يحتفل فريق مولودية قسنطينة اليوم (15 ديسمبر) بعيد ميلاده 72 منذ تأسيسه سنة 1939 تحت أمل تحقيق الصعود.. والذي طال انتظاره بعد 9 مواسم كاملة في الدرجة الثانية، وهي أطول فترة بقي فيها النادي في هذا المستوى منذ تأسيسه سنة 1939. ولا يختلف اثنان في القول أن العشر سنوات الأخيرة في حياة المولودية القسنطينية هي الأسوء في تاريخ النادي، إذ أصبح الموك في المواسم الأخيرة مجرّد فريق يلعب من أجل تفادي السقوط إلى الأقسام الجهوية، في وقت كان اسم الفريق سابقا يعد كلمة صعبة الإعراب في مخطط الكرة الجزائرية وأحد أكبر الفرق والمدارس على المستوى الوطني. ويأمل أنصار البيضاء أن تكون الذكرى 72 لتأسيس النادي فأل خير على "الموك" التي تملك كل حظوظها هذا الموسم لتحقيق حلم الصعود والعودة إلى دوري الأضواء والتألق من جديد. الإمام بن باديس أشعل الشمعة سنة 1939 ومعروف على مولودية قسنطينة أن هذا النادي تأسس سنة 1939 من طرف أحد أكبر وأعظم شخصيات مدينة العلم والعلماء، وهو الإمام المصلح عبد الحميد بن باديس الذي يعتبر الأب الروحي للمولودية، والذي كان من بين مؤسسي هذا الفريق وساهم معنويا وماديا، إذ منح أول سنتيم للفريق واختار له اللون الأبيض الذي يرمز للإسلام والإستقلال، لأن في الأصل الموك كان دوما يرتدي الأبيض ولا غيره، وكان الشيخ بن باديس هو من أطلق على النادي اسم المولودية كون الموك تأسست يوم المولد النبوي الشريف، لتنطلق بذلك شمعة كانت مصدر فخر واعتزاز لسكان مدينة قسنطينة إبّان الإستعمار، كون الفريق كان مساهما في نشر الهويّة الوطنية من دين ولغة بفضل الحركة الرياضية، ليمتد ذلك الفخر عبر الأجيال ليصبح حبا وعشقا لناد يعتبر أحد رموز مدينة قسنطينة حاليا، ليكون تأسيس المولودية من بين آخر إنجازات رئيس جمعية علماء المسلمين الإمام عبد الحميد بن بن باديس، والذي وافته المنية 5 أشهر فقط بعد تأسيس الموك. 72 سنة من الوجود... تاريخ كبير وماض مجيد وبمرور 72 سنة عن تأسيس فريق العلامة بن باديس، تبقى المولودية من بين أعرق النوادي الجزائرية رغم الحالة التي وصلت إليها في الوقت الراهن، وهذا بفضل ماضيها وتاريخها الكبير الذي يشهد به الجميع، إذ كانت في فترة الإستعمار الممثل رقم واحد لمدينة قسنطينة وشاركت في عدّة مسابقات على مستوى شمال إفريقيا، في إطار نشر وإعطاء صدى واسعا للحركة الوطنية بمباركة من قائد الإصلاح في الجزائر بن باديس. أما بعد الإستقلال، فقد سطع اسم الموك كمدرسة كروية لها وزن ثقيل في الساحة الكروية الوطنية، بفضل جيلها الذهبي بعد 1962 خاصة في السبعينات، حين كانت المولودية تعتبر الفريق الأكثر شعبية في الشرق الجزائري أيام كانت تسمى "الملك من دون تاج"، والجميع كان يعتبر الموك الفريق الأكثر إمتاعا في الجزائر، وخير دليل حيازة الفريق سنة 1975 على جائزة أحسن فريق في المغرب العربي في دورة الدارالبيضاء 1975 وأعطت الموك الكثير للمنتخب الوطني منذ 1962 أبرزهم فندي، ڨموح، بركات والقائمة طويلة. تألق محلّي وجيل السبعينات يبقى