كانت كل الأمور توحي أمسية يوم الإثنين بفندق “ڤولف أند بالاس“ أن أمرا ما سيحدث في مقر تربص “الخضر“، خاصة بعد الإجتماع الذي كان بين رئيس “الفاف“ والمدرب الوطني، إضافة إلى الدكتور شلبي حول إصابة مراد مغني ومدى جاهزة هذا الأخير إلى الذهاب ضمن قائمة ال 23 لاعبا.. حيث كانت الأجواء مشحونة وتنذر بقرب الإعلان عن القرار النهائي فيما يخص قضية مراد مغني الذي شعر في آخر حصة يجريها بآلام في ركبته من جديد. روراوة كانت له الشجاعة لكي يُعلمه واللاعب خرج مسرعا إلى غرفته وكان إتخاذ القرار صعبا للغاية على المسؤولين الذين طلبوا من مغني أن يجتمعوا به في غياب الدكتور شلبي الذي لم تكن له الشجاعة لكي يؤكد ل مغني أنه لن يتمكن من لعب المونديال، فقرّر سعدان وروراوة الإعلان عن القرار النهائي للاعب الذي بدا متأثرا جدا وهو يستمع عبارة: “لن تكون معنا لأننا نخشى عليك وعلى مسيرتك الكروية“، وهو الكلام الذي قاله له رئيس “الفاف” روراوة، ومباشرة بعدها خرج اللاعب من قاعة الإجتماع متوجها إلى غرفته وهو يبكي بحرقة. لم يتوقف عن البكاء إلاّ عندما سمع صوت إبنه “عمران“ ورغم أن العديد من اللاعبين كانوا يريدون مواساة مغني بعد أن وصلهم خبر إستحالة مشاركته في المونديال، إلا أن اللاعب وهو في قمّة التأثر لم يرد الحديث مع أحد، مفضلا الإلتحاق بغرفته لأنه كان يريد الحديث مع عائلته، خاصة إبنه الصغير “عمران“ كما كشف اللاعب لزملائه فيما بعد. ويكون مغني قد طلب من زوجته وهو في قمّة التأثر أن يسمع صوت إبنه “عمران“ الذي بمجرد أن سمعه توقف عن البكاء وارتاح قليلا من وقع الصدمة التي لحقت به، خاصة أنه كان يأمل كثيرا في أن يُشارك في المونديال القادم حتى وإن لم يكن بكامل إمكاناته. حديثه مع اللاعبين كان قليلا وظل يُفكر وباله مشغول بعد أن هدأ مراد مغني قليلا عقب الحديث لأفراد عائلته، إلتفت حوله جل العناصر الوطنية التي لم تتوقف عن مواساة اللاعب ومحاولة التخفيف من وقع الصدمة، إلا أن مغني بقي مشغول البال لا يتكلّم كثيرا ويُفكّر ربما في أمور كثيرة وكثيرة لا يعلمها إلاّ هو، إلاّ أن منصوري، صايفي وزياني بقوا يؤكدون ل مغني أنهم يتفهّمون حسرته، لكنه يجب أن يفكر أكثر في المستقبل وينسى هذه المنافسة الآن. مغني شكر الجميع على تضامنهم معه، لكنه كان يشعر بالتأكيد داخليا أنه محطم بعد أن كان لا يسمع حتى ما كان يقوله اللاعبون من شدة التأثر. لم ينم طوال الليل وكان أول النازلين إلى بهو الفندق الذين يعرفون جيدا مراد مغني يؤكدون أن اللاعب، رغم هدوئه ورزانته، إلا أنه سريع التأثر ولم يتمكن في قرار نفسه من تقبّل الوضع بعد أن علّق آمالا عريضة للمشاركة في نهائيات كأس العالم في جنوب إفريقيا، حيث حاول اللاعب أن لا يظهر تأثره الشديد لزملائه، مؤكدا أنه يفضّل الإلتحاق بغرفته للنوم لأنه متعب جدا، لكن الحقيقة أن اللاعب لم ينم، بدليل أن أضواء غرفته بقيت إلى ساعة متأخرة من صبيحة أمس مشتعلة، وهو ما يؤكد عدم تمكنه من النوم وهذا رغم أن البعض أراد أن يواسيه لما لاحظوا أن النور كان مشتعلا في غرفته، لكن مغني لم يرد أن يفتح الباب لأحد وفضّل الإنزواء وحده في غرفته للعودة بالتأكيد إلى ذكرياته مع “الخضر”، خاصة تأهله مع الجزائر إلى المونديال في ملحمة كان أحد أبطالها في أم درمان، وكان مراد مغني صبيحة أمس أول النازلين إلى بهو الفندق لتناول فطور الصباح، ما يظهر أن مغني لم ينم جيدا أو أنه لم يغمض ربما عينيه