فضل رئيس اتحاد عنابة عبد الحميد بوضياف تأجيل جلب مدرب جديد للفريق إلى إشعار آخر، لأسباب تبقى مجهولة ويعرفها بوضياف وإدارته فقط، رغم خروج المنتخب الوطني من نهائيات كأس إفريقيا بصفة رسمية، إلا أن ذلك لم يمنع المدرب وحيد حليلوزيتش من برمجة حصة تدريبية صبيحة أمس. ففي وقت اعتقدنا أن اللاعبين سيكتفون بإجراء حصتهم الاسترخائية في الفندق، أو أن يبرمجها مساء عندما تنخفض درجة الحرارة، برمج البوسني الحصة صباحا في حدود الساعة الحادية عشرة بملعب "موڤواسي"، وهي الحصة التي لكم أن تتصوروا في أي أجواء جرت؟ جرت في أجواء جنائزية، توحي للذي لا يعرف أن المنتخب الوطني هو من يتدرب، أن الأمر يتعلق بمجموعة لا هدف لها في هذه النهائيات، بالنظر إلى الصمت الذي خيّم عليها من جهة، وإلى أوجه المدرب واللاعبين الشاحبة. حصة على الحادية عشرة تحت شمس حارقة عقوبة بطريقة غير مباشرة ولا يمكن أن نصف تعمّد البوسني برمجة هذه الحصة التدريبية الاسترخائية على الساعة الحادية عشرة من نهار أمس وتحت ظل أشعة شمس حارقة ودرجة حرارة شديدة بلغت 35 درجة سوى بالعقوبة، لكن بطريقة غير مباشرة، بمعنى أنه عليكم أن تتدربوا في اليوم الموالي لأي مباراة مثلما جرت العادة، وفي آن واحد عليكم أن تتحمّلوا تلك الحرارة الشديدة رغم أنكم أقصيتم من المنافسة. خطاب نصف ساعة كاملة... والجميع صرعتهم الشمس وكما جرت العادة ألقى البوسني خطابا على لاعبيه قبيل بداية الحصة، حيث اجتمع بهم في النقطة المركزية للملعب، وألقى عليهم أطول خطاب في حصة تدريبية منذ قدومه، خطاب دام نصف ساعة كاملة في ظل تلك الحرارة الشديدة، ما جعل اللاعبين يستنجدون بأقمصتهم لتغطية رؤوسهم حتى لا يتأثروا، وإن كنا لم نعرف ما قاله بالضبط حليلوزيتش، إلا أننا متأكدون أنهم وظف اللهجة التي اعتاد على توظيفها معهم من قبل، والتي تتمثّل في لومهم على الفرص الضائعة وتشجيعهم على عدم الإستسلام لأن تحديات أخرى في انتظارهم. سوداني لم يقدر على الركض، وسقط مغميا عليه بعدها قسّم حليلوزيتش تعداده إلى مجموعتين، مجموعة تضم من شاركوا أساسيين أمام منتخب طوغو ومجموعة ثانية تضم من لم يشاركوا في هذه المباراة، وراحت كل مجموعة تركض في الاتجاه المعاكس للمجموعة الأخرى، فإذا بالمهاجم سوداني يسقط فجأة على الأرض متأثرا بدرجة الحرارة التي كانت شديدة ولا تطاق، فاللاعب ومثل سائر زملائه لم ينم جيدا وقضى ليلة سوداء جراء الإقصاء، قبل أن يجبر على النهوض باكرا للتدرب والوقوف نصف ساعة للاستماع إلى خطاب مدربه في ظل تلك الحرارة الشديدة، قبل أن يسقط أرضا مغميا عليه جراء ذلك. الكلّ ركض نحوه بمن فيهم حليلوزيتش وغادر الحصة قبيل بدايتها سقوط سوداني أثار حالة هلع وسط زملائه الذين توقفوا لتفقد حالته الصحية، قبل أن يهرول أعضاء الطاقمين الطبي والفني نحوه لإسعافه، حيث خضع للإسعافات الأولية من طرف الدكتورين يقدح وبوغلالي، كما أن البوسني سارع إليه لكي يطمئن عليه هو الآخر. هذا، وبعد فترة قصيرة نهض سوداني مستعينا بالطبيب يقدح الذي استند اللاعب على كتفيه إلى غاية وصوله إلى مقعد الاحتياط، حيث غادر الحصة في بدايتها، وواصل تلقي الإسعافات على خط التماس، قبل أن يرتدي قبعة تحميه من أشعة الشمس بطلب من الطبيب. حصة استرخائية في أجواء جنائزية وصمت رهيب وبعد الاطمئنان على