عندما كانت يومية “الهدّاف” تتحدّث في كلّ مرّة عن اقتراب انضمام صخرة دفاع المنتخب الوطني رفيق حليش من اللّعب في البطولة الإنجليزية لم تكن تتحدّث من فراغ، ولم تكن تتحدث من أجل ملأ صفحاتها وفقط. ففي وقت كان البعض يراهن على تحوّله للعب في نادي “غيماريش” البرتغالي المغمور على شكل إعارة...كنا ننقل حقا رغبة هذا النادي في ضمّه بكلّ السبل وننشر تصريحات مسؤوليه، لكننا في الوقت ذاته كنا نصرّ على أن اللاعب لن يلعب في أي بطولة الموسم القادم، سوى البطولة الإنجليزية، ولا زلنا إلى حدّ كتابة هذه الأسطر نصرّ بل ونكاد نجزم أنّه لن يلعب لغير “البريمير ليغ”، ولعلّ ما جعلنا نصرّ ونجزم بذلك هو اتضاح الرؤية بخصوص المفاوضات السرية التي جرت بين إدارة ناديه البرتغالي “بنفيكا” وإدارة النادي الإنجليزي الذي يسعى إلى ضمّه لصفوفه، واقتراب مفخرة منطقة “باش جراح” من الانضمام إلى نادٍ إنجليزي ينشط مع العمالقة والكبار، وهو نادي “فولهام” منشط نهائي الدور الأوروبي الموسم الفارط أمام “أتليتيكو مدريد” صاحب اللقب. أندية كثيرة اهتمت بضمّه في البداية، لكن ولا نادٍ قدّم عرضه بصفة رسمية ومثلما كانت “الهداف” تكشف عنه في كل عدد من أعدادها السابقة، فإنّ حليش كان محلّ اهتمام حوالي 10 أندية أوروبية أغلبها من إنجلترا والبعض الآخر من ألمانيا والبرتغال، بالإضافة إلى أندية فرنسية أبدت نيتها في الظفر بهذا “العصفور النادر“ وضمّه إلى صفوفها الخلفية. وكان نادي “فولهام” واحدا من هذه الأندية الذي أبدى نيته وبقي يتفرّج من بعيد، ويجسّ نبض السوق ومتطلباته، وعلى غراره بقيت الفرق الأخرى تتحيّن الفرصة دون أن تقدّم هي الأخرى ولا عرضا رسمي إلى ناديه ولا إلى شركة “extra team التي يتعامل معها وتعاقد معها لكي تدرس كافة العروض التي تصله من هنا وهناك. لماذا إنجلترا بالضبط؟ وقد يتساءل البعض عن سرّ هذا الاهتمام الكبير بحليش من طرف أندية إنجليزية قوية وذات سمعة طيبة من طينة “فولهام” أو من طينة أندية إنجليزية أخرى كانت مستعدة لضمه، والسبب الرئيسي يعود إلى أنّ قامة حليش الطويلة وبنيته الجسمانية القوية، وطريقة لعبه الدفاعية، وحرارته في اللعب، هي كلها صفات تتلاءم وطريقة لعب الأندية الإنجليزية، التي تباحثت في الأمر مع الشركة المكلفة بأعمال حليش، واقتنعت بأنّه المدافع الذي يحمل كامل المواصفات التي تسمح له بأن يكون أحد الأعمدة الأساسية لتعدادها، لاسيما أنها شاهدت بعض الأشرطة الخاصة به والمتعلقة بالعديد من مبارياته مع المنتخب الوطني، وهي مباريات كلها تألق فيها حليش بشكل لافت، بالإضافة إلى بعض مبارياته مع ناديه السابق “ناسيونال ماديرا”. أوّل عرض رسمي أتى من “فولهام“ تريّث تلك الأندية في تقديم عرض رسمي ل حليش طال بعض الشيء، إلى أن تقدّم منشط نهائي الدوري الأوروبي نادي “فولهام” بعرض رسمي لوكيل أعمال اللاعب، الذي بدوره تحمّس للفكرة وقام بعرض الأمر على المدير