تماما. -------------------------------------------- مغني: ”حتى لو أجريت العملية الجراحية في فيفري كنت سأضيّع المونديال” “أشكر كل الشعب الجزائري الذي تعاطف معي وأعده بأنني سأعود لأسعده “ “صحيح أنني في قمّة الثأثر، لكنني لم أندم على شيء لأنني عملت المستحيل لأكون جاهزا” رغم أنه كان لا يزال يشعر بمراراة الإبتعاد عن قائمة اللاعبين المشاركين في المونديال، إلا أن مراد مغني لم يرفض الإجابة على أسئلتنا سواء في الصبيحة خلال الندوة الصحفية التي حضرها رفقة سعدان، أو عندما إنفردنا به في الحصة التدريبية المسائية التي حضرها اللاعب. بداية أبلغ لك تضامن جريدة “الهدّاف” و“لوبيتور” بعد أن تأكد ابتعادك عن المونديال. بماذا تشعر الآن، خاصة أنه لم تمر إلا ساعات عن سماعك القرار؟ أشكركم كثيرا على هذا التضامن. لقد منحتني الفرصة لأؤكد للجميع أنني سعدت كثيرا بموجة التضامن الكبيرة التي وجدتها من الشعب الجزائري و كل الذين يعرفون مراد مغني، عقب هذا القرار الذي أعتبره قضاء الله و لا يمكنني فعل أي شيء معه. أما عن شعوري الآن فهو التأسف كثيرا، لأنني كنت أريد أن أشارك في هذا المونديال وعملت كل ما في وسعي لذلك، لكن ركبتي لم تتحمّل ولم يكن بإمكاني المغامرة، خاصة بعد أن تحدثث مع الطبيب وكذا المدرب الوطني ورئيس الإتحادية. نفهم من هذا أن القرار كان جماعيا؟ بطبيعة الحال. فبعد أن شرحوا لي كل شيء فهمت أنه لم يكن بإمكاني أن أطمح في اللعب إلا بعد إجراء عملية جراحية، وهو ما سأقوم به لأعود إن شاء الله للميادين. لكنني أقول إن الجميع حاولوا أن يقوموا بكل شيء لأجد راحتي وأشفى نهائيا دون جدوى. البعض يعتبر أنك ارتكبت خطأ كبيرا بعدم إجراء عملية جراحية في الشهور الماضية ولو قمت بذلك لأصبحت اليوم جاهزا؟ يجب أن نكون صرحاء. لو أجريت عملية جراحية في شهر فيفري مباشرة بعد نهائيات كأس إفريقيا لما كنت أيضا جاهزا اليوم. من جهتي قمت بكل ما شأنه أن يعيدني بسرعة للميادين بدءا بالعلاج في “سان رافائييل“ ثم في قطر، ولكنني لم أتمكن من الشفاء كلية. كما أن الطاقم الطبي قام بكل الإجراءات الضرورية هو الآخر إلى غاية أول أمس دون جدوى. قلت إنك لو أجريت عملية جراحية لما كنت جاهزا لماذا؟ لأن هذا النوع من العمليات الجراحية يستوجب 6 أشهر للعودة للميادين، و لو أجريت هذه العملية في شهر فيفري لما تمكّنت من المشاركة في كأس العالم. أي أنني قمت بخيار العلاج المكثّف الذي ظهر في الأخير أنه لم يكن كافيا. هل تلقيت ضمانات بأنك تستطيع أن تشفى دون إجراء عملية جراحية؟ على كل حال لم يكن لدي خيار آخر وفضلت أن لا أجري العملية، لأن العملية كانت ستبعدني عن المونديال من شهر فيفري. ولذلك اضطررت لأن أبحث عن حل آخر وهو علاج إصابتي بطريقة أخرى غير العملية الجراحية وأنتم تعرفون البقية ... في قرارة نفسك هل كنت تعلم أنك ستغادر هذا التربص؟ لا، أبدا. فعندما وصلت إلى هنا كنت أعلم أن وضعيتي ليست سهلة لكن أملي كان كبيرا في أن أشارك في المونديال. تعلم جيدا أنك أبكيت الجمهور الجزائري، المدرب رابح سعدان وحتى رئيس “الفاف”، ماذا تقول لهؤلاء ؟ أنا متأسف جدا لأني كنت أتمنى أن أسعد الشعب الجزائري الذي كان دائما إلى جانبي. كما أن المدرب سعدان والحاج روراوة هما الآخران تقاسما معي الصدمة. أشكر، كما قلت، كل من وقف إلى جانبي، لكنني لم أدّخر أي جهد لأعود للميادين. وطبعا لا يوجد من هو متأثر أكثر منّي، خاصة عندما أسمع أن الجماهير تأثرت بما حدث لي. فهذا يؤثر في أكثر وأتمنى أن أعود بقوة لأسعد كل الشعب الجزائري إن شاء الله. الذي لم نفهمه أنك شاركت في المباراة التطبيقية يوم الأحد ولعبت بكل قوة، ثم سرعان ما اتخذ قرار إبعادك عن المجموعة، ماذا حدث بالضبط؟ صحيح أنني لعبت بصفة طبيعية في المباراة التطبيقية لنهار الأحد، لكنني شعرت بالآلام بعد ذلك. وعندما وقف الطاقم الطبي على الإصابة من جديد تأكد أنني لا أستطيع اللعب في المونديال. عودتك لجو التدريبات مع المجموعة لم تكن إلا يوم الأحد هل كنت تطمح لأن تشارك في كأس العالم وأنت غير محضر بدنيا؟ لم أكن أطمح لأكون أساسيا لو شاركت، بل لأكون احتياطيا وللمشاركة في بضع دقائق فقط و هو ما لم يعد ممكنا الآن. أنت متأثر بطبيعة الحال، لكنك تفضّل عدم المغامرة بمشوارك الرياضي على أن تلعب المونديال وتصاب من جديد؟ نعم هذا هو الأمر المنطقي. بما أن الطاقم الطبي قرّر ذلك، فهذا معناه أنني لا أستطيع اللعب و من الأجدر أن أجري عملية جراحية فورا. بما أنك تحدثت عن الطاقم الطبي، الكثير اعتبر أن فشل أطباء “أسبيطار” في علاجك هو فشل كبير لهذه المصحّة، وهناك من ذهب إلى حد اعتبار أن أطباء “أسبيطار” أخطأوا في تحديد نوعية الإصابة؟ لا، هذا ليس صحيحا. فمنذ البداية كنت أعلم أنه كان يستوجب عليّ القيام بعملية جراحية للشفاء، لكن الوقت لم يكن يكفي بعد مشاركتي في نهائيات كأس إفريقيا. لذلك اضطررت، كما قلت لك منذ قليل، للبحث عن الحل الثاني وهو العلاج المكثّف الذي لم يأت بنتيجة... ذلك ليس خطأ من أي طرف. و هل تحدثث مع مسؤولي نادي “لازيو” بشأن ما ينتظرك الآن؟ لا ليس بعد. متى سيكون موعد العملية التي ستجريها وهل ستسافر مع الفريق إلى نهائيات كأس العالم؟ إلى حد الآن لم يتحدّد أي شيء، لكن من المفروض أن أقوم بهذه العملية في أسرع وقت لأن ذلك سيسمح لي بالعودة بسرعة أكبر. إلى حد الآن لم أبرمج بعد أي شيء، أما عن سفري مع المجموعة إلى جنوب إفريقيا فلا أدري بعد، لكنني أتمنى أن أحضر لو تسمح لي الظروف بذلك. كيف كان رد فعل المقربين منك وكذا اللاعبين بعد هذا القرار؟ الكل كان مصدوما لما جرى والحمد لله أنني كنت محاطا بزملائي اللاعبين الذين كانوا متضامنين معي. وأشكر حتى الصحفيين الذين وقفوا هم كذلك إلى جانبي وموقفهم بالتصفيق علي عند مغادرتي الندوة الصحفية أثر في كثيرا. تعلم أن الشعب الجزائري أصيب بصدمة بعد أن تقرر عدم إشراكك في المونديال و الجماهير لم تتقبّل بعد غيابك؟ (يتأثر كثيرا) هذا الكلام يعذّبني، لكنه في الوقت نفسه يزيدني عزيمة على العودة بقوة. هل من إضافة في الأخير؟ أقول فقط إنني أتمنى لزملائي أن يشرّفوا الجزائر في المونديال. ما عشته إلى حد الآن مع منتخبنا الوطني لم يسبق لي أن عشته لا في فريقي ولا في أي جهة أخرى (يقصد عندما لعب للمنتخب الفرنسي في الأصناف الدنيا) و“تحيا الجزائر“. ------------------------------------- إبعاد مغني يلقي بظلاله على التربص... أجواء جنائزية في فندق “الخضر“، الدموع تغلب روراوة وسعدان بكى بحرقة بمجرد أن تم الإعلان عن خبر إبعاد مراد مغني من القائمة التي ستسافر إلى المونديال حتى سادت أجواء “الحداد الوطني” هنا في “كرانس مونتانا“ السويسرية داخل مقر تربص “الخضر“، إذ أصبح حديث اللاعبين كله ينحصر في ما جرى ل مغني وابتعاده بمثل هذه الطريقة عن القائمة، والمتابع للأجواء التي كان عليها الجميع أول أمس وصبيحة البارحة يشعر أن التأثر والغضب هما السمتان اللتان ميزتا وجوه