وسيروا في مناكبها أنني منذ سنتين .. ومع الإصابات الأولى لمرضى الإيبولا في غينياكوناكري،كنت هناك ليس كشاهد عيان، ولكن المقادير تصادفت والإصابات الأولى تتهاطل، ورغم طمأنتي من طرف وزير" الدفاع " عفواُ " الصحة"، الذي كان يؤدي هذا الدورالحيوي محاربة هذه الآفه التي كانت تقضي على مكونات الدولة وأركانها، فكنت في مدينة كنديا لدورة حول القانون الدولي الإنساني، وبدأت الأخبار تتوالى أمام تطمينات المسؤولين، على أن الحالة عابرة ويمكن التحكم فيها وهي محددة في غينيا الغابية فقط، إلا أن ما سمعته من المرأة الأولى(زوجة رئيس الدولة |)، والتي تملك جمعية خيرية، والعديد من الوزارء كذبّت توقعاتهم، بل إيبولا كانت كالتسونامي غيّر من حياة الغينين، وأوقف العديد من برامج التنمية، والتنمية الديمقراطية التي عرفتها الدولة.. ونت بصدد إعداد ندوة كبيرة تضامناُ مع غينيا إلا أنه فيما بعد ألغيت كل شيء، فالعديد من الضيوف والمدعوين الغوا التزاماتهم، وذلك لخوف مشروع. ولما تتجول عبر كوناكري، أو العديد من المدن الغنية، تلاحظ أن تفشي المرض ليس قدرا محتوماُ بقدر ماله مسببات عديدة، من ذلك تهري البنية التحتية، وهشاشة الهياكل الصحية، وتفشي الفوضى والزبالة وانعدام النظافة والمجاري والبنية الصحية الضعيفة، ضف إلى ذلك التداخل "المفضوح" بين الإنسان والحيوان والبيئة، مما جعل هذا المرض يلقى رواجا ومرتعا، وبيئة خصبة للنمو فتوسع وامتد للدول المجاورة إلىكل من ليبيريا وسيراليون، والتي كانت معهم قصصا أخرى ستكون موضع حلقات لاحقه.. فغنيا كوناكري، وبخروجك عن العاصمة مازال أفرادها وكأنهم يعيشون العصور الحجرية ولم تطو بعد صور الأنوار، ولذلك حذار من الأكل والمبيت والحشرات التي قد تغزوك إن لم تتخذ العديد من الاجراءات والتدابير الوقائية، وهذه ليست ببدعة البلد، ولا قدرا محتوما بقدر ماهو مخلفات وسياسات الاستعمار، الذي حاول تجهيل أبنائها، وعدم وجود بنية تحتية، ضف إلى ذلك معدلات الفساد والرشوة، والجهل، والفقر المرتفعة، كل هذه التوابل هي التي صنعت "ايبولا" والعديد من الأمراض الأخرى، وذلك قد لا يعني قدرا محتوما، بقدر ما تحمس لديهم العزيمة والوعي لمحاولة الخروج من هذه المستنقعات، وما توفيقي إلا من الله..