مثلما تمكّنت من الإطاحة بضيوفها من قبل، فازت جمعية الشلف على الضيف جمعية الخروب مساء أول أمس وخطت خطوة عملاقة نحو التتويج بلقب أول بطولة احترافية في الجزائر، وحتى وإن لعبت المباراة أمام مدرّجات فارغة بسبب عقوبة الملعب، إلا أن أفراحا كبيرة وأجواء مميّزة صنعها عشاق اللونين الأحمر والأبيض، انطلاقا من الملعب إلى مختلف شوارع المدينة وبقية الأحياء المجاورة مباشرة عقب إطلاق الحكم صفارة نهاية المباراة، كيف لا وهم الذين أصبحوا على بعد ثلاث نقاط فقط من التتويج الرسمي بلقب هذا الموسم الشاقّ. حديث عن تساهل الشلف انتشر بسرعة يوم المباراة وفي الوقت الذي راح الكثير من المتتبعين يتكهّن بانتصار عريض لكتيبة إيغيل بمباراة أول أمس وحجتهم في ذلك الفارق الكبير في المستوى بين التشكيلتين ومواجهة الرائد للفريق الذي أطاحت به في ملعبه بثلاثية نظيفة، راح البعض ينشر إشاعة تساهل لاعبي الشلف وتسهيلهم المهمّة للخروب، واتفاق إدارة الناديين على الافتراق بنتيجة التعادل، وهي الإشاعة التي بدأ يتأكّد منها أصحابها مع مرور الوقت في الشوط الأول، وطريقة اللعب التي كانت توحي أن نقاط المباراة لا تعني أيّ فريق، خاصة أن الشوط الأول كان كارثيا بكل المقاييس من التشكيلتين. الشلف برهنت أنها أنزه فريق وتريد بطولة نزيهة ودون الحديث عن لقاءات الشطر الأول من البطولة، فإن الرائد جمعية الشلف لعب في الفترة الأخيرة عددا مهمّا من اللقاءات الحاسمة آخرها في العاصمة أمام شباب بلوزداد في الشلف وبعدها أمام المولودية في بولوغين وأمام الخروب، وهي اللقاءات التي قيل الكثير عن نتائجها قبل أن تلعب، لكن أبناء إيغيل كان لهم كلام آخر فوق الميدان، وأبطلوا الإشاعات وبدّدوا الشكوك، وأثبتوا نزاهتهم وبحثهم عن التتويج بلقب بطولة احترافية. الذين يتحدّثون عن هزيمة البرج نسوا هزيمة وهران ولم يكن زكري مدرب مولودية الجزائر الوحيد الذي شكّك في خسارة الجمعية أمام أهلي البرج، بل شكك فيها كذلك مرزڨان وبعدها مسيّرو الخروب، الذين أبدوا غضبهم الشديد بعد خسارتهم في الشلف، وأكدوا قائلين: لماذا لم تلعب الشلف بقوّتها المعروفة أمام البرج؟ لكن بالمقابل لا أحد من هؤلاء تكلّم عن الكيفية التي خسر بها الرائد جمعية الشلف في وهران أمام المولودية، أين أجبرت الجمعية على ضرورة إبقاء النقاط في وهران مهما كانت طريقة لعب المحليين، وكانت المباراة أشبه بالحرب، ورغم الخسارة رفع "الشلفاوة" شعارهم المعروف: "ابكي يا الحمراوي.. الشلفاوي شامبيوني". عندما يتعلّق الأمر بالشلف المواجهة ستكون مصيرية وبالعودة إلى مختلف اللقاءات التي لعبتها الجمعية هذا الموسم خاصة بملعب بومزراڨ، والتي كانت كلها لقاءات صعبة وصعبة جدا، لأن كل من يأتي إلى الشلف يلعب بحرارة منقطعة النظير، مع تعمّد التجمع القياسي في الخلف حفاظا على النتيجة البيضاء. فالكلّ يتذكر سعيدة، بلوزداد، البليدة، بجاية وأخيرا الخروب، وهي الفرق التي وجد الهجوم الشلفي صعوبات كبيرة في الوصول إلى مرماها، بالنظر إلى الطريقة التي لعبت بها وكأنها تلعب لأجل اللقب أو تفادي السقوط. بوغرارة ينضمّ إلى قائمة المعترفين بأحقية الشلف باللّقب ورغم الهزيمة والوضعية الصعبة التي أصبح يعيشها فريق جمعية الخروب في جدول الترتيب، اعترف المدرب بوغرارة بقوة الشبف وامتلاكها لأسماء كبيرة قادرة على قلب الموازين في أيّ لحظة يقودها مدرب كبير هو إيغيل، والمرتبة التي تحتلها في جدول الترتيب لم تأت من العدم. كما أكد