"الجزائر ستستنزف احتياطي الصرف خلال 5 سنوات وسنعود إلى برامج إعادة الهيكلة" - التقارير الأجنبية المطمئنة بشان احتياطي النفط أخلطت حسابات السلطة -ثلث مداخل سوناطراك مهددة بسبب تراجع أسعار الغاز - 86 بالمائة من احتياطي الصرف مودع بالخارج والأموال ستذوب خلال 5 سنوات أثارت التحذيرات التي أطلقها محافظ بنك الجزائر، بخصوص تراجع إيرادات البلاد، ردود أفعال خبراء ماليين، حذروا من احتمال تراجع احتياطي الصرف، وقال الخبير الاقتصادي، عبد الرحمن مبتول، بأن احتياطي الصرف الجزائري سيذوب خلال 4 أو 5 سنوات، إذا ما استمرت الحكومة في تنفيذ نفس السياسية الاقتصادية الحالية المبنية على توزيع الريع النفطي دون مقابل اقتصادي، ودعا إلى فتح نقاش وطني حول أموال الجزائريين المودعة بالخارج، وحذر من إمكانية تحول احتياطي الصرف بالخارج إلى ورقة ضغط بيد الأجانب. حذر الخبير الاقتصادي، عبد الرحمن مبتول، من مواصلة سياسة الإنفاق الحالية التي قد تؤدى بالبلاد إلى حافة الإفلاس، وقال "لا يمكن مواصلة تنفيذ السياسة المتبعة حاليا في مجال الإنفاق لا بد أن نأخذ بعين الاعتبار تراجع أسعار النفط خاصة وأن 98 بالمائة من مداخيل الجزائر تأتي من المحروقات" موضحا بأن أي تراجع في الأسعار سيكون له تأثير سلبي على الجزائر. مشيرا بان سياسة الإنفاق العمومي مبنية على أساس سعر نفط يعادل 110 دولار للبرميل، منها 70 دولار لميزانية التسيير و 45 دولار لتمويل ميزانية التجهيز. وقال مبتول في تصريح للنصر أن التقرير الذي عرضه محافظ بنك الجزائر، جاء ليؤكد ما يردده الخبراء منذ فترة، وهو أن "الجزائر لا يمكنها الاستمرار في سياسة توزيع الريع دون إنتاج حقيقي"، وأضاف مبتول "اعتمدنا على سياسة توزيع الأجور وإقرار زيادات دون أن تكون لهذه الزيادات أي مقابل اقتصادي" وهي سياسة تهدد التوازنات المالية. وحذر مبتول، من خطر تراجع احتياطي الصرف، والذي انخفض بمليار دولار منذ بداية السنة، ووصف مبتول هذا الانخفاض ب"الكارثة" وقال بعد 3 أو 4 سنوات سنستهلك الاحتياطي النقدي وعندها ستعود الجزائر إلى نقطة الصفر وتواجه أزمة مالية تكون مشابهة للازمة التي عرفتها في 1986، وربط عبد الرحمن مبتول، هذا الانخفاض، بالتحولات التي حدثت في سوق الطاقة العالمية، مع بروز الولاياتالمتحدة كلاعب رئيسي في سوق النفط والغاز، وقال بان الولاياتالمتحدة ستصبح في 2017 أول مصدر للنفط قبل العربية السعودية، ما سيؤثر على صادرات النفط الجزائرية، خاصة وأن 30 بالمائة من النفط الجزائري يسوق في الولاياتالمتحدة. وبحسب المحلل الاقتصادي، فان الخطر الذي يتهدد الجزائر، لا يخص النفط فقط، بل يتعداه إلى صادرات الجزائر من الغاز، خاصة بعدما أبدت كل من ايطاليا واسبانيا رغبتها في خفض وارداتها من الغاز بسبب ارتفاع الأسعار، وتفضيل هذه الدول التوجه نحو الأسواق الحرة، ما قد يشكل ضربة موجعة لشركة "سوناطراك" وإيرادات الجزائر مستقبلا. واعتبر مبتول، بأن تراجع مداخيل الجزائر سيشكل تهديدا على الأمن القومي. خاصة في حال تراجع الأسعار إلى مستويات متدنية، سينجم عنها مشاكل اجتماعية وسياسية وربما أمنية، وقال بان السلطات مطالبة بدراسة كل الفرضيات والاستعداد للأسوأ، خاصة وان 40 بالمائة من مداخيل الجزائر تأتي من الغاز الطبيعي، وفي حال تراجع صادرات الجزائر، سيؤدى ذلك إلى انخفاض الإيرادات، مشيرا بان بعض التقارير الأجنبية، بشان احتياطي