انتقد خبراء اقتصاديون بشدة مقترح وزير التجارة بختي بلعايب القاضي باللجوء إلى الاقتراض من الصين قصد استكمال المشاريع التنموية التي جمدت بعد الصدمة الاقتصادية التي تلقتها الجزائر جراء الانهيار المستمر لأسعار البترول منذ بداية العام الجاري، والتي خلقت عجزا في الموازنة بالنسبة لسنة 2016 مقدرا ب28 مليار دولار، حيث أجمع الخبراء من الذين استقصت آراءهم "الحوار" على خطورة الإجراء معربين عن تخوفهم من سقوط الجزائر في فخ 1993. قدر كاتب الدولة الأسبق لدى الوزير الأول للاستشراف والإحصاء والخبير الاقتصادي بشير مصيطفى في حديث ل"الحوار"، قيمة القروض التي تعتزم الحكومة طلبها من دولة الصين ب7 مليار دولار، رغم رفض وزير التجارة وصاحب المقترح بختي بلعايب الكشف عن قيمة القرض ونسبة فوائده، متوقعا مصيطفى توجيهه إلى تمويل المشاريع المبرمجة خلال الخماسي 2014-2019 والتي سقطت منه لعدم استيفاء الغلاف المالي، ضاربا مثالا بمشاريع السكن التي قدرها بمليوني سكن، بالإضافة إلى مشروعي مينائي بجاية وشرشال، ناهيك عن الطريق السريع، وكذا ترامواي سطيف وغيرها، التي جمدت في إطار سياسة ترشيد نفقات وصرف الميزانيات الضرورية فقط قصد مجابهة تبعات الأزمة الاقتصادية. واستغرب مصيطفى من لجوء الحكومة إلى الاستدانة من الصين لاستكمال مشاريع عالقة، في حين تمتلك احتياطي صرف يبلغ 159 مليار دولار و18 مليار دولار إيرادات من المحروقات، بالإضافة إلى 5 مليار دولار لدى صندوق النقد الدولي، ورصيد قدر ب6 مليار دولار من سندات الخزينة الأمريكية، مما يؤكد عدم عجز الدولة ماليا ولا وجود لضغط مالي عليها، خاصة وأن الفوائد المخصبة على القروض الصينية التي تعتزم الجزائر طلبها والمقدرة ما بين 2,5 إلى 3 بالمائة قادرة على خلق مشكل اقتصادي آخر للجزائر يقضي بتسديد الديون في الوقت التي لا تمتلك ضمانات بارتفاع أسعار النفط، متخوفا مصيطفى من تكرار سيناريو 1993 الذي من شأنه إيقاع الجزائر في فخ توجيه أموالها لتسديد الديون في الوقت الذي يستوجب عليها تمويل الاقتصاد. من جهة أخرى فضل مصيطفى لجوء الجزائر لاستكمال مشاريعها المبرمجة إلى الاستدانة الداخلية بدل الخارجية، مسلطا الضوء على التمويل العمومي، الذي بقي الخيار الوحيد بعدما سجلت الخزينة العمومية عجزا ب28 مليار دولار في 2016. هذا وسار الخبير الاقتصادي فارس مسدور في نفس التوجه مع مصيطفى، حيث أكد في اتصال هاتفي مع "الحوار"، أنه "مصدوم" من مقترح وزير التجارة بختي بلعايب باعتباره قرارا خطيرا، مبديا استغرابه من إجراء مماثل والجزائر تمتلك احتياطي صرف يبلغ 159 مليار دولار، ضاربا تصريحات الوزير التي قال فيها بأن مقترحه مجرد إجراء اقتصادي عادي عرض الحائط، بتأكيده أن الاستدانة الخارجية ليست عادية ولا يمكن للجزائر أن تقارن نفسها بالولايات المتحدةالأمريكية كون للأخيرة اقتصادا جد قوي وبإمكانها طبع الدولار، متسائلا عن مدى إمكانية إسقاط الوضع الاقتصادي الأمريكي على الجزائر وبلادنا لا تنتج شيئا. وكان وزير التجارة بختي بلعايب قد اعترف منذ يومين إلى جانب وزير المالية عبد الرحمن بن خالفة، ورئيس منتدى رؤساء المؤسسات علي حداد بلجوء الحكومة إلى طلب قرض مالي من جمهورية الصين الشعبية، مؤكدين أنه لم يتم بعد تحديد قيمته ولا نسبة فائدة خدماته، مجمعين أن نفع هذا القرض سيكون كبيرا على الاقتصاد الوطني، كما رفض وزير التجارة وصف الإجراء بالعودة إلى الاستدانة، فهو في نظرهم مجرد إجراء اقتصادي عادي لتجسيد مشاريع ذات مردودية، حيث لم يستبعد الوزير إمكانية منح الصينيين صفقة تسيير ميناء شرشال الكبير الذي يمثل أكبر ميناء في إفريقيا، قائلا "أنا لم أتحدث عن القرض من فراغ، هو مشروع قائم وسأعطيكم تفاصيله في الوقت المناسب"، وأعرب الوزير عن استغرابه من الضجة التي أثارها القرار، واصفا إياه بالإجراء الاقتصادي العادي الذي تلجأ إليه كافة الدول.