الرياضي لنادي “بنفيكا” البرتغالي “روي كوستا” اللاعب السابق، قبل أن تركب فرقا أخرى الموجة لكن ركوبها كان متأخرا بعض الشيء، لأن نادي فولهام بدا أكثر حماسا لضمّه حسب مصادرنا، وقام بكافة الإجراءات اللازمة لإقناع وكيل أعماله ماديا، ولإقناع إدارة ناديه البرتغالي الأصلي، ولإقناع اللاعب أيضا من خلال الدعوة التي أرسلها له للانتقال إلى إنجلترا على جناح السرعة. فخاب ظنّ الأندية الألمانية والفرنسية التي كانت ترغب في ضمّه ومن بينها “هامبورغ” و”موناكو” و”لوريون” وغيرهم، وفسح المجال لنادي فولهام الذي صار اليوم قريبا من ضمّ أحد أعمدة دفاع المنتخب الوطني إلى صفوفه. “روي كوستا“ فكّر مليّا قبل الموافقة ورغم أن الصفقة المزمع إبرامها عن قريب تبدو مغرية وفي مستوى تطلعات حليش كلاعب محترف صاعد، إلاّ أن أمر إقناع “روي كوستا“ المدير الرياضي لنادي “بنفيكا” لم يكن سهلا، لأنّه فكّر مليا في الأمر قبل منحه الموافقة النهائية، ولعلّ ما جعله يأخذ كل وقته في التفكير هي اقتراحات الإعارة التي تلقاها بشأن لاعبنا الدولي من طرف العديد من الأندية البرتغالية ومن بينها “غيماريش”، وهي الاقتراحات التي كاد يقبل بها، قبل أن يتخذ قرار بيعه نهائيا إلى النادي الإنجليزي الذي بدا متحمّسا لضمه إلى صفوفه أكثر من أي نادٍ آخر. حليش لم يفكّر ولو للحظة في اللعب ل “غيماريش“ ولعلّ ما جعل “روي كوستا” يهتدي إلى اتخاذ قرار بيعه النهائي، هو الرفض الشديد الذي أبداه حليش حول أمر إعارته لموسم آخر إلى ناد برتغالي آخر. إذ وحسب المعلومات التي وصلت “الهداف”، فإن حليش كان له مؤخرا في البرتغال حديث مع “روي كوستا“ ومختلف المسؤولين، وأعرب لهم عن رفضه الشديد أن يُعار مرّة ثالثة لنادٍ من الأندية البرتغالية أو لأي نادٍ آخر، ورفض أن يعار إلى نادي “غيماريش” الذي أصرّ مسؤولوه على ضمّه بأي ثمن ولو لموسم واحد، وهو الذي قضى الموسمين الأول والثاني منذ احترافه في البرتغال مع نادي “ناسيونال ماديرا”، فكان له ما أراد، فوافق “روي كوستا” على فكرة التفاوض مع الشركة المكلفة بإدارة أعماله في بداية الأمر ومع مسؤولي “فولهام” الإنجليزي بعد ذلك، وعلى بيعه إن تم الاتفاق في نهاية المطاف. بداية المفاوضات صبيحة أول أمس ب “لشبونة” وفعلا، تأكد أن نادي “فولهام“ هو النادي الأكثر حماسا ورغبة في ضمّ حليش إلى صفوفه، وتجلّى ذلك من خلال تنقل وكلاء تابعين للشركة المديرة لأعماله صبيحة أوّل أمس الجمعة إلى “لشبونة” لملاقاة “روي كوستا” ومختلف مسؤولي نادي “بنفيكا”، للشروع في المفاوضات الفعلية بعدما كان الاتفاق سابقا شفويا عبر الهاتف، فكانت الجلسة في الموعد والمكان المحدّدين، وكان العرض رسميا هذه المرة. حيث تطرّق الطرفان إلى الشقّ المالي، والقيمة التي سيدفعها نادي “فولهام” مقابل الحصول على خدمات حليش، وتطرّقا أيضا إلى مدة العقد الذي قرّر الإنجليز إبرامه مع اللاعب، وغيرها من الأمور الإدارية