إلى وقت ليس ببعيد كان المدرب الإيطالي للمنتخب الإنجليزي فابيو كابيلو يؤكد في كل تصريحاته الصحفية أنه لن يعاقب الحارس ڤرين على الخطأ الذي ارتكبه أمام الولاياتالمتحدة في المباراة الأولى بل شدد دائما على وضع ثقته في هذا الحارس ليعزز الإختيار الذي قام به في أول لقاء، والتصريحات نفسها أطلقها المدرب الوطني رابح سعدان الذي بقي يدافع عن شاوشي ويؤكد أنه سيبقى الحارس الأول ل “الخضر“ لكن كل هذه التصريحات كشف هدفها لقاء مساء أمس بين المنتخبين الجزائري والإنجليزي، حيث غيّر المدربان حارسي المرمى واتضح أن تصريحات كابيلو وسعدان كانت حربا نفسية أراد بها كل مدرب أن يحمي فريقه ويغالط منافسه. ذكاء كابيلو درّسه سعدان في الجامعة وإذا كان كابيلو معروف عنه أنه “داهية” مع الأندية التي درّبها في أوروبا فإنه حاول هذه المرة أن يغالط “شيخ“ المدربين رابح سعدان ويجعله يفكر ويركز كل عمله على الأخطاء التي يرتكبها الحارس ڤرين، لاسيما أن الصحف الإنجليزية كانت تكتب عن تركيز التشكيلة الوطنية في التدريبات والتمارين على التسديد من بعيد ودراسة نقاط ضعف ڤرين، لكن كابيلو حاول مغالطة سعدان بتصريحاته وتعمّد التنويه بالحارس ڤرين لكنه اعتمد أمس على “جيمس”، بينما سعدان بذكائه عرف ما يفكر فيه كابيلو وأكد باعتماده على مبولحي أنه أستاذ و“شيخ“ بحنكته الكبيرة. دافع عن شاوشي إلى آخر لحظة ولكن ... لا يمكن الحديث عن كابيلو ودفاعه في كل مرة عن ڤرين دون ذكر سعدان الذي استعمل الأسلوب نفسه مع فوزي شاوشي إلى درجة أن الجزائريين تيقنوا بأنه سيجدد الثقة فيه وأنّ الإصابة التي تعرّض لها لن تقف حاجزا أمام الإعتماد عليه، خاصة أن الجزائريين يتذكرون أنه في نهائيات كأس أمم أفريقيا نُقل شاوشي إلى المستشفى بعد مباراة كوت ديفوار في ربع النهائي قبل أن يظهر من جديد في لقاء مصر، لكن سعدان واجهته من جهة إصابة شاوشي على مستوى الساق ومن جهة أخرى نوعية المنافس. حديث سعدان عن التغيير بعد سلوفينيا تجسّد أمس من بين الأمور التي أبقت التشكيلة الوطنية سواء الإحتياطية أو الأساسية في صراع وتنافس دائم على البروز في التدريبات هو كلام سعدان عقب خسارة سلوفينيا عن أنه سيحدث تغييرات في التشكيلة تمس منصبين، وهذا ما تجسد أمس فالتغيير الأول كان بإشراك بودبوز كأساسي أما التغيير الثاني شغل اللاعبين كثيرا قبل أن يكشف سعدان عقب إصابة شاوشي أنه يحضّر مبولحي ليعتمد عليه كأساسي. شاوشي بدا متذمّرا قبل المباراة وكان رد فعل شاوشي على إبقائه في كرسي الاحتياط واضحا أمس، حيث ظهر متذمّرا ومتوترا للغاية وهو الذي كان يعوّل على المشاركة أساسيا لاسيما أنه تحدث مع سعدان وأكد له شفاءه من الإصابة لكن ذلك لم يشفع له عند المدرب الوطني. وما يدلّ على أن شاوشي لم يقبل البقاء على مقعد الإحتياط هو أنه بقي متخلفا عن زملائه لما دخلوا إلى أرضية الميدان وكان خلف عنتر يحيى والآخرين بما يقارب 30 