مشفى الأمراض النفسية "جوانفيل" أو "دريد حسين" يبدوان المكان الطبيعي لمن يثير في جزائر اليوم ويناطح غيره حول (الخلاف بين معاوية بن أبي سفيان و لي بن أبي طالب) ..وهو أمر لعمري يخلف مرارة وحزنا على ما آلت إليه النخبة في بلادنا من ضياع وشتات وانحراف عن جادة الواقع حتى باتت مصابة بنكوص مزمن لا علاج له إلا باعتزال هؤلاء الشأن العام والانصراف لإصلاح شؤون عقولهم العالقة في منعطف سحيق من تاريخنا الإسلامي ! تنهار عملتنا الوطنية "الدينار" فلا تتحرك ضمائر وأقلام نخبة مغيبة بمشكلات قد خلت ولا يهمها كيف صار وضع السائح الجزائري من ذلة ومسكنة في بقاع الأرض بفعل تهاوي قيمة الدينار الجزائري الأضعف من عملة ليبيا الشقيقة التي تمزقها الحرب ولا داعي للمقارنة بين عملتي الجارتين الأقرب تونس والمغرب ! تتهدد مدرستنا ومنظومتنا التربوية مغامرات إيديولوجية ترغب في تنفيذ أضغاث أحلام ما تبقى من إيديولوجية اليسار الأحفوري التي رمت إلى بحيرة الجدال حجر اللهجة المحلية وإدراجها في التعليم في مدرسة تعاني أصلا من اهتراء مناهجها وصعوبة مواكبتها للتطور السريع في العالم ..ومع هذا الوضع البئيس تصر أصوات على المضي في غيها لربط المزاج العام بجدليات لا تسمن ولا تغني من تخلف ولو علم بها بن أبي سفيان و بن أبي طالب لضحكا عليهم ملء شدقيهما ولأوصيا بهما "دريد حسين" خيرا! أليس من العاجل أن يحال على طبيب الأمراض العقلية من يتخاصم ويخاصم ويقاتل ويفجر ! من أجل خلاف مات طرفاه منذ أكثر من أربعة عشر قرنا ونيف وهم في المقابل لا ينزعجون من سرقة "السبابط" في المساجد ولا نهب المال العام كما لا يثير حفيظتهم منظر القمامة المترامية في شوارع المدن والبلدات والقرى دون أن تتحرك فيهم خلية وعي واحدة ولا شعرة تفكير! أنا حزين جدا لمثل هذا الوضع وما تمنيت أن أعيشه ..فكيف يسجن مصور الفيديو الذي التقط صورا للسرقة ويبقى السارق حرا غير مدان ! كيف يلام من يصور قمامة عشوائية على أنه متآمر على سلامة الوطن وأمنه القومي !؟ المصيبة بل الطامة الكبرى حين يصبح منظر"الزبل" في الشارع عاديا لا يزعج أحدا رغم أنه يطارد عيوننا "زنقة زنقة" دون أن نتصرف فرديا وجماعيا لتنظيف محيطنا وبيئتنا أما إذا ما حدثت حركة فإنها ستكون للأسف ضد من أثار قضية النظافة التي تعلمنا في مدارسنا أنها من الإيمان وأن الوسخ من الشيطان …فالأخطر إذن هو حينما يعشش"الزبل" في الوعي والشعور وتتسخ الأنفس فلا تستنكف الفساد ومناظر القمامة وتراها تراثا وأمنا وطنيين..سامحوني إنني لا أرى الفجر قريبا !!