الأخرى. العرض قُدّم مكتوبا وكان مُغريا ورغم أننا لم نتوصل لمعرفة القيمة المالية التي قدمها النادي الإنجليزي، إلاّ أننا توصلنا للتأكد أن العرض المقدّم كان رسميا ومكتوبا ومغريا في آن واحد، ومن الصعب إن لم نقل من المستحيل على “روي كوستا” ومختلف إداريي “بنفيكا البرتغالي رفضه، وهو ما يعكس القيمة الحقيقية التي يحظى بها صخرة دفاع المنتخب الوطني. الطرفان قطعا شوطا كبيرا ولا زالت مرحلة أخيرة في إنجلترا وحسب المعلومات التي استقتها “الهداف” من مصادر مطلعة بالقضية، فإن الطرفان، أي الشركة المكلفة بإدارة أعماله ومسؤولي نادي “بنفيكا” قطعا أشواطا كبيرة لإتمام الصفقة من خلال جلسة المفاوضات الأولى التي جمعتهما في العاصمة البرتغالية “لشبونة”، ليبقى الحسم عن قريب في جلسة ثانية من المقرّر أن يكون فيها طرف ثالث وهم مسؤولو النادي الإنجليزي الذين ينتظرون بفارغ الصبر التحاق حليش بناديهم، وإتمام الصفقة التي تسمح لهم بالظفر بقطعة نادرة في السوق، سيكون لها تأثير إيجابي على الخط الخلفي لفريقهم. مشكل التأشيرة عطّل التحاق حليش بإنجلترا وفضلا على أن العرض المقدم كان مكتوبا، فإن إدارة “فولهام” أرسلت على الفور دعوة ل حليش، يتمكن من خلالها من طلب تأشيرة دخول التراب الإنجليزي والشروع في التدريبات مع ناديه المستقبلي، غير أن المشكل الذي اصطدم به الدولي الجزائري هو تزامن ذلك وعطلة نهاية الأسبوع التي يكون فيها عمال القنصليات في راحة في أوروبا، ما جعل أمر حصوله على التأشيرة الإنجليزية يتأجّل إلى هذا الأسبوع. إذ من المتوقع أن يكون حصوله عليها سهلا بعض الشيء بعد تدخل بعض الوسطاء ممن لديهم معارف في كلّ مكان. يحصل على التأشيرة ويتنقل مباشرة إلى “فولهام“ للشروع في التدريبات ولسنا ندري في أي وقت الآن سينهي حليش هذا المشكل الذي استعصى عليه حلّه مع نهاية الأسبوع، لكن ما علمناه من طرف مصادرنا الخاصة، وهذا هو الأهم، هو أنّه سيطير مباشرة إلى إنجلترا بعد حصوله على تأشيرة دخول التراب الإنجليزي، وسيجد فور وصوله إلى هناك وكلاء تابعين للشركة التي تدير أعماله، بالإضافة إلى مسؤولين من نادي “فولهام” سينقلونه إلى مقرّ إقامة مؤقت، على أن يشرع في التدريبات بعدها. الصفقة ستتمّ هناكبين الأطراف الثلاثة وفي الوقت الذي سيشرع حليش في التدريبات مع ناديه الجديد، سيتكون الأطراف الثلاثة على موعد إتمام الصفقة، حيث من المقرّر أن يكون اللقاء هناك في “بريطانيا” بين شركة “إكسترا تيم“ المكلفة بإدارة أعماله، مسؤولي نادي “بنفيكا” ومسؤولي نادي “فولهام”، لخطو خطوات أخرى نحو إتمام الصفقة، بالحديث عن الراتب السنوي أو الشهري الذي سيتلقاه اللاعب وغيرها من الأمور، على أن يتم إمضاء العقد بفصة رسمية مع اللاعب بعدها إن حصل اتفاق نهائي بطبيعة الحال، وهو ما نتوقع أن يتحقق، لأن مصادرنا الخاصة كشفت لنا أن الاتفاق تم بنسبة 85 بالمائة في الجلسة الأولى، وخلال المفاوضات