتِي أُغْرِقُوا فِيهَا، وَلَوْ أَنَّ مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ عَاشَ عِيشَةَ أَقْرَانِهِ آنَذَاكَ لَمَا كَانَ مَا كَانَ؛ وَلَمَا عَلاَ ذِكْرُهُ فِي الإِسْلامِ، وَاشْتُهِرَ بَيْنَ الأَنَامِ؛ فَمِئَاتُ الشَّبَابِ فِي مَكَّةَ عَاشُوا أَقْرَانًا لِمُصْعَبٍ فَمَا عُرِفُوا وَمَا ذُكِرُوا؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَحْمِلُوا هِمَّةً كَهِمَّةِ مُصْعَبٍ، وَلَمْ يُطِيقُوا مِنَ العَمَلِ وَالحِرْمَانِ مَا طَاقَ.
إِنَّ الإِنْسَانَ يَكُونُ حَيْثُ يَضَعُ نَفْسَهُ، وَمَنْ جَلَسَ وَهُوَ شَابٌّ حَيْثُ يَكْرَهُ فِي مَقَاعِدِ العِلْمِ وَالمَعْرِفَةِ جَلَسَ وَهُوَ كَبِيرٌ حَيْثُ يُحِبُّ فِي مَقَاعِدِ العِزِّ وَالنَّفْعِ وَحَاجَةِ النَّاسِ إِلَيْهِ، وَمَنْ جَلَسَ وَهُوَ شَابٌّ حَيْثُ يُحِبُّ فِي مَرَاتِعِ اللَّهْوِ وَالعَبَثِ جَلَسَ فِي كِبْرِهِ حَيْثُ يَكْرَهُ حِينَ يَرَى سُفُولَهُ وَعُلُوَّ غَيْرِهِ.
إِنَّ عَلَى الشَّبَابِ أَنْ يَعُوا أَنَّهُمُ الرَّقْمُ الأَهَمُّ فِي البَشَرِ، وَأَنَّ الأُمَمَ لاَ تَتَقَدَّمُ إِلاَّ بِهِمْ، وَلاَ تَزْهُو إِلاَّ عَلَى أَكْتَافِهِمْ، وَأَنَّ أُمَّةً بِلاَ شَبَابٍ فَمَصِيرُهَا إِلَى التَّحَلُّلِ وَالانْدِثَارِ، وَأَنَّ ضَيَاعَ الشَّبَابِ فِيهِ ضَيَاعُ الأُمَّةِ كُلِّهَا، وَلَمَّا وَعَى شَبَابُ الصَّحَابَةِ - رضي الله عنهم - ذَلِكَ حَمَلُوا الإِسْلامَ إِلَى النَّاسِ، فَانْتَشَرَ فِي الآفَاقِ، فَحُفِظَتْ سِيَرُهُمْ، وَذُكِرَتْ مَآثِرُهُمْ، وَهَا نَحْنُ نَتَذَاكَرُهَا بَعْدَ أَرْبَعَةَ عَشْرَ قَرْنًا، وَلَوْ أَنَّهُمْ عَاشُوا حَيَاةَ التَّرَفِ وَاللَّهْوِ كَمَا عَاشَ غَيْرُهُمْ مِنَ الشَّبَابِ لَمَا كَانَ لَهُمْ ذِكْرٌ فِي الأُمَّةِ كَمَا لَمْ يُذْكَرْ غَيْرُهُمْ، فَلْيَكُنْ شَبَابُ الصَّحَابَةِ - رضي الله عنهم - قُدْوَةَ شَبَابِنَا اليَوْمَ؛ لِيُصْبِحُوا قُرَّةَ أَعْيُنٍ لِوَالِدِيهِمْ وَأُمَّتِهِمْ، وَنُعِيذُهُمْ بِاللهِ - تعالى -أَنْ يَقْتَدُوا بِالتَّافِهِينَ مِنْ أَهْلِ اللَّهْوِ وَاللَّعِبِ وَالغَفْلَةِ، فَيُصْبِحُوا رَقْمًا بَشَرِيًّا لاَ قِيمَةَ لَهُ، وَيَكُونُوا عَالَةً عَلَى أَهْلِهِمْ وَأُمَّتِهِمْ...
انقر
هنا
لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة
مصعب بن عمير.. سفير الرسول الكريم إلى المدينة قبل الهجرة
مبشر آخر بالجنة.. صلى الرسول (ص) وراءه
عبد الرحمن بن عوف
مبشر آخر بالجنة صلى الرسول (ص) وراءه (1)
عبد الرحمن بن عوف
مبشر آخر بالجنة صلى الرسول (ص) وراءه (1)
عبد الرحمن بن عوف
من ثمرات الصيام والقيام والقرآن
أبلغ عن إشهار غير لائق