من المرتقب أن يتوجه وزير التجارة بختي بلعياب إلى العدالة لمقاضاة مافيا الفساد واللوبيات التي هددته، بعد رفعه "سيف الحجاج" في وجهها، وكشفه تلاعباتها غير القانونية، هذه الخطوة ستأتي لا محالة استجابة لدعوة وزير العدل حافظ الأختام الطيب لوح، الذي دعا وبلغة الصارم كل من يملك ملفات فساد إلى مساعدة العدالة والمجتمع لمحاربة الظاهرة التي تضرب بأطنابها مفاصل عديد المؤسسات والهيئات، مؤكدا أن أبواب نيابات الجمهورية مفتوحة امام هؤلاء سعيا من الدولة الى بناء قضاء قوي. وينتظر أن يحرك الوزير المخضرم بلعايب قضية أمام العادلة، وهو الذي فجر قضية تلاعب ضخمة بميناء الجزائر، بطلها "لويبي استيراد وتصدير" الذي وبدل أن يستورد المواد الغذائية كما هو مصرح عليه وجدت مصالح قطاع التجارة أنه قام باستيراد حاويات قطع الغيار مستغلا نفوذه وبعض الأطراف من وزارة التجارة والمصالح الجمركية لإخراج هذه الحاويات من الميناء وهدد إطارات من وزارة التجارة، رغم علمه بأنه مخالف للتعليمات التي اتخذتها مصالح وزارة بلعايب بتزكية من الحكومة من أجل تقليص فاتورة استيراد السيارات وقطع الغيار بغية الاستثمار في المجال محليا عن طريق الشراكة، قصد تنويع الاقتصاد الوطني لتجاوز الأزمة المالية الخانقة التي تمر بها البلاد عقب تراجع اسعار المحروقات في السوق العالمية. الوزير بختي بلعياب الذي خرج أمام الرأي العام ليؤكد وجود العديد من قضايا الفساد من هذا النوع، رغم استفراده بهذه القضية التي تخص تلاعبا وتصريحات تجارية كاذبة قام بها هذا شخص الذي قال بشأنه إنه محمي من طرف أوساط دون أن يسميها، وصلت به الجرأة إلى تهديد اطارات من وزارة التجارة في حال عدم التوقف عن إزعاج ممارساته غير القانونية، ينتظر منه بلعايب تحريك قضية في العدالة، استجابة لموقف وزير العدل الطيب لوح، خاصة وهو الذي أكد في ندوة صحفية جمعته مؤخرا بجمعيات حماية المستهلك بأنه سيتابع كل ملفات الفساد التجاري وبكل قوة من أجل القضاء على ما سماه التلاعبات الكبيرة وكشفه أن هناك تلاعبا كبيرا في مجال الاستيراد، وأوضح أنه سيرمي بكل جهده للقضاء عليها، كونه في حالة متابعة شخصية لعدة عمليات مشابهة. هذا التصريح الذي يؤكد علم وزارة التجارة بوجود ملفات فساد أخرى في أماكن محددة وأبطالها أشخاص محددون، يتوجب على قائدها الوزير بلعايب أن يكشف المستور ويقطع "أخطبوط الفساد"، علما أنه جازم أن معضلة قطاع التجارة تكمن في اللوبيات التي تتحكم فيه من وراء الستار، وهو الذي أصر على أنه يسعى جاهدا للقضاء على هذه العصابات، فإن استطاع ذلك فسيكون قد حرره كما قال من أكبر فيروس ينخره، وإن لم يستطع فسيكون قد اكتفى بالمحاولة. وزير التجارة، وقف كذلك على تجاوزات أخرى ربما تكون أكبر "فظاعة" من سابقتها ممثلة في وجود حاويات فارغة وأصحابها لا يخضعون للقانون والاستدعاءات كون الأمر يتعلق بتحويلات غير قانونية للأموال، فهل يسمح بلعياب باستمرار مثل هكذا تجاوزات ويترك الفساد يستشري ويضرب أطنابه داخل مفاصل وزارته؟ والوزير لوح يحث كل من يملك ملفات فساد على مساعدة الدولة لكشف المفسدين أمام القضاء، علما أنه فتح النار على مافيا ولوبيات أخرى عملت على منع استيراد السيارات المستعملة من الخارج. جدير بالذكر أن وزير العدل حافظ الاختام الطيب لوح قد أكد أن قانون الاجراءات الجزائية واضح كل الوضوح حول دور نيابات الجمهورية في محاربة الفساد، وأن أبوابها مفتوحة أمام كل من له ملفا يتعلق بالفساد.