حالة سوداني الذي غادر الحصة التدريبية في بدايتها، استأنفت الحصة التدريبية التي كانت استرخائية بالنسبة لمن شاركوا في الخسارة أمام طوغو، حيث اكتفوا على مدار الحصة بالركض حول الملعب والقيام ببعض التمارين لتمديد العضلات في صمت رهيب وأجواء جنائزية توحي أنهم تأثروا كثيرا من الإقصاء الذي ساهموا فيه بنسبة كبيرة بما أنهم هم صانعو القرار فوق الميدان، فمن ارتكب خطأ دفاعيا يبقى مسؤولا ومن فشل في التسجيل يبقى مسؤولا، والحظ كما يقال لا يمكن أن نتحدث عنه سوى في ركلات الترجيح وفقط لا في مباراة أضاف فيها الحكم 13 دقيقة بالخطأ بما أنها توقفت في الدقيقة 86. الإحتياطيون تدربوا بشكل عادي، و"موان" قال: "إن ما حصل مجرد حادث، واصلوا العمل بجدّ" أما المجموعة الثانية والتي ضمت الإحتياطيين ومن غابوا عن لقاء طوغو، فهؤلاء أشرف عليهم قريشي بمساعدة المحضر البدني سيريل موان الذي أراد أن يبث فيهم الحرارة والإرادة عندما خاطبهم بعد انتهائهم من الركض: "ما حصل مجرّد حادث، عليكم أن تواصلوا بهذه الإرادة والعزيمة، عليكم أن تواصلوا العمل الذي نقوم به"، دون أن يدرك أن هذه الإرادة التي يتحدّث عنها، تأتي بالفطرة وبطريقة لا إرادية لا أن يبقوا يستمعون دوما للخطاب نفسه دون أن يحركوا ساكنا في المباريات الرسمية التي لعبها المنتخب في هذه "الكان" حتى الآن. اللاعبون اجتمعوا فيما بينهم في النهاية والبوسني متفرج طيلة الحصة الحصة التدريبية التي جرت في أجواء جنائزية اكتفى فيها حليلوزيتش بدور المتفرّج، فالرجل ومنذ الخطاب الذي ألقاه على لاعبيه، اكتفى بالاطمئنان على سوداني لدى سقوطه مغشيا عليه، قبل أن ينفرد لوحده دون أن يتدخل فيما كان يقوم به اللاعبون، تاركا المهمة لمساعديه، حيث تولى مدربي الحراس كاوة وبلحاجي الإشراف على دوخة وسيدريك، فيما أشرف سيريل موان وقريشي على الإحتياطيين. أما الأساسيين فقد توقفوا واجتمعوا فيما بينهم على الأرض، قبل أن يلحق بهم الاحتياطيين بعد انتهائهم من التدريبات، وظلّوا يتبادلون أطراف الحديث حول ما جرى أمام طوغو وحول الطريقة التي أقصوا بها من هذه المنافسة. ومهما كانت الأسباب التي تطرقوا إليها، فإنّ لا شيء سيبرّر هذه الكارثة التي لم تحدث للجزائر منذ مهزلة "زيغنشور" بالسنغال سنة 1992 عندما أقصي منتخبنا بجيل ذهبي من المنافسة القارية في دورها الأوّل. ----------------------- حليلوزيتش صافح لاعبيه واحدا واحدا قبيل الحصة صافح البوسني قبيل إلقائه الخطاب على لاعبيه صبيحة أمس بملعب "موڤواسي" الجميع، ما جعلنا نعتقد أن الرجل لم يأت معهم في الحافلة أو أنه لم يقض الليلة معهم في الفندق نفسه، أو أنه سيودعهم ويغادر، قبل أن نتأكد من أن الرجل لم يلتقهم منذ آخر مرة حدّثهم فيها بغرف حفظ الملابس، وحتى لدى نزوله للحافلة كان آخر من ينزل بما أنه استفاق من النوم متأخرا بعد ليلة لم ينم فيها إلا مع مطلع الفجر، وهو ما جعله يتوجّه نحوهم كي يصافحهم واحدا واحدا. روراوة تراجع عن التنقل لمتابعة الحصة كان من المفترض أن يحضر الحصة التدريبية محمد روراوة الذي لم يلتق لاعبيه هو الآخر عقب نهاية مباراة طوغو، غير أنه تراجع وأحجم عن المجيء لملعب "موڤواسي"، مفضلا أن يبقى في الفندق، أين انتظر لاعبيه هناك واجتمع بهم قبل أن منحهم راحة يفعلون فيها ما يشاءون في المساء.