جاءت دورة كأس أمم إفريقيا بأنغولا، التي اختتمت فعالياتها أول أمس الأحد، كتأكيد على صحوة الكرة الجزائرية بعد سنوات طويلة من المهازل و”البريكولاج”، حيث أن المتتبع لمشوار المنتخب الوطني في هذه الدورة يتأكد أن تأهلنا إلى المونديال لم يكن من باب الصدفة، بل كان بادرة مستقبل مشرق ل “الخضر” وكرتنا التي نخر المرض جسمها في العشريتين الأخيرتين حتى أنها فشلت في تحقيق التأهل حتى إلى نهائيات كأس أمم إفريقيا في دورتي 2006 و2008.. مشوار المنتخب الوطني في نهائيات كأس أمم إفريقيا في أنغولا بالأرقام ... وكان مشوار “الخضر“ أيضا في أنغولا نتيجة عمل وتضحيات سواء من الهيئة الفنية أو الإدارية ل “الخضر” ومن اللاعبين الذين أكدوا أنّ الجزائر لن تُكرّر أخطاء الماضي ولن تبقى تعيش على أطلال مباراة أم درمان التاريخية التي اقتطعوا فيها تأشيرة المرور إلى نهائيات كأس العالم حتى لا يجعلوا من ذلك الإنجاز نقمة بعد أن كان نعمة على كرتنا، وهو ما جعلهم يرفعون التحدّي في أنغولا ويقومون بدورة مقبولة جدا جعلتهم ينهونها في المركز الرابع الذي يليق بمقامهم كمنتخب سيُمثل العرب لوحده في مونديال جنوب إفريقيا، وهو ما استندنا إليه من الأرقام وبعض المعطيات التي رافقت مشوار أشبال المدرب سعدان في نهائيات كأس أمم إفريقيا الأخيرة. المربع الذهبي بعد 20 سنة إنجاز حقيقي وإذا كان تأهل “الخضر“ إلى مونديال جنوب إفريقيا قد جعل الشعب الجزائري يثق بقدرات منتخبنا على مقارعة الكبار وتأدية دورة في المستوى خلال نهائيات كأس أمم إفريقيا في إنغولا، فإن القليلين فقط من تكهنوا ببلوغ زملاء القائد منصوري الدور نصف النهائي خاصة لما نعلم بأن الجزائر لم تبلغ هذا الدور منذ نهائيات كأس أمم إفريقيا التي نظمتها سنة 1990، حيث رشح الجميع الجزائر للمرور للدور الثاني فقط خاصة أنها في طريقها كانت ستجد أحد عمالقة الكرة الإفريقية في الدور ربع النهائي وهما غانا أو كوت ديفوار، وهو ما حدث فعلا حيث التقى الخضر بالمنتخب الأخير وتمكنوا من إزاحته من طريقهم وضمان تأهل كبير إلى المربع الذهبي محققين إنجازا لم يتحقق منذ 20 سنة. كوت ديفوار لقاء مرجعي يجب التركيز عليه مستقبلا وبشهادة أهل الاختصاص فإن النقطة الإيجابية الكبيرة في مشوار “الخضر“ خلال نهائيات كأس أمم إفريقيا كانت المباراة الكبيرة التي لعبها زملاء حليش أمام كوت ديفوار وهي المباراة التي اعتبرها كل المتتبعين والفنيين لقاء مرجعيا يجب التركيز عليه مستقبلا خاصة أن منتخبنا قدم فيها مردودا كبيرا سواء من الناحية الفنية، التكتيكية أو البدنية، وخاصة من جانب الروح الجماعية التي كانت بين اللاعبين ورغبتهم الجامحة في التغلب على المنتخب الذي كان المرشح الأول للظفر باللقب القاري وهذا دون نسيان نقاط إيجابية أخرى كثيرة في تلك المباراة كعودة العناصر الوطنية في النتيجة مرتين وفي وقت حساس بعد تسجيل زملاء دروڤبا هدفهم الثاني في (د88) حيث عادل بوڤرة النتيجة في (د90+1). مواجهتا مالاوي ومصر النقطة السوداء وإذا كان الكثير من الكلام المعسول الذي قد قيل عن أداء “الخضر“ في مباراة كوت ديفوار التي كانت كبيرة لزملاء بلحاج بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فإن ذلك يجب أن لا يحجب المردود الضعيف لمنتخبنا في لقاءي مالاوي ومصر على الرغم من أن الحكم كوفي كوجيا كان له دور كبير في النتيجة المسجلة في اللقاء الأخير، مادامت الخسارة أمام منتخب مجهري في صورة مالاوي ومهما كانت الأسباب المقدمة من الطاقم الفني واللاعبين (تحججوا يومها بالحرارة والرطوبة) غير مقبولة لمنتخب بقيمة الجزائر، والأمر نفسه ينطبق على هزيمة مصر لأن منتخبنا كان يمكن له بانضباط لاعبيه حتى في ظل التحكيم الكارثي للبنيني كوجيا تجنّب إنهاء المباراة محملا برباعية أمام منتخب لم يسبق له أن هزمه خارج مصر سواء في اللقاءات الرسمية أو الودية. سجّلنا 4 أهداف وتلقينا 10 المنتخب الوطني الذي سجل في مجموع 6 لقاءات التي لعبها انتصارين أمام مالي وكوت ديفوار و3 هزائم أمام مالاوي، مصر ونيجيريا مقابل تعادل أمام المنتخب المنظم أنغولا، بلغة الأرقام سجل هجومه 4 أهداف فقط منها اثنين عن طريق مدافعين هما حليش وبوڤرة واثنين من المهاجمين مطمور وبوعزة، وهي حصيلة ضعيفة لأنها لم تصل معدل هدف في كل لقاء، والأكثر من ذلك أن منتخبنا تلقى 10 أهداف في 6 لقاءات بمعدل يفوق الهدف ونصف الهدف في كل لقاء وهي حصيلة تبقى مرتفعة نوعا ما قياسا بقوة دفاع منتخبنا خاصة في التصفيات المؤهلة لمونديال جنوب إفريقيا. وتجدر الإشارة إلى أن دفاعنا تلقى 7 أهداف في لقاءين أمام مالاوي ومصر وتمكن من الصمود في وجه مهاجمي مالي وأنغولا. 11 إنذارا و3 حالات طرد في 6 لقاءات وخلال اللقاءات الستة التي خاضها أشبال المدرب سعدان في دورة أنغولا فإن الحكام الذين أداروا لقاءاتهم أشهروا في وجوههم الإنذار 11 مرة وزعت على 10 لاعبين هم زياني (مالاوي)، يبدة وبلحاج (مالي)، مطمور والعيفاوي (أنغولا)، بوڤرة وعنتر يحيى (كوت ديفوار)، حليش وشاوشي (مصر) وزاوي (نيجيريا) في حين تلقى مطمور الإنذار مرتين أمام أنغولا وكوت ديفوار. ومنح الحكم البنيني كوفي كوجيا 3 بطاقات حمراء في لقاء مصر لكل من حليش الذي أجمع العديد من المتتبعين والاختصاصيين على أنه لم يكن يستحقها،كما منح طرداًمستحقا ل بلحاج بعد تدخل عنيف من الخلف على اللاعب المصري المحمدي في وقت تلقى شاوشي طردا في لقطة لم يكن يستحقه فيها في حين كان يفترض أن يتم طرده قبل ذلك بعد أن حاول الاعتداء على الحكم البنيني بعد احتسابه ركلة جزاء لمصر. سعدان استعمل معظم التعداد ماعدا أوسرير ولموشية وبخصوص التعداد الذي شارك في دورة أنغولا بعد تعويض الحارس ڤاواوي ب أوسرير في آخر لحظة بسبب المرض المفاجئ الذي ألم ب ڤاواوي والذي جعله يغادر نحو فرسا لإجراء عملية جراحية، فإننا نجد أن المدرب سعدان ومن أصل 23 لاعبا كانوا تحت تصرفه أشرك 21 لاعبا حيث أنه لا يوجد إلا أوسرير