السلسلة الثانية لقد أردت عام 1952القيام بتجربة مثلها في هيئة شباب التحرير وكان الاتجاه معي أول الأمر، لكن في النهاية تغلب توجيه جمعية الفلاح الأمريكية وأشتات المنتفعين الذين أرادوا هيئة التحرير بالصورة المهلهلة التي وجدت بها والتي تخالف ما كنا اتفقنا عليه. كنا قد اتفقنا على استبعاد استخدام القوة وسيلة لتغيير نظام الحكم أو إقامة النظام الإسلامى بل وأخذنا بمبدأ من اعتدى عليكم فاعتدى عليه بمثل ما اعتدى عليكم، أما السلاح فكان موضوعه له جانبان الأول أنهم أخبروني أنه يصعب الحصول على ما يلزم منه حتى للتدريب وأنهم أخذوا في محاولات لصنع بعض المتفجرات محليًا ونجحت التجارب وتم التصنيع بالفعل والثاني أن علي عشماوى أخبرنى أنه طلب من أخ في دولة عربية قطعًا من الأسلحة حددها له في كشف ثم ترك الموضوع.. وبعد شهرين جاء الرد أن الأسلحة سترسل وذلك قبل الاعتقال الأخير، وكان الشيخ عبد الفتاح إسماعيل غير موافق على التسليح، وقررنا تأجيل الموضوع حتى نبحث الموضوع وضمانات عدم كشفها. وفى أواخر 1960 وكنت في ليمان طرة وقد ساءت حالتى الصحية ولم يعد العلاج في مستشفى الليمان نافعًا وساعدني أهل بيت حسين صدقي في الانتقال إلى مستشفى المنيل الجامعى، وشخصت الحالة بذبحة صدرية وقضيت بالمستشفى ستة أشهر ثم عدت إلى السجن وبعدها إلى المستشفى، ولما ساءت حالتي في المرة الثالثة صدر عفو صحي وخرجت من السجن.
سيد قطب والمدرسة الإخوانية الجديدة بين المؤكدين والنافين
مع كل احتكاك سياسي بين جماعة الإخوان المسلمين في مصر والنظام السياسي المصري تثور إعلاميا قضايا الاتهامات المجانية التي تتهم فيها الجماعة بالإرهاب والعنف والتكفير من طرف رموز العلمنية في مصر عبر وسائل الإعلام المختلفة التي تربط بين تصرفات الإخوان في مصر وبعض ممثليها في بعض البلدان الإسلامية أو من كانوا بالأمس من الإخوان المسلمين أو يتعاملون معهم، ويكون دائما فكر سيد قطب رحمه الله في قلب النقاش والحوار والاتهام، وتنشط قيادات الجماعة في حملات الرد الفكري بين نافٍ ومؤكد لأفكار سيد قكب رحمه الله، وبعد الهجمة المركزة على كتابات سيد قطب وارتباطها بجماعة الإخوان المسلمين نستعرض هنا رأيين بارزين في القضية الأولى للدكتور محمد عبد الرحمن عضو مكتب الإرشاد للإخوان في مصر (يحسب إعلاميا على مايسمى جماعة القطبية التي دخلت الإخوان سنة 1965) والدكتور إبراهيم الهوضيبي حفيد المرشد الخامس للإخوان المسلمين مأمون الهوضيبي يقول محمد عبد الرحمن وهو يدافع على سيد قطب ويبرؤه من تهم التكفير والعنف :ينبغي على مَن يحكم على كتابات الشهيد سيد قطب أن يستخدم الأسلوب العلمي المحايد، وأن يتجرد من أي انحياز نفسي يكون متأثرًا بموقفه من التيار الذي ينتمي إليه، أو متحاملاً على شخصه وذاته، أو شاعرًا بالغيرة منه. إن أي كاتب إذا أردنا أن نحكم على آرائه أو نستوضحها لا يكتفي بمجرد قراءتنا وفهمنا لبعض ما كتب وإنما يكون هذا من خلال أسلوب علمي محدد يحقق مبدأ "التثبت والتبين". 1. إما أن يكون بمناقشته فيما كتب واستيضاح ما يقصد. 2. وإذا كان غير موجود، فننظر إلى سلوكه وآرائه العملية، لنفهم في ضوئها مقاصده ومعتقداته. 3. وكذلك أن ننظر في كلماته كلها ولا نجتزأ منها سطورًا. 4. وإذا كان الكاتب قد سطَّر آراء ثم رجع عنها بعد ذلك وأعلن عدم رضائه، فلا ينبغي أن نحاسبه عليها بعد ذلك، مثلما فعل الشهيد عندما أعلن عن عدم رضائه عن كتابه "العدالة الاجتماعية في الإسلام" وأن به بعض الأخطاء وسيحاول إعادة كتابته، وكان هذا الكتاب في بداية توجهه الإسلامي وقبل التزامه بجماعة الإخوان المسلمين. 5. كذلك علينا ألا نحاسبه فيما فهمه بعض الناس عندما طالعوا كتاباته وإنما ماذا كان يقصد وما هو فهمه؟ فهل كان الشهيد يكفر الناس حكامًا ومحكومين؟ وهل كان يصف هذه المجتمعات بالجاهلية، أي بالكفر والخروج عن الدين؟ وهل كان ينتهج منهج العنف والانعزال؟ إننا إذا طبقنا المنهج العلمي في الدراسة والتقييم لوصلنا إلى نتيجة قطعية بالنفي لهذه الاتهامات. لقد كان الخطأ في حقيقته عند هؤلاء الذين أرادوا أن يفهموا فهمًا معينًا ويحملوا باقي كلامه على هذا الفهم على رغم أن حياته العملية وأقواله وكتاباته ومَن عاشوا بالقرب منه تقطع بابتعاده عن هذه المفاهيم. أو نجد البعض يقفون عند بعض الألفاظ ذات الدلالة الأدبية ويجردونها عن سياقها ولا ينظرون إلى أن الكاتب كان أديبًا ولا يقصد المعنى الذي ذهبوا إليه مطلقًا. كان مقصد سيد قطب بكلمات الجاهلية: القيم والمفاهيم، وليس الأشخاص أو الناس في المجتمع، لقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر- رضي الله عنه- عندما أخطأ مرةً "إنك امرؤٌ فيك جاهلية". وما ذكره هو من لفظ الحاكمية وضحه في أماكن أخرى، حيث يقصد بها تأكيد المرجعية لشرع الله وضرورة تطبيقه، وما ذكره عن انتساب الناس للإسلام بحكم شهادة الميلاد هو كلام عام ذكره غيره من العلماء الذين سبقوه ولم يتهمهم أحد بادعاء التكفير. يتبع….