بوغرارة أحقية الشلف بالتتويج بلقب البطولة، وهو بهذا الاعتراف انضمّ إلى بقية الأسماء الأخرى التي اعترفت من قبل بقوة الشلف وأحقيتها بلقب بطولة هذا العام. الكلّ في انتظار مباراة عنابة والأكيد أنه مباشرة بعد نهاية مباراة الخروب، شرع الجميع في الشلف عدّ الأيام وحتى الساعات التي تفصلنا عن موعد الخرجة المقبلة لأبطال الجزائر، والتي ستكون بعد 13 يوما سيلعبها رفقاء مسعود في بومزراڨ عندما يستقبلون اتحاد عنابة، وهي المباراة التي يرتقب أن تكون عرسا حقيقيا يتمّ الاحتفال فيها بالتتويج الرسمي لجمعية الشلف بلقب البطولة المحترفة الأولى في الجزائر. ------ سوداني: "سعداء بهذا اللّقب لأنه لأوّل بطولة احترافية، ولن ألعب في الجزائر إلا للشلف" ما هو شعورك بعد فوز اليوم (الحوار أجري مباشرة بعد نهاية المباراة)؟ إنه فوز أكثر من مهمّ وله طعم خاص بما أنه قرّبنا أكثر من التتويج بلقب البطولة، أنا سعيد إلى درجة لا يمكن لأيّ أحد أن يتصوّرها، بما أننا نسير نحو تحقيق انجاز غير مسبوق مع جمعية الشلف في أول بطولة احترافية في الجزائر. هل تكمن حلاوة الانجاز في كون اللقب هو لأوّل بطولة احترافية، أم هناك أمور أخرى؟ صحيح هو لقب أول بطولة احترافية، لكن ليس من السهل على الإطلاق مزاحمة فرق كبيرة كالوفاق، بلوزداد وحتى شبيبة القبائل أو بطل الموسم الماضي مولودية العاصمة. فالجمعية هذا الموسم بعد الأسماء التي جلبها مدوار الصائفة الماضية لا أحد من المتتبّعين توقع أن تتألق بهذا الشكل وتعيد الجمعية إلى واجهة الأحداث. إلى من يعود الفضل في كلّ هذه النتائج أو الانجاز؟ دون استثناء أيّ طرف، فالفضل كل الفضل إلى أعضاء الطاقم الفني دون استثناء، وحتى أعضاء الطاقم الإداري الذين لم يغفلوا على أيّ شيء، وأنصارنا الذين يستحقون كلّ الألقاب والتتويجات. صراحة نحن كلاعبين تعبنا كثيرا لأجل الوصول إلى ما نعيشه اليوم من فرحة لا توصف، والحمد لله الذي لم يخيبنا ولم تذهب المجهودات التي بذلناها سُدى. تتربّعون على عرش البطولة منذ الجولة التاسعة، ما هي الجولة بالذات التي تأكّدتم فيها أنكم قادرون على مواصلة البقاء في الريادة وخطف لقب البطولة؟ مع بداية المرحلة الثانية من البطولة أين تمكنا من تحقيق أربعة انتصارات متتالية، وكان الفوز الذي عدنا به من العلمة نقطة بداية التحوّل، أين آمنا بقدراتنا أكثر خاصة أن ملاحقنا المباشر وفاق سطيف تعثر يومها في المحمدية أمام اتحاد الحراش، ليصل يومها الفرق بيننا وبين ملاحقنا المباشر إلى أكبر فارق (13 نقطة كاملة)، ورغم ذلك الفارق واصلنا اللعب بتواضع وآمنا بقدراتنا وسيّرنا اللقاءات مباراة بمباراة إلى اليوم، وقبل نهاية الموسم بأربعة جولات تنقصنا ثلاث نقاط فقط لأجل التتويج الرسمي بالبطولة. البعض من المتتبّعين اتّهموكم بتسهيل مهمّة بعض الفرق ولم تلعبوا بكامل إمكاناتكم أمام أهلي البرج على وجه الخصوص، ما ردّك؟ رغم أنني لم أشارك في تلك المباراة، إلا أنني أبرّر الهزيمة أمام البرج بمشكل الغيابات، حيث أتذكّر أن الفريق واجه البرج في غياب القائد زاوي، مسعود إضافة إلى غربي والكامروني "بياڨا"، وهي أسماء مهمة جدا في التشكيلة، وأكثر من هذا أتذكر جيّدا أن الفريق خضع في تلك الأيام إلى برمجة "غير إنسانية" على الإطلاق، بدليل أننا لعبنا أربعة لقاءات كبيرة في ظرف 11 يوما، والحمد لله ردّنا كان سريعا عندما عدنا بالفوز من بولوغين، ونجحنا في الفوز على الخروب رغم الكلام الكثير الذي قيل قبل المباراة. أكيد أن فرحتك اليوم لم تكن بالفوز وفقط، بل بالهدفين الجديدين بعد أن استعدت صدارة الهدّافين، أليس كذلك؟ رغم أنني كنت أركز وأفكّر فقط في التتويج بلقب البطولة، لكن اليوم أصبحت أفكر في لقب "الهدّاف" الذي هو في الأصل كذلك تتويج للجمعية، لأنه لولا مساعدة زملائي لما أصبحت اليوم هدّافا للبطولة. رغم أنكم واجهتم فريقا متواضعا في المستوى إلا أنكم وجدتم صعوبات كبيرة في الفوز، هل هناك سبب؟ السبب واضح: لقد ألفنا اللعب أمام مدرّجات مملوءة عن آخرها، واليوم واجهنا الخروب في غياب الأنصار، لهذا أقول إن الخروب اليوم كانت محظوظة جدا لأننا واجهناها في هذه الظروف، وإلا لكانت النتيجة أكبر بكثير. بعد تألقك اللاّفت في الجولات الأخيرة، بدأنا نسمع اتصالات من عديد الرؤساء هنا في الجزائر رغم أنك مرتبط بعقد مع الجمعية، هل فعلا تفكّر في تغيير الأجواء؟ صحيح، حتى أنا أصبحت أقرا كلّ يوم اتصالا من رئيس، لكن الحقيقة أقولها لك: لن التحق بأيّ فريق جزائري آخر، وأؤكد أنني في الجزائر باقٍ في الشلف التي تربّيت فيها وتعلّمت أبجديات اللعبة فيها، والجميع يعرفني ويحترمني كثيرا، لهذا إذا غادرت الشلف لن أغادرها إلا للاحتراف. ماذا عن اتصالات نادي"لومون" الفرنسي؟ الاتصالات مع "لومون" متواصلة، وقد التحق في الأيام القادمة بهذا الفريق، وحتى إن لم أحترف بأوروبا، صراحة أنا مرتاح في الشلف، خاصة أننا سنشارك في أكبر منافسة إفريقية. إلى من تهدي الفوز والهدفين اليوم؟ إلى أبي وجميع أنصار جمعية الشلف، وإلى الذين شجّعوني منذ بداية الموسم. -------- "الشلف هاربة بطزينة وربي يدوم ليامات الزينة" عاش وسط مدينة الشلف ومختلف الأحياء المجاورة سهرة رائعة لا يمكن وصفها حتى وإن كتبنا الكثير، سهرة صنعها لاعبو الشلف الذين لا يفصلهم سوى ثلاث نقاط فقط ليكونوا أبطالا للجزائر، فبعد فوزهم الكبير على الضيف جمعية الخروب تمكنوا من تعميق الفارق بينهم وبين ملاحقهم المباشر شباب بلوزداد، الذي لم يبق له أي أمل في خطف اللقب، وسيكون هذا اللقب خاصا لأنه لأول بطولة احترافية. الأجواء الحماسية الكبيرة التي صنعها "الشلفاوة" سهرة أمس، لم يسبق أن عاشتها الشلف حتى عندما تأهّل المنتخب الجزائري إلى "مونديال" جنوب إفريقيا. فقبل نهاية الموسم بشهر كامل أصبح تتويج الجمعية منتظرا إن لم نقل أكيدا، لأن الجمعية التي بقيت متربعة على عرش البطولة منذ الجولة التاسعة لا يمكن أن تتخلّى عن هذه المرتبة في هذا الظرف بالذات، ويبقى خروج الجمهور بقوة إلى الشوارع للاحتفال دليل على شوقهم الكبير للقب انتظروه 64 سنة كاملة. "كورتاجات" بالجملة وكامل الشلف خرجت للاحتفال وعكس ما كان منتظرا، خرج الجمهور الشلفي بأعداد قياسية مباشرة بعد نهاية مباراة الخروب إلى وسط المدينة، التي تحوّلت بسرعة جنونية إلى ساحة كبيرة للاحتفالات، وهي الأجواء التي ذكّرت الجميع بتتويج الفريق بكأس الجمهورية قبل ستّ سنوات من اليوم، أو تلك التي صنعها الجميع بعد الفوز على مصر والتأهّل إلى "المونديال". نقطة الاحتفال تحوّلت من "البقعة" إلى "إسماعيل النابا" وإذا كانت الاحتفالات السابقة التي عرفتها الشلف بعد كلّ انجاز ونتائج باهرة عادة ما يكون الحيّ الشعبي المعروف بالشلف ب "البقعة"، وهو الحي الذي تربّى فيه الرئيس عبد الكريم مدوار، فإن احتفالات هذه المرّة تحوّلت إلى وسط المدينة وبالضبط إلى المقهى المعروف عند الرياضيين "مقهى إسماعيل النابا"، التي رفعت فوقها الراية الوطنية