اقتصاديون: احتياطي الذهب والأصول الخارجية في خطر تتسارع الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد وتوحي بأن أخطارا كبرى ستتهدد الجزائريين خلال الثلاث سنوات القادمة، هذا كله يقع على مرأى من الحكومة التي لم تتخذ إلى حد الساعة إجراءات حقيقية تنم عن وعيها بالخطر الذي يهدد الجزائريين في لقمة عيشهم، فخطاب الساسة التطميني لم يعد مجديا بحسب اقتصاديين تحدثت معهم "الحوار" عن توقعاتهم واستشرافهم لمستقبل البلاد على المديين القريب والمتوسط، اعتبروا فيها الجزائر زبونا محتملا لصندوق النقد الدولي في المرحلة القادمة، خاصة في ظل تآكل احتياطي صرف البلاد وانهيار العملة الوطنية وعدم وجود سياسة واضحة للاستثمار في الموارد الداخلية على غرار السياحة والفلاحة والصناعة. الوضع يزداد تعقيدا يزداد الوضع الاقتصادي تعقيدا خاصة في ظل بقاء أسعار النفط على أسعارها المتدنية، وذلك بعد انهيارها إلى أكثر من 60 بالمائة في أقل من عام وهو ما لم تتوقعه الجزائر، ولم تتحمله موازنتها العامة، حيث أن بقاء سعر البرميل أكثر من 6 دولارات فقط عن السعر المرجعي الذي تقوم عليه ميزانية الدولة ينبئ بانهيار وشيك للاقتصاد الوطني خاصة في حال استقراره على هذا السعر مدة طويلة. الأوضاع الدولية ليست في صالح الجزائر إصرار العربية السعودية ودول الخليج على عدم تخفيض الإنتاج وإبقاء السقف على ما هو عليه الآن والمحافظة على السعر الحالي المتأرجح بين 40 و50 دولارا أمريكيا، إضافة إلى عودة الجمهورية الإسلامية إلى سوق النفط بقوة بعد إنهاء خلافاتها مع القوة الستة وتجميد برنامجها النووي، صبت في غير صالح الجزائر التي ستكون أكبر المتضررين خاصة عند عودة إيران إلى الإنتاج بكامل طاقتها والتي قد تصل إلى قرابة 3 ملايين برميل يوميا، وكانت إيران قد صدرت منتجات بترو كيماوية بقيمة نحو 14 مليار دولار في 2014 انخفاضا عن صادراتها عام 2011 والتي كانت بقيمة تتجاوز 18 مليار دولار. وتعد إيران أحد أكبر منتجي النفط والغاز في العالم، وهي مؤثرة جدا في خفض ورفع الأسعار. تآكل الاحتياطي سجل احتياطي الصرف تراجعا حادا حيث بلغ 159 مليار دولار نهاية مارس الماضي 2015 مقابل 178 مليار دولار عند نهاية شهر ديسمبر 2014 بفعل الصدمة الخارجية الناتجة عن التراجع المعتبر في أسعار النفط، حيث أدى عجز ميزان المدفوعات "الناتج عن الصدمة الخارجية إلى جانب ارتفاع عجز حساب رأس المال وكذا تداعيات التقييم السلبي إلى انخفاض إجمالي احتياطي الصرف (خارج الذهب) إلى 918.159 مليار دولار نهاية مارس 2015 مقابل 938.178 مليار دولار نهاية ديسمبر 2014، ويعكس هذا الوضع انكماشا معتبرا في احتياطي الصرف الرسمي، وقال البنك المركزي الجزائري مؤخرا في تقرير استعرض مختلف التغيرات التي طرأت على الوضعية المالية الخارجية بفعل الصدمة الخارجية. وعلى الرغم من هذا التراجع أكد بنك الجزائر أن المستوى الحالي لاحتياطي الصرف "يبقى في وضع ملائم لمواجهة الصدمة الخارجية وذلك راجع إلى المستوى المتدني للدين الخارجي الذي بلغ 3.383 مليار دولار نهاية مارس 2015. صندوق ضبط الإيرادات إلى الإفلاس تسجل الميزانية الوطنية عجزا ماليا كبيرا خلال المرحلة الحالية يهدد إمكانية تمويل المشاريع الإستراتيجية التي تعول عليها الحكومة كثيرا خلال المرحلة المقبلة، حيث تكشف التقارير الحكومية أن صندوق ضبط الإيرادات لا يحوي سوى 46 مليار دولار فقط، وهي سيولة مالية قابلة للانخفاض خلال المرحلة المقبلة في ظل تراجع واردات الجزائر من المحروقات بعد انخفاض أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها منذ الأزمة المالية العالمية سنة 2008، والوضعية الحالية التي يمر بها صندوق ضبط الإيرادات تعد هي الأسوأ على الإطلاق منذ سنوات، خاصة أن الحكومة تعتمد عليه بشكل كبير في سد العجز في قوانين المالية منذ إنشائه سنة 2000 ضمن الحسابات الخاصة بالخزينة العمومية، حيث يحوي الصندوق حاليا ما يقارب 46 مليار دولار فقط، حسب التقارير الدورية لوزارة المالية، خاصة بعد اقتطاع ما يقارب 2288 مليار دينار لموازنة ميزانية 2012 وهو ما سبب عجزا كبيرا في الصندوق، رغم بلوغ أسعار النفط آنذاك سقف 115 دولار، في وقت يرتقب أن يقتطع منه ما يعادل ثلاثة أضعاف هذا المبلغ خلال نهاية السنة الجارية مع وصول أسعار الذهب الأسود إلى أقل من 50 دولارا للبرميل، وهو ما يشير إليه الخبراء بالخط الأحمر، أي أن ما يحتوي عليه الصندوق حاليا لن يكفي الجزائر سوى 6 أشهر لمعادلة ميزانية 2015 في ظل استمرار سياسة الإنفاق العمومي الحالية، على الرغم من تعالي الأصوات العمومية المنادية بترشيد النفقات العمومية. مبتول .. سنزور صندوق النقد بداية 2019 يرى الخبير الاقتصادي، عبد الرحمان مبتول، أن استمرار الوضع الاقتصادي على حاله سيعجل بذهاب الجزائر إلى صندوق النقد الدولي من أجل الاقتراض خلال السنتين القادمتين. ودق مبتول ناقوس الخطر حيث اعتبر سياسات الحكومة هي من قادت البلاد إلى الوضع الكارثي الحالي، خاصة في ظل اعتمادها على حسابات خاطئة وعدم استشرافها للأزمة التي كانت تبدو واضحة للكثير. وأشار المتحدث إلى أن هامش المناورة بالنسبة للحكومة بات ضيقا باعتبار أن الوقت أصبح عامل ضغط عليها من اجل إيجاد حلول سريعة تنقذ البلاد من ورطتها الاقتصادية التي يمكن أن تعيد سيناريو تسعينيات القرن الماضي. من جهة أخرى دعا ذات المتحدث إلى ضرورة اتخاذ إجراءات سريعة تحد من نزيف احتياطي الصرف التي تتآكل بسرعة على غرار أموال صندوق ضبط الإيرادات، مقترحا ان تفتح الحكومة باب الاستثمارات الأجنبية إضافة إلى استثمار الحكومة نفسها في مجال الزراعة والسياحة والصناعة من أجل الحد من النزيف المالي الذي تعيشه البلاد. مصيطفى .. احتياطي الذهب وأصول الخارج مهددة قال الوزير السابق والخبير الاقتصادي بشير مصيطفى إن احتياطي الجزائر من الذهب وأصولها الخارجية مهددة بالزوال في حال استمرار الوضع الاقتصادي للبلاد في التراجع على المدى المتوسط والقريب. وأكد مصيطفى بأن الجزائر لن تجد سوى احتياطها الذهبي البالغ 173.6 طن، وأصولها الخارجية المقدرة ب 5 مليار دولار بنسبة فائدة 4 بالمائة، لتتصرف فيها حال نفاد احتياطها النقدي الذي يتآكل بسرعة كبيرة وذلك رغم عدم نجاعة هذا الحل. واعتبر المتحدث الحل الوحيد الذي يمكنه أن ينقذ الاقتصادي الوطني حاليا هو الاستثمار الفعلي في الموارد الداخلية على غرار السياحة التي يمكنها أن تحقق موارد ضخمة للبلاد في حال اتباع الحكومة سياسة تشبه سياسة بعض الدول السياحية المجاورة خاصة وأن الجزائر تتوفر على مواقع سياحية كبيرة تبقى غير مستغلة في ظل إهمال قطاع السياحة، الزراعة أيضا اعتبرها الخبير الاقتصادي قطاعا يجب أن تستثمر فيه الحكومة وذلك من أجل خفض فاتورة الاستيراد التي باتت تثقل كاهل الميزانية. وشدد المتحدث ذاته على ضرورة تحرك الحكومة بسرعة في مختلف المجالات لأن الوقت ليس في صالحها، خاصة إذا علمنا بأن أسعار النفط تعرف خسارة تلو الأخرى منذ أكثر من سنة وهو بطبيعة الحال ما يجعل الحكومة في سباق ضد الزمن من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه على الأقل. سفيان- ب