ترى ماذا يفعل "مليارديرات" الجزائر بثرواتهم ؟! طبعا السؤال هنا ليس المقصود به شراء السيارات الفارهة قبل أن تسير في طرقات البلدان التي صنعتها ولا اقتنائهم العقارات التي لا يقيمون بها في أحسن الأحوال سوى أماما قليلة في السنة ولا أقصد أيضا تلك الأموال التي تنفق على اللهو المباح وغير المباح ! إنما المقصود بسؤالي هو ما مدى إيمان أثرياء بلادنا بمسؤولياتهم الاجتماعية؟! وكم هي أيادي هؤلاء طويلة في المجال الخيري والاجتماعي؟ كما هي طويلة أيضا في الحصول على الصفقات العمومية وامتصاص الميزانيات العامة ؟!ٍ تبادر إلى ذهني هذا السؤال وأنا أقرأ خبرا عن انضمام رئيس شركة أبل تيم كوك إلى عمالقة التكنولوجيا مارك زوكربيرغ، وبيل غيتس بتعهده بالتبرع بثرواته للجمعيات الخيرية وفقا لتقرير نشرته مجلة "فورتشن".. كوك برر هذه الخطوة بالقول إنه "يريد أن يكون الحجر الذي يلقى في ماء البحيرة ليخلق موجات من أجل التغيير"، موضحا أنه يعتزم التنازل عن ثروته لصالح الجمعيات الخيرية بعد دفع تكاليف دراسة ابن أخيه الجامعية، والذي يبلغ عمره حاليا عشر سنوات. خطوة التي تبدو غريبة عند أغنيائنا وحتى عند "الزواليين" ليست الأولى من نوعها عند أصحاب الثروات في العالم فقد سبق تيم كوك إليها كل من بيل غيتس وزوجته ميليندا اللذين تبرعا بمبلغ يفوق ثلاثين مليار دولار أميركي، أي حوالي أربعين في المئة من ثروتهما، كما تبرع الملياردير الشاب والرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك مارك زوكربيرغ بمبلغ مليار ونصف مليار دولار أميركي، وسار على نفس الدرب رؤساء شركات كبرى مثل المؤسس المشارك في شركة غوغل سيرجي برين ومؤسس موقع "أي باي" بيير أوميديار والمؤسس المشارك في شركة إنتل غوردون مور..جميع هؤلاء توكلوا على الله وقرروا في لحظة صفاء روح التغلب على نوازع النفس التي تميل إلى التملك والاكتناز فكان أن خصصوا مليارات الدولارات من ثرواتهم للفقراء والمساكين والمرضى والمؤلفة قلوبهم ! وليس الغرب وحده من يملك مليارديراته قلبا عطوفا يخشى الله وينفق في سبيل الله ! على أصحاب الفاقة والعاهة وعابري السبيل فقد قام مئات من المليارديرات والمليونيرات في الصين بالتبرع بثرواتهم لأعمال البر والتقوى ومنهم الملياردير الصيني "يو بينيان" الذي عندما أعلن عن التبرع بكامل ثروته المقدرة بنحو ملياري (2) دولار للجمعيات الخيرية أكثر من هذا قال الملياردير"يو بينيان": لا أهتم بما يفكر به الآخرون، إن تنازلي عن هذه الثروة يشعرني بالسعادة، لقد كنت فقيراً في السابق"، وستذهب ثروة الملياردير السخي إلى تمويل المنح الدراسية للطلاب، والمساعدة في بناء ما دمره زلزال "سيتشوان"، إضافة إلى تمويل العمليات الجراحية للفقراء المصابين بمرض "المياه البيضاء" الذي يعاني منه هو الآخر. لقد أثبت هؤلاء المليارديرات سواء في دول الغرب أو في الشرق الأدنى أن الثروات لا تجمع فقط إنما تصنع سعادة الآخرين وتحيي القلوب وتزيل العناء والألم عنهم فماذا يفعل أثرياؤنا ومليارديراتنا غير جمع المال وحراسته و "مصه" من الميزانيات العمومية والخاصة !!؟ أما من امتلك ثروته من تعبه وذكائه وتضحياته فله أن ينفقها أينما شاء دون أن يعفيه ذلك من تخصيص جزء منه للعمل الخيري والتفكير في ملء حسابات يوم الحياة الدائمة.