هل السجال الإعلامي بين بلعياب وأويحيى خلافات سياسية أم قضايا أخرى؟ ويتساءل الكثيرون عن جوهر السجال القائم بين وزير التجارة بختي بلعايب وأويحيى، ان كان محض خلاف في السياسة الاقتصادية والتجارية المنتهجة من طرف الحكومة فقط؟ أم أن بلعايب كان يريد التشهير بأويحيى على انه هو من يقف وراء البارون الفار إلى قطر الذي هدد رجال قطاعه بعد أن فضح أمره؟ أم أنها صراعات قديمة جديدة داخل بيت الأرندي، خاصة أن بلعايب كان من الفاعلين في تقويمية الحزب التي كان يقودها الوزير الأسبق للصحة، يحيى قيدوم، وأطاحت بأويحيى من الأمانة العامة للحزب عندما دفعته للاستقالة جانفي 2013 قبل أن يعود إلى منصبه عاما بعد ذلك؟ وبالعودة إلى بداية الصراع، فكل المؤشرات تشير إلى صحة التأويلات المطروحة، حيث أن بلعايب كان يعي تماما ما كان يقوله عندما انتقد سياسات اويحيى في تسيير بعض الملفات الثقيلة في عهد حكومته وكانت من بين الملفات التي يراها بلعايب بالحملة السلبية على الاقتصاد الوطني عندما قرر تعليق وتجميد استيراد السيارات الأقل من ثلاث سنوات الذي اتخذه صاحب المهام القذرة سنة 2005 ويضاف إليها الفشل الذريع لحكومة أويحيى في انجاح عملية القرض السندي التي أطلقها سنة 2009، وتتعدى انتقادات بلعايب التي طالت مدير الديوان والأمين العام للأرندي إلى قرار تعليق مفاوضات انضمام الجزائر إلى منظمة التجارة العالمية بحجة العلاقات الوطيدة بين فرنسا والاتحاد الأوربي مع الولاياتالمتحدةالأمريكية التي تسيطر على منطقة التبادل الحر. ولا ينحصر هذا الشرخ في هذه النقاط ذات التوجه الاقتصادي، بل يتعدى إلى قضايا فساد قد طرحت نفسها على الواقع، بدليل تصريحات بلعايب الذي تحدث عن تضخيم الفواتير والتلاعب بجودة السلع المستوردة من طرف المتعاملين في مجال استيراد السيارات الجديدة بعد أن جمدت حكومة أويحيى استيراد السيارات المستعملة. واستنادا إلى كل هذه التصريحات النارية التي وجهها بلعايب بطريقته الخاصة لرجل الدولة "اويحيى" الذي اكتفى هذه المرة بإثارة إحدى قضايا الخلاف المطروحة بتوظيف الصفحة الرسمية للأرندي على الفيسبوك بغية تنوير الجزائريين عن موقف حزبه من انضمام الجزائر إلى منظمة التجارة العالمية في مناورة ذكية منه لتبرئة ذمته من تصريحات بلعايب الذي هو على ما يبدو يريد الكشف عن ملفات ثقيلة لقضايا فساد كانت مخبأة في ادراج وزارته تورطت فيها شخصيات من الوزن الثقيل قبل نهاية مساره السياسي والمهني. نورالدين علواش / مناس جمال