اللاعبين وحتى مرافقي “الخضر“ من طاقم إداري، طبي وكذا قوات الأمن التي تسهر على حماية “الخضر“ هنا في سويسرا. الدموع تغلب روراوة ولم يستطع إخفائها على كاميرا “الجزيرة” أكثر المتأثرين بقرار إبعاد مراد مغني من المشاركة في المونديال كان رئيس الإتحادية الجزائرية لكرة القدم محمد روراوة الذي لم يتمالك نفسه وهو يشاهد مغني متأثرا بقرار الإبعاد، لتغلب روراوة الدموع، ورغم محاولته إخفاء ذلك إلا أن كاميرا “الجزيرة الرياضية” كشفته وهو يبكي من شدة التأثر بغياب اللاعب عن العرس العالمي، ليتشجع بعد ذلك ويُخاطب مغني بلغة الوالد لإبنه في جلسة كانت مؤثرة جدا. قال ل مغني: “يا وليدي لديك نهائيات كأس إفريقيا 2012 ثم 2013 ومونديال 2014 وربّي معاك“ وبنبرة حزينة للغاية، خاطب روراوة مراد مغني قائلا له: “يا وليدي لا يوجد ربما من هو أكثر تأثرا مني، لقد قمنا بكل شيء حتى تلعب هذه المنافسة كما أنك كذلك بذلت مجهودات جبارة، لكن الله غالب هذا قضاء الله ونحن لا نريد أن نتسبب في أن تغامر بمسيرتك الكروية، لذا يجب أن تصبر وتجري عملية جراحية وأنا متأكد من عودتك القوية في المستقبل”، ليُضيف الحاج روراوة: “لا تنسى أنك مقبل على 3 منافسات في 3 سنوات، فدورة كأس إفريقيا ستجري في 2012 ثم تتبعها دورة أخرى في العام الموالي 2013 وبعدها نهائيات كأس العالم في 2014 وطبعا التصفيات، لذا عليك أن لا تفقد الأمل لأننا بحاجة إلى عودتك إلى الميادين و الجزائر كلها تنتظرها، فمن فضلك لا تفشل ونحن معك”. ولم يتمكن روراوة من إخفاء تأثره على فقدان لاعب عمل المستحيل من أجل أن تسترجعه الجزائر ويحمل ألوانها. الجميع لم ينس ما فعله في أم درمان عندما صرخ في وجه المصريين قائلا: “لماذا سكتم الآن، تكلموا واعترفوا أننا الأقوى لأننا جزائريون“ إرتباط مراد مغني بالجزائر حتى وإن لم لعب عدد قليل من المباريات منذ مواجهة الأوروغواي في 5 جويلية، والعلاقة الوطيدة بمسقط رأس والده أولاد هداج وحبه الشديد للجزائر، إضافة إلى فنياته فوق الميدان هي التي جعلت الصدمة شديدة لدى الجميع، خاصة أن مغني لعب دورا فعّالا في تحقيق التأهل إلى المونديال ولم ينس الكثير ما فعله هذا اللاعب بعد نهاية المباراة عندما توجه إلى المدرجات التي كان فيها أنصار المنتخب المصري وهو يرفع العلم الجزائري ويصرخ: “هيا تكلّموا الآن، لماذا سكتم؟ اعترفوا أننا أقوى منكم لأننا جزائريون”، لتبقى هذه العبارة خالدة لدى مغني المعروف بتحفظه الشديد. سعدان بكى بحرقة وكأنه فقد شخصا عزيزا عليه من جهته، فإن المدرب الوطني وإضافة إلى الدموع التي ذرفها صبيحة أمس في الندوة الصحفية، وعقب أن أعلم اللاعب بالقرار لم يتمالك نفسه وشوهد في مكتبه يبكي بحرقة على فراق مراد مغني الذي يحبه “الشيخ” كثيرا إلى درجة أنه ظهر متأثرا أكثر رغم أنه كان ينتظر هذا القرار، بالنظر إلى عدم تحسن وضعية اللاعب لكن دموع سعدان كانت أقوى ليكون المشهد محزنا للغاية لما شاهد اللاعب مدربه يبكي على فراقه. اللاعبون يُريدون أن يهدوه التأهل إلى الدور الثاني في المونديال وبالنظر إلى الصدمة الشديدة التي عاشها الوفد الجزائري هنا في مرتفعات “كرانس مونتانا“ السويسرية، فإن العديد من العناصر التي تحدثنا إليها عشية أمس عبّرت لنا عن تضامنها مع اللاعب، مؤكدة لنا أنها ستكون أكثر إرادة وعزيمة للذهاب بعيدا في دورة جنوب إفريقيا وهذا لإهداء التأهل لمراد مغني الذي كان يتمنى أن يكون مع المجموعة في هذه المنافسة.