الجزائر من المحروقات، والتي اعتمدت عليها الحكومة، حملت العديد من المغالطات واخفت الحقائق بخصوص تراجع احتياطي النفط الجزائري، مضيفا بان السلطات الجزائرية لم تقم بما يجب القيام به لمعالجة الأوضاع عندما كان الوقت متاحا لذلك. ويرى المتحدث، بان الإشكالية الكبرى لا تتعلق بأسعار النفط، التي قد تستقر في أسوء الأحوال في حدود 90 دولارا للبرميل، لكن المشكل الحقيقي الأكبر يكمن في أسعار الغاز، موضحا بان تراجع الأسعار إلى مستويات متدنية، يهدد مردودية أنابيب نقل الغاز الطبيعي التي تربط الجزائر بكل من اسبانيا وايطاليا، موضحا بان قرار تأجيل انجاز مشروع "غالسي" الذي يربط الجزائر مباشرة بايطاليا خير دليل على التهديدات التي قد تعصف بصناعة الغاز الجزائرية. وحذر مبتول، من احتمال تراجع إيرادات سوناطراك من الغاز إلى ثلث مستواها حاليا في حال انخفاض الأسعار دون 11 دولار، مؤكدا بان الحديث عن ربط أسعار الغاز بالبترول أصبح لا معنى له، مشيرا بان المفوض الأوروبي للطاقة، الذي سيزور الجزائر قريبا، سيحمل معه شروطا أوروبية قد تقضى على سوق الغاز الجزائرية، موضحا بان معلومات تفيد بان الأوربيين سيمارسون ضغوط على الجزائر لخفض الأسعار بالنسبة لعقود توريد الغاز المتوسطة وطويلة الأجل. واعتبر الخبير الاقتصادي، بان تراجع أسعار النفط والغاز، وانخفاض مداخيل الجزائري، سيؤثر على احتياطي الصرف، مضيفا بان هذا الاحتياطي الموجه لتخفيف الصدمات الخارجية، سيذوب وينتهي نهائيا بعد 4 أو 5 سنوات من الاستيراد، وقال بان 86 بالمائة من احتياطي الصرف بالخارج في الخزانة الأمريكية، وسندات سيادية أوروبية. وبحسب المتحدث، فان الجزائر قد تواجه مشاكل لسحب الأموال المودعة في الخارج قبل الآجال المتفق عليها، وقال "هناك عقود وعندما تريد سحب الأموال لا يعنى أن ذلك سيكون ممكنا بسبب الأوضاع المالية التي تعيشها الدول الأوروبية وحتى في حال سحبها سيتم إلغاء معدل الفائدة". وأضاف قائلا "دول مثل ايطاليا أو اسبانيا تواجه مشاكل مالية قد تحول دون تمكن الجزائر من استعادة أموالها أن رغبت في ذلك". ودعا مبتول، لفتح نقاش وطني حول احتياطي الصرف، والسياسة المتبعة في تسيير هذا الاحتياطي المودع بالخارج، وأضاف قائلا "يجب قول الحقيقة للجزائريين"، وقال بان الجزائر قد تدخل في مرحلة الخطر، بسبب بعض القرارات التي تم اتخاذها، وتوقع أن تستمر نفس القرارات حيز التنفيذ لأشهر قادمة وقال "هامش المناورة غير متاح ولا يمكن للحكومة تقليص الأجور أو تسريح العمال خاصة وان مواعيد انتخابية هامة على الأبواب". واعتبر مبتول، بأن الوقت مناسب لإدخال بعض التعديلات القانونية، لتسهيل الاستثمارات، داعيا إلى إلغاء قاعدة (49-51) المسيرة للاستثمارات الأجنبية وحرصها في القطاعات الإستراتيجية، موضحا "لا افهم لماذا يتم فرض القاعدة على كل المشاريع بما فيها مشاريع لإنتاج الحلوى أو الشكولاتة المهم هو خلق الثورة ومناصب الشغل والحرص على عدم تحويل الأموال إلى الخارج"، وأضاف بان الحكومة يمكنها أن تفرض ما يسمى "الأقلية المعطلة" في مشاريع الشراكة، وانتقد بعض الخيارات الاقتصادية التي يتم تطبيقها حاليا والتي تعيد الجزائر إلى سنوات السبعينات، مشيرا بان السلطات الجزائر تدفع تكلفة إضافية في مشاريع الشراكة بسبب القوانين المفروضة، وضرب مثالا بمشروع "رونو" وقال بان الحكومة تتحمل كل الأعباء الإضافية لهذا المشروع.