مفخرة الموك ومن خلال 72 سنة من الوجود، سجّلت المولودية تاريخا في كرة القدم الجزائرية جعلها من أبرز وأعرق النوادي، رغم حيازتها على لقب واحد ووحيد يعتبر شيئا قليلا مقارنة بما عاشه الفريق الأبيض، والذي لم ينتظر طويلا بعد الإستقلال ليسطع بريقه في الساحة الكروية بجيل ممتاز قاده الأخوان بن باكير، زفزاف، بودماغ ووصل إلى نهائي كأس الجمهورية في ثاني نسخة سنة 1964، وانهزم أمام وفاق سطيف بهدفين لهدف. ثم جاء جيل السبعينات الذهبي مع فندي، كروكرو، خاين، بن عبدون، سوشة، عدلاني، ڨموح، والذي احتل مرتبة وصيف البطل مرتين في 1972 بعد شبيبة القبائل، وفي 1974 بعد مولودية الجزائر، كما وصل مرتين إلى نهائي الكأس في 1975 أمام مولودية وهران وكذلك 1976 أمام مولودية الجزئر. ويبقى الجميع يشهد بأن جيل السبعينات كان أحسن فريق في الجزائر وكان بوسعه التتويج بألقاب عديدة، ليأتي جيل لعور، مشهود، بونعاس، معمر، زغدود، بلحضري، كاوة الذي منح الموك لقبها الوحيد سنة 1991، وبعده جاء جيل آخر كان بإمكانه منح لقبا آخر للموك مع عكريش، قربوعة، حوحو، بن سحنون، بن رابح وعمر بارو، إلا أن أحسن ما قدّموه كان المرتبة الثانية عام 2000 وراء البطل شباب بلوزداد. 8 مشاركات رسمية دولية منذ 1939 ويعد مولودية قسنطينة من بين الفرق القليلة في الجزائر التي شاركت في عدّة منافسات خارجية بعد الفرق الكبيرة المعروفة مثل الشبيبة، المولودية، الوفاق، الإتحاد والحمراوة، إذ كانت الموك أولى النوادي التي شاركت في كأس شمال إفريقيا في عهد الإستعمار في 5 مناسبات سنوات 1948، 1950، 1951، 1952، 1953 وحققت نتائج جيّدة، أما بعد الإستقلال فقد مثّلت الموك الجزائر مرتين في بطولة المغرب العربي للأندية البطلة، الأولى كانت في 1973 وأقصيت الموك في النصف النهائي أمام النجم الساحلي، أما ثاني مشاركة مغاربية كانت سنة 1975 وتوّج فيها الفريق بجائزة أحسن فريق مغاربي بعد سحقه في الربع النهائي فريق مكارم المهدية التونسي 40، قبل أن يقصى في النصف النهائي على يد شباب المحمدية 10. كما وصلت الموك إلى ثمن نهائي كأس إفريقيا للأندية الحائزة على الكؤوس سنة 1977 وأقصيت أمام الإتحاد الإسكندري المصري، وشاركت أيضا سنة 1992 في كأس رابطة أبطال إفريقيا وأقصيت في الدور الثاني مع الإسماعيلي المصري بضربات الجزاء، بعد أن تأهلت في الدور الذي سبقه أمام بطل النيجر، وثالث مشاركة إفريقية للموك والخامسة دوليا بعد الإستقلال كانت سنة 2001، عندما وصل الفريق إلى ثمن نهائي كأس الكاف بإقصائه للمريخ السوداني بهدفين لصفر في السودان من توقيع عمر بارو وقريش، وخروجه بشرف مع آفريكا سبور بضربات الترجيح، بعد أن فاز الفريق في حملاوي بهدف لصفر من توقيع الغالي بن صالح. فندي عبد الحفيظ (أسطورة الموك في السبعينات): "15 ديسمبر تاريخ عزيز علينا وتغيضني كي نشوف الموك في وضعها الحالي" لأن 15 ديسمبر يعتبر يوم تاريخي في الموك، فضلنا أن نحاور لاعبا تاريخيا صنع اسمه من ذهب في المولودية، وهو اللاعب الأسطوري صاحب الرقم 10 فندي عبد الحفيظ اللاعب الدولي السابق ومفخرة الموك، والذي فتح لنا قلبه وأجاب عن أسئلتنا بصدر رحب ماذا يمثل لك يوم 15 ديسمبر تاريخ تأسيس الموك؟ تاريخ 15 ديسمبر يعتبر يوما عزيزا علينا كثيرا، لأنه يوم ميلاد شمعة أنارت لنا حياتنا وهي المولودية التي تبقى مفخرة مدينة قسنطينة، وهذا شيء نعتز به كثيرا بصفتنا لاعبين سابقين في صفوف النادي، وتأكّد أن الموك ورغم وضعيتها الحالية، إلا أنها بقيت في ذاكرة الجميع وأينما ذهبنا يستقبلوننا بحفاوة ويسألوننا عن الموك وأين اختفى هذا النادي العريق، والصراحة "تغيضني كي نشوف الموك تتمرمد" مثلما يحدث اليوم. وأين هم اللاعبون القدماء ولماذا هم بعيدون عن النادي؟ لسنا بعيدين عنه وإنما أبعدونا منه ولا يريدون أن نكون بجانب الفريق، ويتحججون بأن اللاعبين القدامى "حابين يورثوا الموك" وهذا خطأ، لأننا ما نريده هو مساعدة الفريق وبعلاقاتنا المميزة مع الجميع يمكننا إعطاء الإضافة للموك من دون شك، لكن للأسف هم لا يريدون قدماء اللاعبين أن يتقدموا لمساعدة الفريق، رغم أن كل نوادي العالم من يقوم بتسيير وتدريب الفرق هم في الأغلبية لاعبين سابقين. في رأيك ما هو المشكل الذي أبقى الموك في القسم الثاني لسنوات؟ من دون أدنى شك التسيير الفاشل الذي جلب معه النتائج السلبية، وانتداب لاعبين لا مستوى لهم وأصبح من هبّ ودب يلعب في الموك، كما غاب التكوين القاعدي، والمتسببون هم الرؤساء والمسيرون الذين تعاقبوا على الموك مؤخرا، وأنا أندهش لما أرى رئيسا يصرّح بأنه يدين للموك بمليار والآخر بملايير، فهذا كذب وليس صحيحا وأي رئيس يقول هذا فلا تصدقوه وأنا مسؤول عن كلامي، أنا أتحداهم إن كانوا يحبون الموك أكثر مني لكن رغم هذا، فأنا لست مستعدا لأن أمنح أموالي للموك، بل أعمل بأموال النادي وإعانات الدولة، فكيف لهم هم أن يمنحوا الملايير للموك؟. ولماذا لا نرى فندي مثلا يترشّح لرئاسة الموك؟ في الوقت الحالي كرة القدم في عصر الإحتراف هي أموال، وأنا لا أملك الأموال لأكون رئيسا رغم أن مفهوم الإحتراف ليس أموال وفقط، وإنما الإحتراف هو رجال وتسيير حكيم وهو ما تفتقده الموك حاليا. هل مازلت متابعا أخبار الموك؟ وهل الفريق قادر على الصعود هذا العام؟ نعم مازلت أتابع الموك ولن أفرّط فيها أبدا رغم أنني لا أشاهد كل المقابلات في الملعب، أما عن الفريق الحالي فأرى أنه يملك لاعبين لديهم الإمكانيات لتحقيق الصعود بالنظر إلى المستوى المتوسط للبطولة، ولو تلقى هذه المجموعة الإلتفاف والدعم المطلوب، فبإمكانها تحقيق الصعود في نهاية الموسم. نترك لك الكلمة الأخيرة بمناسبة 15 ديسمبر أولا أشكركم على هذه الإلتفاتة الطيّبة وأتمنى من أعماق قلبي أن تعود المولودية إلى سابق عهدها، ونحن مستعدون لتقديم المساعدة كل بمقدوره، وفي الأخير لا يسعني إلا الترحم على كل أبناء الموك الذين غادرونا أمثال سوشة، نعيجة، بن شعبان، زفزاف، بولفلفل صالح، سفيان علاوة، كمال بن قرية الحارس التونسي، عمار منادي وكل الذين نسيت ذكرهم و"ربي يرحمهم".