الظّاهر أن المنتخب الوطني الجزائري قد تجاوز محنته بعد الخسارة أمام تونس بسرعة البرق، فبعدما خيّم الحزن في معسكر المنتخب ليلة الثلاثاء ، عادت المياه إلى مجاريها صبيحة أمس خلال الحصة التدريبية التي أجراها في ملعب "موڤواسي" من الساعة الحادية عشر إلى منتصف النهار والنّصف، وقد سمح لنا تواجدنا على مدار ساعة ونصف في الملعب بالتأكد أن البوسني تجاوز محنته، وأنه نجح أيضا في إعادة الروح والبسمة لكل المجموعة التي عاشت أجواء جنائزية بفندق "كوا ماريتان" سهرة يوم الثلاثاء. ألقى خطابا دام ربع ساعة وكان مؤثّرا بداية الحصة التدريبية التي جرت في ظل حرارة شديدة تعدت 35 درجة استهلها البوسني وحيد حليلوزيتش بإلقاء خطاب مؤثر على لاعبيه، إذ عاد إلى المباراة بالتفصيل وذكّرهم بخطورة الموقف عقب هذه الخسارة المفاجئة وإمكانية خروج الجزائر من الدور الأول إن لم يرفعوا التحدي في لقاءي الطوغو وكوت ديفوار مستقبلا، كما ذكر البوسني لاعبيه بالأخطاء المرتكبة في لقاء تونس، وخص الهجوم في حديثه وتحسّر على الفرص التي أهدرت وتسببت في هذه الخسارة، وبما أننا كنا متواجدين في الحصّة، شعرنا أن هذا الخطاب- الذي دام ربع ساعة كاملة- كان مؤثّرا للغاية كذلك الذي ألقاه عليهم في غرف الملابس قبل أن يفضل العزلة بعد اللقاء. اللاّعبون كانوا يصغون له باهتمام وطيلة الربع ساعة التي تناول فيها البوسني الكلمة في وسط الميدان عندما اجتمع بلاعبيه، خيّم صمت رهيب على الملعب وظلّ الجميع يصغي لما كان يقوله المدرب بالحرف الواحد، بل أن هناك لاعبين لم يرفعوا رؤوسهم منذ أن شرع في إلقاء خطبته، وربما يعود ذلك إلى تأثرهم بما قاله، لأن خطاب مدربهم معهم وحتى إن كان عبارة عن لوم وعتاب في بعض الأحيان، إلا أن الهدف منه بدرجة أولى تحفيزهم تحسبا للتحديات المقبلة التي تنتظرهم بداية من يوم السبت المقبل. البوسني أنهى عزلته، اندمجمع لاعبيه وأعاد لهم الرّوح وبعد انتهائه من خطابه، فضّل البوسني حليلوزيتش أن يتصرف بذكاء مع لاعبيه، إذ ركض معهم مثلما جرت العادة منهيا عزلته عنهم منذ لقاء تونس، بل ظل من حين لآخر يمازحهم ويضحك ويتبادل أطراف الحديث معهم، إلى أن نجح في إعادة الروح والبسمة داخل المجموعة، بما أن الحصة جرت في ظروف وأجواء رائعة لم تكن توحي أن منتخبنا تلقى خسارة مرّة أمام تونس، وهو ما يدلّ على أن العمل النفسي التحضيري للقاء الطوغو بدأ من الآن، ونجاح البوسني ولاعبيه في تجاوز صدمة تونس في الصبيحة الموالية لهذه المباراة وإعادة البسمة لهم تعد خطوة جيدة قبل مباراة زملاء أديبايور يوم السبت المقبل. ... لكنّ الأساسيّين بدا عليهم التّأثّر بعض الشّيء وإن كنا قد أقرّينا أنّ البوسني أعاد الروح والبسمة لأفراد المجموعة وأن المياه عادت إلى مجاريها وسط المنتخب، فإن هذا لا يعني أن الحصة التدريبية كانت لهوا ومرحا وضحكا، لأننا شعرنا أن اللاعبين الأساسيين العشرة (فغولي لم يتدرب مع المجموعة) وكأنهم لم يهضموا بعد خسارة تونس، إذ بدا عليهم التأثر وهم يجرون حصتهم الإسترخائية تحت إشراف المحضر البدني سيريل موان، وهي الحصة التي تابعنا فيها كل خطواتهم ولمسنا أنّهم مازالوا متأثرين بالخسارة، إلا أنهم- وعلى غرار زملائهم الآخرين ممن كانوا يجرون حصتهم التدريبية في الجهة المقابلة تحت إشراف حليلوزيتش- سيطوون الصفحة ويصبون تركيزهم في لقاء الطوغو المقبل. اللاّعبون يرفضون الإستسلام ويؤمنون بقدرتهم على تكرار سيناريو 2010 وصّبت مختلف تصريحات اللاعبين الذين حدّثناهم منذ يوم الثلاثاء في خانة واحدة وهي عدم الرضوخ وعدم الإستسلام ورمي المنشفة، فهم يؤمنون بحظوظهم في التأهل إلى آخر دقيقة وسيلعبونها كاملة في لقاءي الطوغو وكوت ديفوار، كما يؤمنون بقدرتهم على تكرار سيناريو 2010 بأنغولا عندما نجح المنتخب في قلب الطاولة على الجميع في مجموعته رغم بدايته الصعبة عقب خسارته المفاجئة الأولى على يد مالاوي بثلاثية نظيفة. حليلوزيتش مازال يثق فيهم والكرة في مرماهم بدوره حليلوزيتش بدا لنا خلال الحصة الصباحية لنهار أمس أنه استرجع قواه ومعنوياته، وأنه مازال يؤمن بقدرة هذه المجموعة التي يشرف على تدريبها في تحقيق الأهداف المرجوة منها، كما بدا لنا من خلال الطريقة التي كان يحدث بها أشباله أنه مازال يثق فيهم جميعا ويعوّل على انتفاضتهم لاحقا بداية من لقاء الطوغو يوم السبت المقبل، لتبقى الكرة الآن في مرمى لاعبيه المطالبين بالتعامل مع الوضعية بأكثر جدية لاحقا والتّضحية قليلا لتدارك ما فات في لقاء تونس، وفي مرماه أيضا للعودة إلى النظام التكتيكي الهجومي الذي جعله يحقق نتائج جيدة مع المنتخب في الفترة الماضية، لأن تخوفه من تونس- التي لم تكن تستحق أن تحترم بتلك الطريقة حسب المختصين- جعله يوظف ثلاثة مسترجعين في الوسط، فدفع المنتخب ضريبة ذلك في الوقت القاتل.