الهاتفية التي جمعت وكلاءه و“روي كوستا“. ليبقي الحسم مؤجّلا إلى الجلسة الثانية المزمع عقدها فور وصول حليش إلى إنجلترا. سيطلب من سعدان أن يعفيه من لقاء الغابون لو تجهز التأشيرة وإذا كان القارئ الكريم قد تعرّف حتى الآن بنسبة كبيرة على الوجهة المستقبلية ل حليش، وعلى اقترابه من اللعب في البطولة الإنجليزية التي اعتقدنا جميعا أنها ستخلو من الجزائريين بعد رحيل بلحاج، بوعزة، يبدة وغيلاس منها، وفي نادٍ كبير تعوّد دوما على احتلال إحدى المراكز الستة الأولى في كل موسم، فضلا على أنه كان من منشطي الدوري الأوروبي الموسم الفارط، بل وقاب قوسين أو أدنى من الظفر بتاجه لولا سوء الطالع الذي لازمه في النهائي، فإنّ الجديد الذي قد تعرفه قضية تنقل حليش إلى إنجلترا هو إمكانية غيابه عن اللقاء الودي أمام المنتخب الغابوني يوم الأربعاء المقبل، إذ من المحتمل جدّا لو أنه يحصل على تأشيرة دخول التراب الإنجليزي أن يغيب عن تلك المباراة الودية، في ظلّ إلحاح مسؤولي “فولهام” على تنقله إلى إنجلترا في أقرب وقت ممكن. سعدان سيتفهّم الأمر واللاعب أمام فرصة العمر ومن دون أدنى شكّ، فإن حصول حليش على التأشيرة وتقدّمه من المدرب الوطني رابح سعدان للاعتذار له عن عدم إمكانية مشاركته في لقاء الغابون الودي، سيلقى موافقة وتفهّما كبيرا من هذا الأخير، لاسيما أن لقاء الغابون أوّلا مجرّد لقاء ودي لا يسمن ولا يغني من جوع. فلو تعلّق الأمر بلقاء رسمي هام لكان الرفض أمرا منطقيا، أما أن يكون لقاء وديا فالرفض حينها سيكون غير منطقي إطلاقا، ثمّ أن ما سيجعل سعدان يوافق هو إدراكه أن اللاعب أمام فرصة العمر الحقيقية لدخول الاحتراف الحقيقي، لأن اللعب ل “ناسيونال ماديرا” على شكل إعارة، ليس كاللعب لصفوف نادي فولهام الإنجليزي أين سيكون للاعب حقوق مثله مثل سائر اللاعبين المحترفين في أوروبا، من أجرة شهرية أو سنوية، ومزايا أخرى لا يجدها في بطولة أخرى غير البطولة الإنجليزية القوية. لاعب ذو أخلاق عالية وعلى سعدان أن يسهّل له الأمور ومهما يكن فإن طيبة حليش وأخلاقه العالية سيسهلان عليه مهمة التنقل على جناح السرعة إلى إنجلترا إن هو تحصل على التأشيرة هذا الأسبوع، وحتى إن كان الحصول عليها ساعات قبيل لقاء الغابون، وسيكون سعدان متفهّما إلى أقصى درجة، وسيعمل بخاطر اللاعب، ويسهّل له مهمة التنقل والاحتراف في بطولة سترفع أسهم وقيمة لاعبنا الدولي، بل وسترفع أيضا مستواه، وفي النهاية فإن المستفيد الأكبر سيكون المنتخب الوطني والكرة الجزائرية ككل، هذا إذا ما تحصل على التأشيرة قبيل لقاء الغابون، أما إذا ما كان الحصول عليها بعدها فإن مشاركة صخرة دفاعنا يوم الأربعاء مضمونة وأكيدة. هذا، وستوافي “الهداف” قراءها الكرام في أعدادها المقبلة بكل جديد يتعلق باقتراب احتراف رفيق حليش في “فولهام” الإنجليزي، وبكل صغيرة وكبيرة تتعلق بالصفقة التي تقترب من النهاية السعيدة ل “حليشو”.