الذي لم يشارك في أية دقيقة إلى جانب وسط الميدان لموشية الذي غادر أنغولا غاضبا بعد اللقاء الأول لمنتخبنا أمام مالاوي بسبب عدم إشراكه أساسيا، وهو ما يؤكد أن كل اللاعبين الذين بقوا في أنغولا حتى نهاية الدورة لعبوا ماعدا أوسرير الذي شارك كحارس احتياطي ل زماموش في مباراة نيجيريا الأخيرة بسبب عقوبة شاوشي. بوڤرة، منصوري ويبدة لم يُضيعوا أي دقيقة وكان بوڤرة، منصوري ويبدة الأكثر مشاركة في دورة أنغولا حيث لعبوا 6 مباريات كاملة بمجموع 570 دقيقة ليكونوا بذلك الأكثر تشريفا للجزائر في هذه الدورة ويؤكدوا أيضا مناصبهم كركائز أساسية في التشكيلة، ولو أن القائد منصوري كان أداؤه محل انتقاد الكثير من المتتبعين في مباريات مالاوي، مصر ونيجيريا والمؤكد أن رحيل لموشية المفاجئ عن المنتخب كان السبب الرئيسي في تجديد المدرب سعدان الثقة في خدمات منصوري في كل مرة رغم عدم اقتناع الكثيرين بمردوده لأن عدم وجود البديل كان يحتم في كل مرة إشراكه أساسيا. 9 لاعبين تعدّوا حاجز 400 دقيقة وسمحت دورة كأس أمم إفريقيا في أنغولا للطاقم الفني بإظهار نواة المنتخب الوطني بعد أن تعدى 9 لاعبين حاجز 400 دقيقة وهو ما يعكس الاستقرار الكبير في المجموعة وهو الذي كان له تأثير إيجابي على الأداء العام للمنتخب وكذلك في النتائج المسجلة مادام التنسيق والانسجام بين اللاعبين كان يظهر أكثر من لقاء إلى آخر، ونال ثقة الطاقم الفني أكثر في هذه النهائيات كل من بوڤرة، منصوري، يبدة، زياني، غزال، شاوشي، بلحاج، مطمور وحليش وهم اللاعبين الذين كانوا قد شاركوا تقريبا في جميع اللقاءات التصفوية المؤهلة لنهائيات كأس أمم إفريقيا وكذا إلى مونديال جنوب إفريقيا مما يؤكد أن المدرب سعدان لم تتزعزع ثقته في اللاعبين الذين ساهموا في صحوة الكرة الجزائرية مؤخرا. زياية الأقل مشاركة ب 61 دقيقة رغم التألق البارز له في بطولتنا والضجة الإعلامية الشديدة التي صاحبت استدعاءه إلى المنتخب الوطني خاصة أنه كان مطلب كل المتتبعين والأنصار بعد أن أصبح من أفضل الهدّافين على المستوى العالمي، إلا أن مشاركة زياية كانت محتشمة في نهائيات كأس أمم إفريقيا حيث كان الأقل مشاركة في التعداد بعد أن لعب 61 دقيقة فقط في 3 مشاركات كاحتياطي أمام مالاوي، مالي ونيجيريا، حيث فضّل عليه سعدان المهاجم غزال الذي لم تتزعزع مكانته رغم أنه لم يتمكن من تسجيل أي هدف في اللقاءات الستة التي لعبها بمجموع 542 دقيقة. وكان عبدون ثاني أقل اللاعبين مشاركة مع صايفي حيث لعب كل واحد منهما 78 دقيقة. الوحيد الذي لم يلعب أساسيا عبدون ولم يشفع ل زياية أنه كان أقل اللاعبين مشاركة في نهائيات كأس أمم إفريقيا بل أنه كان الوحيد إلى جانب عبدون اللذين لم يشركا كأساسيين في أي لقاء حيث اقتصر حضورهما في 3 لقاءات كاحتياطيين، في الوقت الذي لعب بقية اللاعبين ولو مرة واحدة كأساسيين. وكان كل من بلحاج، بوڤرة، منصوري، يبدة، زياني وغزال قد شاركوا في جميع المواجهات كأساسيين