العملاقة، إضافة إلى عديد الرايات الحمراء الكبيرة، التي كتب على واحدة منها بالبنط العريض: "العودة الكبيرة لأسود الشلف". "الفيميجان" والألعاب النارية حوّلت ليل الشلف إلى نهار وعلى غير العادة أين كانا نشاهد "الفيميجان"، الألعاب النارية والمفرقعات في مدرجات ملعب بومزراڨ، فإن "كرنفال" الفرح الكبير الذي عرفته مقهى "إسماعيل النابا" بإشعال عدد قياسي من الألعاب النارية صاحبها ترديد عبارات "شامبيوني، شامبيوني"، في صورة حوّلت ليل الشلف إلى نهار، وهي الصورة التي لن تتكرّر كثيرا. وفور التحاق الرئيس مدوار ارتفعت الأهازيج أكثر وغنّت أغنية واحدة وبصوت موحّد: "شامبيوني، شامبيوني.. أو يعطيك الصحة يامدوار". مدوار احتفل مع الأنصار في شوارع المدينة ولم يقتصر الاحتفال في وسط المدينة على الأنصار فقط، بل صنع الرئيس مدوار الحدث بما أنه لم يفوّت فرصة مشاركة "الشلفاوة" الاحتفالات، بدليل أنه راح في كلّ نقطة من النقاط المهمّة يتوقف للاحتفال وأخذ الصور التذكارية مع الأنصار. الرايات تعود بقوّة وشعار "راية حمراء فوق عمارة" يعود بالإضافة إلى الأجواء الحماسية الكبيرة التي عرفها وسط مدينة الشلف، فالزائر للولاية في اليومين الأخيرين يقف على الرايات الكبيرة التي أصبحت تزيّن مختلف العمارات في الشلف، وهي الرايات المختلفة الإشكال والتي تحمل شعارات الفريق. تجارة الأقمصة والقبعات تنتعش من جديد في الشلف وبعد الركود الكبير الذي عرفته تجارة أقمصة المنتخب الوطني خاصة بعد نكسة مراكش الأخيرة، تحوّلت الألوان في جميع المحلات من الأخضر والأبيض إلى الأحمر والأبيض، لتعرف تجارة الأقمصة والقبعات والرايات ازدهارا كبيرا، وتتحوّل وجهة العشاق من البحث عن أقمصة زياني، يبدة وبلحاج، إلى البحث عن أقمصة سوڨار، سوداني ومسعود. ----- الشلف تكفيها ثلاث نقاط للتتويج الرسمي بلقب البطولة رفض المدرب إيغيل الحديث عن التتويج بلقب البطولة في هذا الوقت، وهذا من باب الاحترافية، لأنه كما قال حسابيا أمر اللقب لم يتم الحسم فيه بعد، والشلف ينقصها ثلاث نقاط لأجل التتويج الرسمي باللقب، خاصة أن الفارق الحالي بين الجمعية والملاحق بلوزداد قد لا يكون كافيا للشلف لأجل التتويج، لأنه في حال خسارة الشلف للقاءاتها الأربعة يبقى الرصيد في حدود 56 نقطة، في حين فوز بلوزداد بلقاءاته الخمسة المتبقية يرفع رصيده إلى 59 نقطة، وهو احتمال من الاحتمالات التي من المُمكن أن تحدث. سوڨار: "لا توجد أيّ بطولة في العالم مدّتها 12 شهرا" "ليس سهلا أن تنهي المنافسة في ريادة الترتيب في ظلّ هذه البرمجة الكارثية، لقد تعبنا كثيرا ولم نستفد من أيّ راحة كافية منذ البداية شهر جويلية الماضي، وقبل نهاية الموسم بأربعة جولات نحن على مشارف شهر جويلية. لقد لعبت البطولة في 12 شهرا، وهذا أمر غريب لا يحدث إلا في الجزائر، ولا وجود لأيّ بطولة في العلام تستمرّ 12 شهرا. فنحن ننتظر بفارغ الصبر نهاية الموسم التي ستكون بداية الشهر الداخل، في وقت هناك بطولات انتهت منذ أزيد من شهر". إيغيل يمنح لاعبيه راحة ليومين بسبب ابتعاد الفريق عن المنافسة نهاية هذا الأسبوع، فضّل المدرب إيغيل منح لاعبيه مباشرة عقب نهاية مباراة الخروب راحة الأحد والاثنين، والابتعاد عن أجواء المنافسة قبل العودة إلى جوّ العمل والنشاط مساء غد الثلاثاء بداية من الساعة السادسة مساء بملعب بومزراڨ، للشروع في التحضير للخرجة المقبلة التي تنتظر الفريق يوم السبت 25 من جوان أمام الضيف اتحاد عنابة.