مترا. لم يجر عملية الإحماء مع مبولحي وعكس مباراة سلوفينيا الأولى التي قام فيها مبولحي بعملية الإحماء مع شاوشي، فإن شاوشي لم يقم بذلك مع مبولحي في مباراة أمس بل قام الحارس الثالث الوناس ڤاواوي بعملية الإحماء مع مبولحي وكان إلى جانبهما مدرب الحراس حسان بلحاجي. إعتماد سعدان على مبولحي له ما يبرّره رغم أن سعدان لم يسبق له أن تابع مبولحي لموسم كامل ولا حتى في أكثر من ثلاثة لقاءات إلا أن إعتماده عليه في لقاء كبير ومباراة مصيرية أمام إنجلترا يكشف الثقة الشديدة التي يضعها في هذا الحارس، خاصة أنه تلقى بخصوصه تقريرا مفصلا ودقيقا من مدرب الحراس يؤكد فيه أن مبولحي في أحسن لياقة وتركيزه شديد جدا وأنه قادر على تأدية واجبه كما ينبغي. تجاربه في مانشستر يونايتد تكفيه ليكون حارسا كبيرا الأمر الآخر الذي اعتمد عليه سعدان ليضع ثقته في مبولحي هو البروز الواضح لهذا الحارس في الفترة الأخيرة والمستوى الذي سمح له بلفت أنظار أليكس فيرڤسون مدرب مانشستر يونايتد، حيث دعاه للخضوع إلى تجارب وهذا يكفي مبولحي ليكون قد أخذ نظرة عن طريقة لعب الإنجليز وليكون ذلك سلاحا يعتمد عليه سعدان. كابيلو سيتذكر الجزائر جيدا إذا كان “فابيو كابيلو” قد صرّح في آخر ندوة صحفية بأنه يحترم الجزائر ويولي المباراة أهمية بالغة، فإنه بعد مباراة أمس واللقاء الكبير الذي قدّمه أشبال رابح سعدان سيبقى صاحب الألقاب الأوروبية مع أندية عملاقة يتذكر الجزائر جيدا وسيبقى يتذكر أيضا أن الجزائريين أسالوا لمنتخب “الأسود الثلاثة“ العرق البارد. ----------------- شاوشي بكى صبيحة المباراة بعد “السوسبانس“ الذي دام حتى صبيحة أمس حول من سيكون الحارس الأساسي في المباراة، حسم المدرب الوطني الأمر في الصبيحة بتوكيل المهمة لرايس مبولحي حارس “سلافيا” البلغاري عوض شاوشي، وهو الخبر الذي تلقاه شاوشي بحسرة إلى درجة أنه توجّه مباشرة إلى غرفته وبكى بحرقة بعدما كان ينتظر أن يشارك أساسيا. زملاؤه رفعوا معنوياته وفور صعود شاوشي إلى غرفته وهو يذرف الدموع حتى سارع زملاؤه إلى اللحاق به من أجل التخفيف عنه ورفع معنوياته التي تأثرت بإبعاده من المباراة، بعد أن أكدت الفحوصات الطبية عدم جاهزيته، وحاولوا رفع معنوياته حتى يكون جاهزا نفسيا لأيّ طارئ. الجزائر أفسدت على “كابيلو“ الإحتفال بعيد ميلاده لم يكن نذير بلحاج الوحيد من احتفل بعيد ميلاده في المباراة، ولكن حتى الإيطالي “فابيو كابيلو“ مدرب انجلترا احتفل بعيد ميلاده ال64 الموافق ليوم 18 جوان. ويعتبر كابيلو من مواليد 1946، وهو ما جعله يأمل في الاحتفال به بالفوز على “الخضر“، لكن من الأكيد أن الجزائر نغّصت عليه يومه وأفسدت عليه الإحتفال حتى أنه من المرجّح أنه سيلغيه أصلا بما أنه سيسهر الليل تفكيرا بما فعله به أبطال الجزائر. يبدة وبلحاج صافحا “جيمس“ لفت بلحاج ويبدة انتباه الجميع حين توجّها قبل بداية المباراة نحو الحارس الإنجليزي “ديفيد جايمس“ زميلهما في فريق بورتسموث وصافحاه، مظهرين روحا رياضية لفتت انتباه الجميع. وكانت الصحافة الإنجليزية نقلت رغبة بلحاج في رؤية “جيمس“ حارسا أساسيا في المباراة أمام انجلترا وهو ما تحقق له. سعدان تحدّث مع بودبوز طويلا انفرد المدرب الوطني رابح سعدان بالجناح الطائر ومدلل “الخضر“ الجديد رياض بودبوز وتحدّث معه لفترة طويلة قدّم له آخر فيها النصائح قبل الدخول إلى أرضية الميدان، باعتبارها أول مباراة رسمية للاعب “سوشو“، وحاول رفع معنوياته وتحضيره نفسيا، وهو ما نجح فيه بدليل دخول بودبوز دون عقدة. سعدان بكى أثناء عزف النشيد الوطني لم يتمكن المدرب رابح سعدان من كبت شعوره أثناء عزف النشيد الوطني الذي دوّى أرجاء الملعب، بصوت الأنصار الذين تغنوا به بصوت واحد حرّك مشاعر سعدان الذي لم يتمالك نفسه، إلى درجة أن مخرج المباراة ركز عليه وهو يذرف الدموع التي جاءت قبل مباراة مصيرية سبقها ضغط رهيب عقب خسارة سلوفينيا. مبولحي تأثر هو الآخر ولم يختلف الحارس رايس مبولحي الذي كاد يذرف الدموع لكنه أمسك نفسه خاصة أنه لأول مرة يستمع للنشيد الوطني كلاعب أساسي وفي “المونديال“، وهي الحماسة التي انعكست على أدائه حين دخل بسرعة في أطوار المباراة وأوقف عدة محاولات انجليزية أبرزها تسديدة لامبارد القوية. علما المغرب وفلسطين مع الجزائر لا يزال أنصار المنتخب يعبّرون عن تعلقهم بفلسطين أينما حلّوا وارتحلوا كما أنهم أكّدوا على الأخوة التي تربطهم بالمغرب التي طالما ساندتنا في كل المباريات الهامة التي لعبها “الخضر”، حيث كانت الرايتان المغربية والفلسطينية حاضرتين بقوة بجانب الراية الوطنية، كما كان المغاربة المقيمون في “كاب تاون“ سندا قويا لأشبال سعدان وانضموا إلى الأنصار الجزائريين الذين كانوا متواجدين في المدرجات، وبالإضافة إلى ترديدهم النشيد الوطني فقد تفاعلوا كثيرا مع اللقطات التي كان يصنعها زياني والآخرون ولم يتوانوا في مناصرة المنتخب الجزائري. دخول المنتخب الإنجليزي كشف الفارق تأكد ما أشرنا إليه في أحد أعداد “الهداف” على أن عدد الإنجليز الذي سيحضرون إلى المدرجات سيكونون كثرة مقارنة بأنصار “الخضر”، حيث بلغ عددهم أكثر من 30 ألف مناصر واهتزت المدرجات التي كان يتواجد فيها “الهوليڤانز” بقوة لما دخل زملاء روني، حيث دخل لاعبو المنتخب الإنجليزي على الساعة السادسة وخمسة وثلاثين دقيقة بتوقيت جنوب إفريقيا أي 55 دقيقة قبل بداية اللقاء لإجراء عملية الإحماء أمام ترديد أنصارهم لنشيد إنجلترا الممجد للملكة والمملكة البريطانية. سعدان عاتب بلحاج في (د16) لم يهضم المدرب رابح سعدان لقطة نذير بلحاج لما أرجع الكرة إلى وسط الميدان في (د16) وكاد على إثرها جيرارد أن يسجل، حيث نهض “الشيخ” من مكانه معاتبا بلحاج بشدة، لكن اللاعب تدارك بعد ذلك وأصبح أكثر اتزانا وغطّى الجهة اليسرى بنجاح وهو الأمر الذي يدل على أنه استوعب النصائح جيدا.