تساؤلات كثيرة طرحت حول حالة أرضية ميدان 5 جويلية قبل مباراة البوسنة، خاصة مع الظروف المناخية وتوقعات مصالح الأرصاد الجوية بتساقط متواصل للأمطار طيلة يوم الأربعاء. غير أن لا أحد ربما راهن أن الأرضية ستكون بالسوء الذي كانت عليه في المباراة، فقد كانت عبارة عن بركة من المياه والأوحال، ولا تشبه ملعب كرة القدم إلا بالاسم، واللاعبون مارسوا عليها الغطس والتزحلق ورياضات أخرى. فقد بدا لمن يشاهد المباراة وكأنها مباراة في "الريغبي"، في إهانة واضحة وتشويه صريح لصورة الجزائر أمام الأجانب. بعد 50 سنة استقلال نحتفل مع البوسنة على أرضية ميدان مهينة وكان البوسنيون يعتقدون أنهم سيجدون أجواء كالتي يلعبون فيها في أوروبا في انتظارهم، بل وربما أفضل من تلك على اعتبار أن اللّقاء يلعب بمناسبة خمسينية "الفاف" والمباراة تجرى بطابع احتفالي. لكن دعوة ابن جلدتهم حليلوزيتش وبعد 50 سنة من استقلال الجزائر كانت لإجراء مباراة على أرضية ميدان لا يمكن إلا وصفها ب "المهينة"، بما أنها الأرضية لا تحتمل تساقط الأمطار وتنكشف عيوبها بسرعة، لتتحول إلى كتلة من الأوحال. 4 ملايين بوسني تهكموا علينا ورفقاء دزيكو ندموا على الموافقة وواجه "الخضر" أمس منتخب البوسنة والهرسك وهو بلد يضم 4 ملايين نسمة، يكونوا دون شك قد ضحكوا علينا على قلة عددهم لأنهم يملكون ملاعب أرضياتها لا تقارن مع 5 جويلية، بل وتهكموا علينا وهذا ما سجلناه من خلال اطلاعنا على مواقع بوسنية أثناء إجراء اللّقاء، وهو ما يزيد من تشويه صورة الجزائر، لأن الأمر لا يتعلق بمباراة محلية بين فريقين جزائريين حتى يبقى "زيتنا في دقيقنا"، بل مباراة دولية. ويكون رفقاء النجم دزيكو الذين يلعب أغلبهم في أندية كبيرة في أوربا قد ندموا على المجيء، لأنهم لو كانوا يعرفون أنهم سيجدون ظروفا كهذه لما وافقوا على مواجهة الجزائر. الجمهور لم يتحمل وهتف "يا روراوة ديرها بطاطا" ولم يتصور الجمهور الذي حضر المباراة أنه سيحضر "مسرحية" بأتم معنى الكلمة، لن يتناقش فيها المناصرون عن فنيات رفقاء فغولي ولكن عن الكرة كيف تتوقف أمام خط المرمى بصورة مفاجئة، وكيف تخادع اللاعبين وغير ذلك. وهي أمور جعلت المباراة دون معنى، وقد غادر الكثيرون قبل نهاية اللقاء لأنهم لم يكونوا سيضيّعون شيئا، علما أن الآلاف من الأنصار بدؤوا بالهتاف "يا روراوة ديرها بطاطا" رغم أنها ليست مسؤولية روراوة بقدر ما هي مسؤولية القائمين على هذا الملعب. تاريخ "فيفا" ذهب هباء منثورا وإذا كان المنتخب الوطني في 16 شهرا لم يلعب سوى 3 مباريات ودية لأن تواريخ "الفيفا" قليلة، فإن مباراة أول أمس وتاريخ 14 نوفمبر 2012 ليس إلا تاريخا للنسيان لأننا لم نستفيد شيئا من هذه المباراة، لا نحن ولا المنتخب البوسني، مادام أن تمرير الكرة وهو أبسط حركة يقوم بها لاعب في كرة القدم كان غير مضمون، بما أنها يمكن أن تتوقف الكرة في أي لحظة أو تندفع بصورة مفاجئة. كل هذا جعل الصور التي شاهدنا في المباراة مهينة ومشوهة للجزائر في ذكرى عزيزة على قلوبنا، رغم أنه كان يمكن تفادي هذه المهزلة باختيار ملعب آخر أقل سوءا حتى لا نقول أفضل.