ولم يتغيبوا عن أي لقاء، في وقت ضيع كل من شاوشي، حليش، مطمور وبوعزة لقاء بسبب العقوبة بالنسبة للثنائي الأول في لقاء نيجيريا واختيارات فنية بالنسبة للثنائي الثاني حيث تغيب مطمور عن لقاء نيجيريا أيضا في وقت لم يشارك بوعزة أمام مصر. تجدر الإشارة إلى أن زماموش، رحو، بزاز، صايفي وبابوش لعبوا لقاء واحدا في التشكيلة الأساسية. العيفاوي الأفضل في المحليين بعد شاوشي بغض النظر عن المحترفين الذين مثلما كان متوقعا كانوا الأكثر مشاركة في دورة أنغولا فإننا نجد أنه بعد الحارس شاوشي الذي شارك في جميع اللقاءات ماعدا أمام نيجيريا بعد طرده أمام مصر، فإن زميله في وفاق سطيف المدافع العيفاوي كان الأحسن في المحليين بلعب 3 مباريات وبمجموع 205 دقائق وهو ما جعله يحتل المركز 11 في ترتيب مشاركة اللاعبين، مما يؤكد لنا أنه تمكن من إقناع الطاقم الفني بمستواه على الرغم من أنه لم يتم إشراكه في منصبه الحقيقي في محور الدفاع حيث اعتمد عليه الناخب الوطني كمدافع أيمن. وقد تقدم العيفاوي على كل من زاوي، رحو، زماموش، بابوش وزياية. الإصابة أعاقت مغني، عنتر يحيى، صايفي وبزاز ومن خلال قراءتنا لمشاركة لاعبينا في دورة كأس أمم إفريقيا نجد أن بعض اللاعبين كان بمقدورهم اللعب لفترة طويلة لولا الإصابة التي تلقوها والتي أعاقتهم كثيرا في صورة مغني الذي لم يسجل دخوله في المنافسة إلا في اللقاء الثالث أمام أنغولا في العشرين دقيقة الأخيرة قبل أن يلعب بعدها بقية المواجهات أساسيا إلى جانب عنتر يحيى الذي بدأ الدورة في ربع النهائي، في وقت أن الإصابة أرغمت صايفي على الغياب عن 3 مباريات أمام أنغولا، كوت ديفوار ومصر وحتمت على بزاز بعد مشاركة جيدة أمام مالي كأساسي في اللقاء الثاني إنهاء دورته بعد إصابة في الأربطة الهلالية أجبرته على العودة إلى فرنسا لإجراء عملية جراحية. ثلثا التعداد ضمنا المشاركة في المونديال وبعد نهاية دورة أنغولا التي عرفت خوض “الخضر“ الحد الأقصى من اللقاءات بعد بلوغهم نصف النهائي الذي ضمن لهم لعب اللقاء الخاص بالمركز الثالث، فإن المدرب سعدان يكون قد وقف أكثر على إستعداد لاعبيه قبل أقل من 5 أشهر عن بداية كأس العالم، ومن قراءة بسيطة لمشاركة زملاء مغني في نهائيات كأس أمم إفريقيا نجد أن حوالي ثلثي اللاعبين يمكن التأكيد على أنهم ضمنوا تواجدهم في جنوب إفريقيا بمناسبة كأس العالم رغم حديث المدرب سعدان عن تدعيم المنتخب بلاعبين جدد استعدادا لموعد شهر جوان القادم، حيث أن بوڤرة، يبدة، بلحاج، حليش، منصوري، مطمور، غزال، مغني، عنتر يحيى وزياني ضمنوا مشاركتهم في المونديال إذا لم يعرف مستواهم تراجعا رهيبا أو تعرّضوا لإصابات، في وقت أن بوعزة، العيفاوي، رحو وزماموش أبلوا البلاء الحسن في أنغولا وتواجدهم يبقى أشبه بالأكيد في قائمة المدرب سعدان التي يبقى فيها مصير الحارس شاوشي غامضا خاصة مع الأخبار الواردة بشأن معاقبته من “الكاف“ أو من الطاقم الفني بعدما فعله في لقاء مصر.
